سفير أنقرة بمانيلا: تركيا وسيط سلام وتنمية في الفلبين

10:157/10/2024, الإثنين
الأناضول
سفير أنقرة بمانيلا: تركيا وسيط سلام وتنمية في الفلبين
سفير أنقرة بمانيلا: تركيا وسيط سلام وتنمية في الفلبين

- اتفاق السلام في الفلبين وضع نهاية لمأساة مسلمي مورو عبر مفاوضات طويلة لعبت تركيا فيها دور الوسيط بناء على دعوة مشتركة من حكومة الفلبين وجبهة تحرير مورو الإسلامية ** السفير التركي في مانيلا نيازي أورن آقيول للأناضول: - هذا الاتفاق يعكس قوة الدبلوماسية التركية متعددة الأطراف وتقاليدها العريقة في شؤون الوساطة - تزور الفلبين وفود من دول أخرى تشهد صراعات للاطلاع على نموذجها الناجح في السلام - الصراع في هذه المنطقة لم يكن بين المسلمين والمسيحيين بل ارتبط بمعالجة المظالم التاريخية

بفضل وساطة تركية حظيت بإعجاب الأوساط الدبلوماسية حول العالم، وجاءت بناء على دعوة مشتركة من حكومة الفلبين وجبهة تحرير مورو الإسلامية، توصلت الأطراف إلى اتفاق سلام تاريخي وضع نهاية لمأساة مسلمي مورو التي استمرت لأكثر من نصف قرن، وخلفت مئات آلاف القتلى.

وفي استفتاء أجري عام 2019 في منطقة مينداناو ذات الأغلبية المسلمة جنوب الفلبين، تم إعلان منطقة بانغسامورو ذاتية الحكم، وتشكيل حكومة مؤقتة تستمر بأداء مهامها حتى عام 2025.

وفي هذا الإطار، لعبت تركيا دورا مهما في الحفاظ على استقرار المنطقة، وكانت إحدى الدول الوسيطة في عملية السلام التي جرى إرساء دعائمها جنوبي الفلبين.

وفي لقاء مع الأناضول، أشار السفير التركي في مانيلا، نيازي أورن آقيول، إلى أهمية التطورات الحالية في العاصمة كوتاباتو، عاصمة منطقة بانغسامورو ذاتية الحكم، ودور تركيا في الوساطة ومساهماتها في إرساء دعائم السلام والتنمية بالمنطقة.

ولفت آقيول إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين تركيا والفلبين تمتد لأكثر من 75 عامًا، موضحًا أن انضمام تركيا إلى عملية السلام لم يكن بناءً على رغبتها الخاصة في إرساء دعائم السلام فحسب، بل بدعوة من جميع الأطراف.

- ثقة وسلام

وأكد آقيول أن تركيا كانت واحدة من الدول التي ساهمت لفترة طويلة في جهود الوساطة بغرض إحلال السلام في المنطقة.

وقال: "لسنا الوحيدون، هناك دول أخرى أيضًا ساهمت في هذه العملية، لكن بلدنا كان جزءًا رئيسيًا من هذه الجهود لفترة طويلة، وبناءً على ثقة جميع الأطراف وطلبهم، كان لنا دور دائم في هذه العملية".

وأضاف: "المرحلة التفاوضية انتهت الآن. هناك اتفاق وافق عليه الأطراف. تم الآن إنشاء منطقة ذاتية الحكم، ونحن في مرحلة تنفيذ مخرجات الاتفاق".

- جهود تنمية

وأكد آقيول أن تركيا لا تزال تلعب دورًا مهمًا وقياديًا في هذه المرحلة، مشيرًا أن عملية نزع السلاح تُدار تحت قيادة تركيا، وبالتعاون مع شركاء دوليين آخرين.

وشدد على أن دور تركيا لا يقتصر على الوساطة فحسب، بل يمتد إلى المساهمة في جهود التنمية في المنطقة.

ولفت آقيول إلى وجود 8 منظمات غير حكومية تركية تقدم أنشطة تعليمية في المنطقة.

وقال: "ليس من السهل الوصول إلى منطقة تبعد نحو 10 آلاف كيلومتر عن تركيا، وترزح تحت وطأة ظروف مادية صعبة، لكن نجاحنا في كسب حب الناس ذلل تلك المعوقات وساهم في تحقيق تلك الإنجازات في المنطقة".

وأوضح آقيول أن الجامعة التي يجري بناؤها بدعم من تركيا في منطقة بانغسامورو ذاتية الحكم، سوف تساهم في تخريج دفعات من الطلاب الذين سوف يؤدون مستقبلا دورا بارزا في تطوير المنطقة والنهوض بها.

- صراع استعماري

وأشار آقيول إلى أن الصراعات في المنطقة تعود إلى الحقبة الاستعمارية التي بدأت مع وصول القوى الغربية، موضحًا أن الفلبين كانت أحد المناطق التي أظهرت مقاومة كبيرة ضد الاستعمار.

