ثورة تونس بعد 14 عاما.. مكتسبات وانتكاسات بعيون نشطاء

10:1214/01/2025, الثلاثاء
الأناضول
ثورة تونس بعد 14 عاما.. مكتسبات وانتكاسات بعيون نشطاء
ثورة تونس بعد 14 عاما.. مكتسبات وانتكاسات بعيون نشطاء

- فتحي الغزواني ناشط سابق بالاتحاد العام للطلبة: لا أحد كان يتخيل أن ابن علي سيهرب.. تونس تعيش إرهاصات منذ الثورة ولا أتصور أن الشعب الذي ذاق الويلات ثم طعم الحرية سيتنازل عنها - وسام الصغير متحدث الحزب الجمهوري: لمدة 11 عاما عشنا جزءا كبيرا من التغيير الإيجابي.. لكن الثورة عاشت انتكاسة بعد 25 يوليو 2021.. ويجب الاستعداد لفترة مقاومة لاسترجاع المكاسب - أحمد الهمامي متحدث تحالف "أحرار" الموالي للرئيس سعيد: لمدة 10 سنوات لم يتحقق شيء.. حدث ركوب على الثورة لذلك هلل الشعب لـ25 يوليو 2021 عندما جمد الرئيس البرلمان ثم حله

تحل اليوم الثلاثاء الذكرى السنوية الـ14 لإطاحة الثورة الشعبية التونسية بالرئيس زين العابدين بن علي في 14 يناير/ كانون الثاني 2011.

يومها، تجمع المحتجون بكثافة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس بشكل عفوي، حسب نشطاء من اتجاهات فكرية مختلفة.

كما أجمع النشطاء، في أحاديث للأناضول، على أنه لم يتوقع أحد آنذاك أن ينتهي هذا اليوم بفرار ابن علي، الذي جثم نظامه على صدر البلاد 23 عاما.

أحد هؤلاء النشطاء، وهو فتحي الغزواني (خمسيني)، تحدث للأناضول عن ذلك اليوم: "لما غادرت البيت صباحا للالتحاق بالمظاهرة، قلت لزوجتي هذا آخر يوم في حكم ابن علي".

وأضاف الغزواني، ناشط سابق بالاتحاد العام للطلبة وسجين سياسي: كان "هناك غليان وحسم في الشارع لدى الناس وإصرار على أنه لا تراجع".

وزاد أنه "من مداخل الشارع الرئيسي (الحبيب بورقيبة)، (كنت) ترى الناس قادمين من كل الأنهج ومن كل الشرائح، لا أحد يقود، وكانت شعارات تُرفع".

وتابع: "الشعار كان مدويا 'ارحل'.. كنت على مقربة كبيرة من باب وزارة الداخلية وبجانبي عبد الكريم الهاروني (قيادي بحركة النهضة)، وكان صف من الأمن يحمي الباب وبعضهم يبكي تأثرا بالحشد الرهيب".

** هروب مفاجئ

لكن "لا أحد كان يتخيل أن ابن علي سيهرب (إلى السعودية حيث توفي عام 2019)، الوفود الحاضرة في المظاهرة كان لديها حسم أن ابن علي انتهى، ولكن لم نكن نتصور ذلك السيناريو"، وفق الغزواني.

وأضاف: "لم يكن لدينا اتصال بداخل أروقة الحكم الذي يبدو أنه حسم الأمر بأن ابن علي انتهى".

وأردف: "عندما عدت إلى المنزل مساء وصلتني معلومة من فرنسا أن ابن علي غادر البلاد وقد يكون وقتها لا يزال في الأجواء التونسية".

ومتذكرا تلك اللحظات قال الغزواني: "لم نكن نتصور أن مَن كان جاثما على رقاب الناس بذلك الشكل يغادر بتلك البساطة مهما كان السيناريو. لا يمكن أن تتصور الشعور بأن الغمة انزاحت عن الناس".

** لا تنازل عن الحرية

وعما تحقق بعد الثورة قال الغزواني: "منذ 14 يناير (2011) إلى اليوم والبلاد تعيش إرهاصات، فالشعب ذاق الويلات وفي الوقت نفسه ذاق طعم الحرية ولا أتصور أن يتنازل عنها".

وأضاف: "نحن على الأقل كجيل لا نطلب شيئا لنا، نحن ضحينا، ولكن غير مستعدين أن نترك إرثا سيئا لأبنائنا بعد أن ذقنا طعم الحرية".

وتابع: "ترى أن الشعوب تتمسك بالحرية وما عاناه الشعب السوري لم يعانه أي شعب في المنطقة، ومع ذلك تمسك بثورته وانتصر، ونحن نعتبر أن ربيع 14 يناير رجع من هناك".

وشهدت سوريا في مارس/ آذار 2011 احتجاجات شعبية مناهضة للرئيس آنذاك بشار الأسد طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكنه شرع في قمعها عسكريا ما زج بالبلاد في حرب أهلية مدمرة.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق، منهيةً 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 من سيطرة عائلة الأسد.

** حدث فارق

"يمثل حدثا فارقا في التاريخ".. هكذا وصف وسام الصغير، متحدث الحزب الجمهوري والناشط سابقا بالحزب الديمقراطي، يوم 14 يناير 2011.

وأضاف الصغير للأناضول أن هذا اليوم "ذو أهمية في الذاكرة الوطنية، لما مثله من تغيير في المشهد العام التونسي" بإسقاط حكم ابن علي الذي وصل السلطة عبر انقلاب على الرئيس الحبيب بورقيبة عام 1987.

وأردف: "الحدث كان نتيجة تراكم في نضالات ساهمت في حصول حالة الانفجار والغضب الشعبي الذي رأينا تمظهراته يومها من خلال الوفود الكبيرة التي جاءت إلى شارع الحبيب بورقيبة".

