أعرب الرئيس التركي أردوغان عن استنكاره لتغريدة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد،الذي أساء فيها لفخر الدين باشا. قائلًا :" حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة، أين كان جدك أنت أيها البائس الذي يقذفنا بالبهتان؟".
أعرب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأربعاء، عن استنكاره الشديد لتغريدة مُسيئة للعثمانيين والأتراك، على موقع التدوينات المصغرة "تويتر".
وقال أردوغان، في كلمة خلال اجتماعه مع المخاتير الأتراك بأنقرة، مخاطبًا ناشر التغريدة: "حين كان جدنا فخر الدين باشا يدافع عن المدينة المنورة، أين كان جدك أنت أيها البائس الذي يقذفنا بالبهتان؟".
وقال الرئيس التركي إن فخر الدين باشا أرسل الأمانات المقدسة العائدة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام إلى إسطنبول، برفقة ألفي جندي، على خلفية تضييق البريطانيين حصارهم على منطقة الحجاز.
وشدّد على أن هذا الأمر حال دون سيطرة قوات الاحتلال على هذه الأمانات المقدسة، ومنع تحويلها إلى أدوات تُستخدم في المتاحف الأوروبية الكبيرة.
وقال إن تلك الآثار محمية في الوقت الراهن داخل قسم خاص في قصر "طوب قابي" في إسطنبول، ويتم الاعتناء بها بشكل جيد للغاية.
وأضاف: "هل كان من الأفضل أن تذهب تلك الآثار إلى تلك الأماكن المعروفة في الغرب، أو إلى أماكن لا يُعرف فيها عاقبتها ولا مستقبلها؟ إن عقلية هؤلاء غربية وهي سبب هذا الهجوم".
وكشف الرئيس التركي أن السلطات التركية، قامت إبان الحرب العالمية الثانية، بنقل تلك الآثار بطريقة سرّية إلى مناطق أخرى في الأناضول، للحيلولة دون تعرضها للخطر المحدق بإسطنبول آنذاك.
وشدّد على أن فخر الدين باشا شعر بالراحة عندما أرسل الأمانات المقدسة إلى إسطنبول، ليتفرغ لاحقًا بكامل قواه وطاقاته لحماية المدينة المنورة.
وقال إن المدينة المنورة كانت محاصرة بالكامل من قبل الأعداء والمتمردين المتواطئين معهم، الأمر الذي منع وصول الغذاء والسلاح أو المساعدات الأخرى إليها في ذلك الوقت.
ولفت إلى أن فخر الدين باشا دافع عن تلك الأراضي المقدسة، لعامين و7 شهور، وسط تلك الظروف الصعبة، ولم ينصت لحكومة إسطنبول التي كانت تتعرض لضغوط الأعداء.
وبحسب أردوغان، فإن فخر الدين باشا خاطب أهالي المدينة ذات يوم، قائلًا: "يا أيها الناس، فلتعلموا جيدًا أن جنودي الشجعان مستعدون للدفاع حتى آخر قطرة دم، عن المدينة المنورة التي هي سند الإسلام وقوته المعنوية وقرة عين الخلافة".
ويُضيف فخر الدين باشا: "إن جنودي عازمون على هذا الأمر كمسلمين وعساكر (...) الله سبحانه وتعالى معنا، وسيدنا محمد رسوله شفيعنا".
وتابع أردوغان: "نعم، بهذه المشاعر دافع الباشا عن المدينة، وكان يزور الروضة المطهرة وقبر سيدنا الرسول، متى ما سنحت له الفرصة، ليتضرع إلى الله سبحانه وتعالى".
ومضى قائلًا: "عليك أن تعرف حدودك، فأنت لم تعرف بعد هذا الشعب (التركي)، ولم تعرف أردوغان أيضا، أما أجداد أردوغان فلم تعرفهم أبدا".
وقال: "نحن نعلم جيدًا طبيعة الأعمال التي يخطط لها هؤلاء الذين يتطاولون على هذه الشخصية الكبيرة في تاريخنا (فخر الدين باشا)، وعلى مقاومته الباسلة في المدينة المنورة، ونعلم أين ومع من يتعاملون، وسوف نكشف ذلك في الوقت المناسب".
ولفت الرئيس التركي إلى أن فخر الدين باشا، اضطر في النهاية لترك سيفه على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، واستسلم تحت ضغط الحكومة في إسطنبول والشخصيات المحيطة به آنذاك.
وقال إنه على خلفية الاستسلام، تعرضت المدينة المنورة لما كان يخشاه الباشا، حيث انتشرت فيها أعمال النهب والسرقة على مدى أيام، وتحطمت أبواب منازل الأهالي التي كانت محمية بقوة.
وشدّد على أن فخر الدين باشا لم يمد يده بغير حق، حتى إلى قطعة حجر في المدينة المنورة، وحافظ على أموال وممتلكات السلطان هناك، وكان قائدًا عسكريًا حريصًا على العدالة دائمًا.
وقال إن الشعوب العربية هي بمثابة الروح والقلب والحبيب والرفيق بالنسبة لتركيا، شأنها شأن أشقائها في آسيا الوسطى والبلقان والقوقاز وفي سائر مناطق العالم.
وأضاف: "نحن كأمة نعتبر كل قطرة دم سالت في سبيل الدفاع عن الأراضي المقدسة ونيل رضى الله تعالى وشفاعة رسوله صلى الله عليه وسلم شرفا وعزة لنا. وستكون بإذن الله تعالى وسيلة لنيل الشفاعة في دار الآخرة".
