سائحون عرب يتدفقون على المدينة للاستمتاع تحت زخات المطر الخفيفة بالطبيعة الخلابة والمطاعم والمقاهي والمتاحف والأسواق
ما إن يبدأ حلول فصل الشتاء في منطقة السليمانية الساحرة، حتى ترى الآلاف من السائحين العرب يستمتعون بهذه المنطقة الخلابة شتاءً في قلب مدينة إسطنبول التركية.
شباب يلتقطوا صور السلفي، وفتيات ينظرن بصمت إلى إسطنبول، التي تقف شاخصةً أمامهن، وأطفال يلهون في حديقة السليمانية.
ولا تكتمل روعة المنطقة في فصل الشتاء إلا مع زخات مطر خفيفية، وطيور النورس تحلق فوق رؤوس الزائرين، وكأنها ترحب بهم.
تكاد الغيوم تدنو من مآذن مسجد السليمانية، الذي مر على بنائه خمسة قرون، ويطل على بحر مرمرة وأجزاء من إسطنبول الآسيوية ومناطق تقسيم وأمينونو وغلطة سراي، وغيرها من المعالم التاريخية.
تتميز منطقة السليمانية بتربعها على أعلى مكان في منطقة الفاتح، وبها مسجد باسمها والمئات من المطاعم والمقاهي ومحلات البيع بالجملة والدكاكين والمكتبات الثقافية.
في الشتاء، يقضي معظم السائحين العرب أيامًا بين إسطنبول ومدن عديدة أخرى محيطة بها، مثل بورصة، حيث يزورون جبل أولداغ ويمارسون التزلج.
من أهم الأماكن التي يزورها السائحون في إسطنبول شتاءً: الأماكن المغلقة، مثل المطاعم والمقاهي والحمامات التركية والأسواق المغلقة، كالسوق المصري والسوق الكبير في بيازيد، وغيرها.
كما يقبلون على زيارة القصور والمتاحف، ومنها: قصر دولمة بهشة، ومتحفي آيا صوفيا وطوب كابي في الطرف الأوروبي من إسطنبول.
وكذلك قصر بيلار بيه في الطرف الآسيوي من المدينة، علاوةً على زيارة المساجد التاريخية الضخمة، التي تعج بها المدينة في كل مكان.
ولهواة التصوير حظ وافر، فأينما تدور بعينيك ترى الكاميرات تلتقط صورًا، إذ تنفرد إسطنبول بجمعها بين الحاضر والماضي، وبين البحر والجزُر واليابسة.
وتتحول إسطنبول إلى لوحة فنية رائعة، بعد أن يكسوها الزائر الأبيض (الثلج) في كل عام.
** إطلاله على البحر
تقول سلطانة حامد، تونسية، للأناضول: "هذه هي زيارتي الثالثة إلى إسطنبول".
وتتابع: "سنويًا أزور المدينة.. زرتها في كل الفصول، لكنها في الشتاء أجمل وأجمل.. أنا منبهرة بتاريخها ومعمارها التاريخي".
وتضيف: "أُفضل أماكن مثل السليمانية التي تشرف على البحر، كما أذهب إلى المناطق المرتفعة".
وتقول سارة شامبي، جزائرية: "جئت إلى تركيا في الشتاء لأني أجد السياحة فيها أجمل من الصيف".
وتشدد على أن "السليمانية من أجمل وأبهى المناطق التي زرتها في إسطنبول، هي مطلة على البحر، وأنا أحب كل مكان مطل على البحر.. تجد هنا المقاهي والمطاعم".
** الأماكن المغلقة
بدوره، يقول مازن عودة، فلسطيني: "أحب القدوم إلى إسطنبول في الشتاء، فشتاؤها دافىء وتضم أماكن جميلة كثيرة، كما أذهب إلى بورصة لرؤية الثلج والمناطق الخلابة".
متفقًا مع عودة، يقول محمد القيسي، وهو سائح فلسطيني أيضًا، إن "الأجواء في إسطنبول ممتعة ورومنسية، وهي تمزج بين التاريخ والحضارة الحالية".
ويوضح أن "السليمانية جميلة جدًا، زرنا مسجدها، وهو يرجع بك إلى المشاهد التاريخية التي نراها في التلفاز، وجئنا إلى مقهى معمار بن سنان على البحر.. يدهشنا جمال المقاهي هنا".
ويستطرد: "هذه المرة الثالثة التي آتي بها إلى تركيا، والثانية إلى إسطنبول، وفي كل مرة آتي في الشتاء.. توجد الخضرة والبحر والمناظر التاريخية.. والأجواء هنا لطيفة خفيفة مع حبيبات المطر".
** العطلة الشتوية
ومع دخول شتاء عام 2018، بدأ عشرات الآلاف من العرب بالتوافد إلى تركيا، لقضاء العطلة الشتوية في عموم الولايات التركية.
وتركيا هي الوجهة السياحية الأولى بين دول الشرق الأوسط؛ بفضل انخفاض التكلفة السياحية بها، واحتوائها على خليط من الثقافات الشرقية والغربية.
وتجمع تركيا بين سياحة الأعمال والمؤتمرات وسياحة الشواطئ والسياحة الثقافية والدينية، وسياحة الاستجمام، والسياحة الأثرية.
وتسمح القوانين التركية بالإقامة من 30 إلى 90 يومًا، دون الحاجة إلى تأشيرة سياحية لعشرات الدول، وهو ما يلعب دورًا كبيرًا في استقطاب السائحين.
وتشير بيانات رسمية، حصلت عليها الأناضول، إلى أن إيرادات السياحة في تركيا بلغت في النصف الأول من العام الجاري نحو 11.5 مليار دولار.
ويتوزع هذا المبلغ على 9.5 مليارات دولار نفقات للسائحين الأجانب، البالغ عددهم 16 مليونًا في الفترة نفسها، وملياري دولار تمثّل عائدات السياحة الداخلية.
وتشمل نفقات السائحين الأجانب، 2.5 مليار دولار في المطاعم التركية، ومليارًا و735 مليون دولار في النقل الدولي، ومليارًا و413 مليون في المبيت.
واحتلت تركيا، في 2017، المركز السادس عالميًا من حيث استقطاب السائحين، إذ بلغ عددهم نحو 39.9 مليونًا.
وفي العام نفسه، بلغت عائدات السياحة التركية نحو 26 مليار دولار.