أحداثها المشوقة تغدو على الألسن في يوميات الجمهور المغربي وتحملهم لاكتشاف تركيا في عين المكان
بعد عقود طويلة من هيمنة الدراما المكسيكية والمصرية، استحوذت المسلسلات التركية خلال السنوات الماضية على اهتمام المشاهد المغربي، وأخذت حيزا كبيرا من ساعات متابعته للفضائيات المغربية.
وتحظى هذه المسلسلات بمستويات مشاهدة عالية من الرجال والنساء من مختلف الأعمار، مع تفاوت تفضيلهم ودوافعهم، من عمل فني لآخر.
وبينما تتصاعد شعبية الدراما التركية، المدبلجة للهجة المحلية، يبدو عاديا أن تجد اثنين من الأصدقاء يرتبان موعد لقائهما أو قضاء مهمة مشتركة وفقا لتوقيت عرض إحدى المسلسلات التي يتابعونها.
* إقبال كبير
وقال جمال الوردي الباحث المغربي في المجال الفني إن "إقبال المغاربة على المسلسلات التركية يعود إلى الجودة في الإنتاج".
وأضاف أن ما يلفت الانتباه أيضا الجودة في الكتابة والتنوع في المسلسلات، مضيفا أن "وادي الذئاب يعتبر من أفضل الأعمال التي شهدت انتشارا كبيرا في المغرب والعالم العربي".
وقال حازم سعيد وهو تقني بشركة للإنتاج الفني، إن الأعمال الفنية التركية مشاهدة من قبل الملايين في المغرب، وهذا دليل على قوتها.
وأضاف حازم "هذه المسلسلات إلى جانب قيمتها الفنية تعكس جمال البلد، وهذا سبب آخر يجذب المشاهد، وقد يفضي به الفضول للتعرف على عين المكان".
* وجبة سياحية على مائدة الدراما
على اختلاف مواقع التصوير تتنوع المعالم التي تقدمها مشاهد المسلسلات وفقا للقضايا التي تطرحها، وقد تلتقط عين المخرج مناظر طبيعية وأوابد وآثار وطرازات معمارية قديمة وحديثة تدعم فكرة العمل وتقدم وجبة سياحية على مائدة درامية.
وفي هذا السياق ساهمت الدراما التركية بشكل أو بآخر في دفع عدد من المغاربة لزيارة تركيا، خصوصا بعدما تعرفوا عنها بالأعمال الفنية، والتي حفزتهم لزيارتها ومشاهدة البلد عن قرب.
"ايزة العمري" موظفة مغربية بوزارة الشباب والرياضة قالت إن الأتراك نجحوا في تسويق منتوجهم الدرامي من حيث القصة والحبكة الدرامية فضلا عن طبيعة البلاد.
وأشارت العمري إلى أن هذه المسلسلات سلطت الضوء على القطاع السياحي بتركيا، ودخلت البيوت المغربية من أوسع أبوابها لتعرفهم على الحضارة التركية، لاسيما في العهد العثماني".
"جميع الشرائح العمرية بالمغرب تتابعو الدراما التركية، حتى أصبحت جزء رئيسيا من يومياتها"، يقول "نورالدين اقشاني" رئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب (حكومية).
واعتبر اقشاني أن هذه المسلسلات ساهمت في زيادة زوار تركيا من المغاربة لاكتشاف مواقع سجلتها ذاكرتهم من إحدى اللقطات.
وقال اقشاني إن الدبلجة إلى العامية المغربية ساهمت في انتشار هذه المسلسلات وجعلت منها ضيفا خفيف الظل مرحب به في كل وقت.
* الأكثر مشاهدة
يعرض مسلسل "سامحيني" التركي منذ سنة 2011، على القناة الثانية (حكومية معروفة باسم دوزيم)، ويحظى بنسب مشاهدة قياسية.
وأصبح هذا المسلسل المدبلج للعامية جزء من يوميات المغاربة، وحقق في الأسبوع الثاني من نوفمبر الحالي، أكثر من 8 ملايين و444 ألف مشاهدة، بحسب أرقام أصدرها مركز "ماروك ميتري" (مؤسسة غير حكومية لقياس نسب مشاهدة القنوات التلفزية المغربية).
ومنذ أشهر يحتل مسلسل "سامحيني" صدارة البرامج الأكثر مشاهدة على الفضائية المغربية، ويحظى في المتوسط بنسبة 75 في المائة من نسبة المشاهدات.
وحقق برنامج تلفزيوني حواري يسمى "رشيد شو" على القناة الثانية المغربية أكبر نسبة مشاهدة في تاريخه، خلال الحلقة التي استضافت بطلي المسلسل، الفنانة "غاية تورغوت التي تلعب دور "منار" والفنان "مرد آلتون إيشيق" الذي يلعب دور "كمال".
وحققت الحلقة حوالي 7.5 ملايين مشاهدة، وهو ما يعكس شعبية المسلسل الاجتماعي الذي تدور أحداثه في قالب رومانسي، يتناول قصة عائلتين تربط بين أبنائها علاقة حب.
كما تبث القناة الثانية هذه الأيام، مسلسل "حب أعمى" من بطولة نسليهان أتاغُل، وبراق أوزجيفيت، يحكي قصة حب مستحيلة بين شاب فقير وشابة غنية تضحي بحبها لأجل إنقاذ شقيقها، ليعود حبيبها القديم بعد خمس سنوات وينتقم من زوجها ويحل لغز هجرانها له.
وعن استحواذ المسلسلات التركية على اهتمام الجمهور المغربي في السنوات الأخيرة، قال "أحمد شراك" أستاذ علم الاجتماع بجامعة سيدي محمد بن عبد الله (حكومية) بمدينة فاس، إن ذلك دليل نجاحها سواء من حيث الموضوعات أوتجسيد الشخصيات أو من حيث جاذبيتها.
ولفت إلى أنها تجذب المشاهد المغربي من مختلف الفئات العمرية والطبقات الاجتماعية، حتى أن أحداثها المشوقة تغدو على الألسن في يوميات المغاربة.
واعتبر أن "مسلسل سامحيني يبقى علامة فارقة على نجاح الدراما التركية في المغرب، خصوصا أنه يعرض منذ سبع سنوات دون أن يصيب المشاهد الملل أو ما شابه ذلك".
وتقوم تركيا بتصدير مسلسلاتها لـ 102 دولة في العالم، من بينها المغرب، وارتقت في السنوات الأخيرة إلى المركز الثاني عالميا في تصدير المسلسلات، بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
وخلال الأعوام القليلة الماضية، كانت مسلسلات "سنوات الضياع"، و"نور" و"العشق الممنوع" و"نهاية الحب"، من أكثر الأعمال شعبية في المغرب