وأكّد أنه "لا يمكن للمسؤولين في بعض الدول من الذين يفتقرون إلى احترام الحدود ومعرفة التاريخ واللياقة الدبلوماسية، أن يلقوا بظلال الشبهة على الأخوّة التي تجمعنا بالشعوب العربية ولا على جهودنا في سبيل نيل رضى الله تعالى وشفاعة رسوله صلى الله عليه وسلم".
ومضى قائلًا: "المسلمون بكافة قومياتهم من ترك وعرب وكرد وفرس وغيرهم أبرياء من هذيان هؤلاء الذين لا ناقة لهم في مشاعر الأخوة ولا جمل. وكفانا الإسلام جامع بيننا".
وشدّد على أنه "من الواضح أن بعض المسؤولين في الدول العربية يهدفون من خلال معاداتهم لتركيا إلى التستر على جهلهم وعجزهم وحتى خيانتهم".
وبيّن أردوغان أن هناك أطرافًا تفتخر بتأييد الظالمين في الوقت الذي تتعرض فيه المنطقة والعالم الإسلامي لضغوط كبيرة وظلم وهجمات.
واعتبر أن تشويه هذه الأطراف للقائد البطل "فخر الدين باشا"، ودفاع الدول العثمانية عن المدينة المنورة، ضد القوات البريطانية، أمر متعمد.
واستدرك بقوله: "لأن الدفاع عن المدينة المنورة كان درسًا يؤكّد ضرورة الدفاع عن الإسلام ورسوله الكريم، وعن اسم ورموز سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، أيّا كانت الظروف".
وقال أردوغان إن "فخر الدين باشا" ولد في منطقة "روسجوق" الموجودة في الوقت الراهن ضمن الحدود البلغارية، وقد ساهم في تحقيق العديد من الانتصارات ضد الأعداء.
وأوضح أن الدولة العثمانية أرسلت فخر الدين باشا إلى المدينة المنورة، عام 1916، وتولى حماية هذه الأرض المباركة لغاية عام 1919.
وتابع: "لماذا ذهب فخر الدين باشا من إسطنبول إلى المدينة المنورة، لكي يدافع عن تلك الأراضي المقدّسة ضد القوى التي جاءت لاحتلالها.. أين كان جدّك حينها؟".
وأضاف: "إن هؤلاء البائسين مصابون بالهذيان لدرجة الادعاء بأن أجداد أردوغان سرقوا الأمانات المقدسة وأحضروها إلى إسطنبول، دون خجل أو ملل.. هذه ليست سرقة، بل على العكس تمامًا، هي حماية تلك الأماكن من القوى الساعية للاستيلاء على تلك الأراضي واحتلالها".
كما شدّد أردوغان أن أجداده في الدول العثمانية سارعوا إلى حماية الأراضي المقدسة، سعيًا منهم وراء الشهادة.
وأوضح أن فخر الدين باشا، لم يكتف بالدفاع عن المدينة المنورة، بل حكمها بعدل في الفترة التي كانت محاصرة من قبل بعض العشائر العربية التي حرّضها العميل البريطاني "لورانس" ضد الدولة العثمانية، مقابل آلاف الوعود.
وفي وقت سابق، أعاد وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، نشر تغريدة مسيئة لأردوغان، وادّعى ارتكاب فخر الدين باشا، (القائد العسكري التركي الذي دافع عن المدينة المنورة أثناء الحرب العالمية الأولى)، جرائم ضدّ السكان المحليين.
وفيما يخص استراتيجية الأمن القومي الجديدة للولايات المتحدة، التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال أردوغان إنه يمكن تلخيصها بكلمة "كل شيء من أجل أمريكا".
وأضاف: "يحق لكل دولة طبعًا تحديد استراتيجيتها الأمنية وتطبيقها، وعليه فنحن أيضًا نملك هذا الحق".
وتابع الرئيس التركي: "يمكننا تلخيص استراتيجيتنا الأمنية كما يلي: "شعب واحد، علم واحد، وطن واحد، ودولة واحدة".
وحول التطورات الأخيرة في القدس المحتلة، قال أردوغان إن هذه المدينة كانت عبر التاريخ وما تزال اليوم بمثابة مقياس لضمائر المسلمين أنفسهم والعالم أجمع.
وأضاف الرئيس التركي: "نحن اليوم نخضع أيضًا لمقياس الضمائر هذا".
وأشار إلى أن القوات الصليبية التي توجهت من إسطنبول نحو الأناضول قاصدة احتلال القدس، تراجع عددها من 600 ألف إلى 60 ألف جندي، على يد الشعب التركي، قبل أن تصل إلى جبال طوروس.
أردوغان، شّدد على أن أجداده ساهموا بدمائهم وأرواحهم في حماية القدس والعالم الإسلامي برمتّه على مدى ألف عام.
واعتبر أن هناك انتصارات هامة يُعرف بها الشعب التركي، غير "جناق قلعة"، ومنها معركة "كوت العمارة" ضد البريطانيين الذين استسلموا للجيش العثماني بمدينة "الكوت" العراقية.
ولفت إلى أن القوات البريطانية المتعجرفة، تعرضت لأكبر خسارة لها في المنطقة، خلال معركة "كوت العمارة" (حصار الكوت).
ووقعت "كوت العمارة"، إبان الحرب العالمية الأولى، بين القوات العثمانية والقوات البريطانية، وتعتبر ثاني أكبر نصر في الحرب العالمية الأولى بعد معركة جناق قلعة.