و"ذلك اليوم كانت له رمزية، كونه تسبب في هروب رأس السلطة التنفيذية، وساهم في تغيير سياسي عشنا على وقعه عبر محطات انطلاقا من المجلس التأسيسي (2011 ـ 2014) وانتخابات مجلس النواب وانتخاب رئيس الجمهورية"، وفق الصغير.

** رعب الحكم

وحسب الصغير فإن "الـ11 عاما التي عشناها بعد الثورة حملت جزءا كبيرا من التغيير الإيجابي، وتمكن المجتمع التونسي والنخب من تحصيل مسألة مهمة جدا، وهي تحقيق الحريات التي طالب بها في عهدي بورقيبة (1957 ـ 1987) وابن علي".

وتابع: "الحضور (في شارع الحبيب بورقيبة) كان مفاجئا، فجميع الشرائح الاجتماعية حضرت، وهو ما نتج عنه حالة رعب لمنظومة الحكم، أدت بها إلى دفع بن علي للهروب من تونس هو وعائلته ونتج عنه تغيرات سياسية".

وأضاف: "نتجت عن ذلك اليوم انتخابات حرة للمرة الأولى عبّر فيها الشعب عن قناعته، وتشكلت الأحزاب والنقابات، والإعلام تحرر من قبضة المراقبة، وعشنا 11 عاما من التعددية الحريات والديمقراطية".

الصغير استدرك بأن ما جاء بعد 14 يناير 2011 "فيه أيضا للأسف بعض الاختلالات من سوء التقدير السياسي والاختيارات السياسية".

وزاد أن "المناكفة السياسية طغت أحيانا، وبعض تحالفات قامت على التكتيك والمصلحة، (ما) ساهم في حالة غضب جاءت بعد حالة ردة".

** انتكاسة الثورة

وحسب الصغير فإن "الثورة عاشت انتكاسة بعد 25 يوليو (تموز) 2021 وما حصل من غلق مجلس نواب الشعب بمدرعة ومنع أشغاله".

في ذلك اليوم بدأ الرئيس قيس سعيد إجراءات استثنائية، شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "تكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحا لمسار ثورة 2011".

الصغير استطرد: "ثم ما جاء بعده وما يحصل الآن من تشفي وتنكيل وقمع للحريات، انطلاقا من المرسوم 54 (لمتابعة الجرائم على وسائل التواصل الاجتماعي)، وسجن كل القيادات السياسية".

وتابع: "هذا اليوم جعل واجبا علينا، نحن النخب باختلافاتها وتنوعها، التفكير في سبل فهم هذا الاختلال والاستعداد لفترة من المقاومة والصمود ومحاولة استرجاع ما تم تحقيقه من مكاسب".

** تجمع عفوي

أحمد الهمامي متحدث تحالف "أحرار"، الموالي للرئيس سعيد، يتذكر يوم 14 يناير 2011 في شارع الحبيب بورقيبة بقوله للأناضول: "كان عمري 23 عاما، وتجمع 14 يناير كان عفويا".

وأضاف: "خرجنا بالآلاف والشعار المركزي أن 'الشعب يريد إسقاط النظام' و'شغل حرية كرامة وطنية' و'التشغيل استحقاق يا عصابة السراق'".

وتابع أن "شعار الحريات كان مرفوعا، خاصة بعد القمع الذي عشناه طوال 23 سنة، كما رُفع شعار 'خبز وماء وابن علي لا' أمام وزارة الداخلية".

و"في المساء تفاجأنا بنشر أخبار عن فرار ابن علي، ولا أحد كان يتوقع هروبه، فيوم 14 يناير كنا ذاهبين لأكثر ضغط"، كما زاد الهمامي.

واستطرد: "كنا نتوقع أن يعقد (ابن علي) تفاهما مع المعارضة أو يستقيل ويكلف الوزير الأول محمد الغنوشي ببرنامج انتخابات سابقة لأوانها".

وأردف: "لم نكن لنقبل بذلك؛ لأنه يمكن أن يزور الانتخابات، خاصة أنه كان هناك تحضير لصهره صخر الماطري، وتروج أخبار أن ابن علي لن يجدد ترشحه وزوجته ستكون رئيسة البلاد".

** ركوب على الثورة

وبخصوص رؤيته للأوضاع الراهنة، اعتبر الهمامي: "بعد 10 سنوات لم يتحقق أي شيء".

وتابع: "لأننا اكتشفنا أن خروج ابن علي وتولي (رئيس وزرائه محمد) الغنوشي، والمبزع (فؤاد المبزع تولى الرئاسة من 17 يناير لحين انتخاب الرئيس منصف المرزوقي في ديسمبر 2011) والباجي قايد السبسي رئيس الحكومة، هو ركوب على الثورة".

وأضاف: "قمنا بثورة على نظام بن علي، لكن للأسف تمكن نظامه من مواصلة الحكم، والناس توسموا خيرا في (حركة) النهضة وصوتوا لها عام 2011".

واستدرك: "لكن تبيّن أن التوافق المزعوم (بين حزبي نداء تونس والنهضة بعد انتخابات 2014) لم يحقق شيئا لتونس، لذلك هلل الشعب لـ 25 يوليو 2021 عندما جمد الرئيس البرلمان ثم حله"، على حد قوله.

و"ندعو الرئيس إلى التسريع في المحاسبة، وإنجاز منوال تنموي جديد يقفز بالبلاد، لأننا خسرنا 10 سنوات بعد الثورة في الصراعات الحزبية التوافقية"، كما ختم الهمامي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فاز الرئيس سعيد بولاية ثانية تستمر 5 سنوات.

#ثورة 14 يناير 2011
#زين العابدين بن علي
#نشطاء