وأضاف: "عندما جاءت القوى الاستعمارية إلى هنا، كانت المنطقة تحت حكم السلاطين الذين كانوا جزءًا من الحضارة الإسلامية في المنطقة، لكن الديناميات الحديثة التي أدت إلى تفاقم هذا الصراع ظهرت في سبعينيات القرن العشرين".

وأوضح آقيول أن النضال الذي استمر بسبب الرغبة المستمرة في نيل الحرية اشتد في الثمانينيات، وتحول إلى صراع عنيف في التسعينيات.

ولافتا إلى أن النضال المسلح بدأ في التحول ببطء إلى مبادرات سلام في الألفيات، قال آقيول إن هذا التحول توج باتفاق شامل بين جبهة تحرير مورو الإسلامية والحكومة الفلبينية المركزية عام 2014، حيث تم الاتفاق على إنشاء منطقة ذاتية الحكم.

- نموذج ناجح

قال آقيول إن اتفاق "مورو الإسلامية" وحكومة الفلبين، قام على إنشاء منطقة ذاتية الحكم داخل البنية السياسية المحلية ووحدة أراضيها، مما يتيح لشعب بانغسامورو الحفاظ على خصوصيته الثقافية والقانونية، موضحا أن تحقيق هذا الإنجاز كان أمرا صعب المنال.

ومؤكدا أن هذا النجاح أصبح نموذجًا يحتذى به على مستوى العالم، قال آقيول: "حاليًا، وفود من دول أخرى تشهد صراعات، تأتي لزيارة الفلبين، للاطلاع على تفاصيل عملية السلام والمسارات التي أدت إلى نجاحها".

وأعرب آقيول عن فخره بمساهمة تركيا في هذا النجاح، مضيفًا: "هذه النتيجة تعكس قوة الدبلوماسية التركية متعددة الأطراف وتقاليدها العريقة في شؤون الوساطة".

وأوضح أن تركيا لم تكتفي بلعب دور الوسيط في هذه المنطقة فقط، بل تواصل جهود الوساطة في العديد من المناطق الأخرى.

وأكد أن كلًا من قادة المنطقة وشعبها، وكذلك الحكومة المركزية، يدعمون الوساطة التركية، وأن الصراع في المنطقة لم يكن دينيًا بين المسلمين والمسيحيين، بل كان يتعلق أساسا بمعالجة المظالم التاريخية.

- مساهمة تركية

أوضح آقيول أن تركيا التزمت بموقف محايد وفعال خلال عملية السلام في الفلبين، ما أسهم في نجاحها، كما ذكر أن وساطة أنقرة لم تشهد وقوع أي مظاهر للكراهية بين المكونات المجتمعية في المنطقة.

وأشار إلى أن تركيا انضمت إلى هذا العملية بناء على اتفاق مشترك ودعوة من حكومة الفلبين وجبهة تحرير مورو الإسلامية.

وقال آقيول إن "الطرفين المتنازعين يدعوان تركيا، الموجودة على بُعد 10 آلاف كيلومتر، للوساطة من أجل إنهاء الصراع".

وختم بقوله إن "هذا دليل على حجم الثقة ببلدنا، هذا حقًا أمر يجب أن نفخر به جميعًا، فهو يظهر مدى تأثير بلدنا، وقدرته على لعب أدوار مهمة في مناطق غير متوقعة".

وأنهى اتفاق السلام المبرم عام 2014 بين الحكومة الفلبينية وجبهة "تحرير مورو الإسلامية"، سنوات من القتال العنيف.

وبموجب اتفاق السلام أسقطت جبهة "تحرير مورو الإسلامية" مطلبها بالانفصال، مقابل حصولها على منطقة حكم ذاتي إسلامية تسمى "بانغسامورو".

وحصل مسلمو مورو الذين حُرموا طويلًا من الحرية على حكم ذاتي موسع عقب استفتاء شعبي تاريخي على قانون بانغسامورو، أجري في 21 يناير/ كانون الثاني و6 فبراير 2019، في جزيرة مينداناو الجنوبية.

وفي 22 فبراير/شباط 2019، أدى مراد إبراهيم، رئيس جبهة تحرير مورو الإسلامية، اليمين الدستورية بعد أن أصبح رئيسا لوزراء الحكومة المؤقتة في بانغسامورو التي تم تشكيلها حديثا للمسلمين جنوبي الفلبين.

وكان من المقرر أن تُسلم الجبهة أسلحتها تدريجيًا، بالتزامن مع إنجاز خطوات اتفاق الحكم الذاتي، على أن تكتمل العملية خلال عام 2022، وتتحول الجبهة إلى كيان سياسي خاضع لقانون الأحزاب.

بيد أن مراد إبراهيم، رجح في 2021، استمرار الفترة الانتقالية اللازمة لتمهيد الطريق للانتخابات حتى عام 2025، مشيرا إلى أن الوقت حتى عام 2022 "لن يكون كافيا لتنفيذ بنود الاتفاقية".

وعقب انتهاء المرحلة الانتقالية، ستجري انتخابات لاختيار أعضاء برلمان المنطقة، والحزب الذي يكسب الأغلبية سيشكل الحكومة.

#الفلبين
#بانغسامورو
#تركيا
#عملية سلام
#مسلمي مورو
#مينداناو
#وساطة