الجزائر 2024.. ولاية ثانية لتبون ونمو اقتصادي وأزمة مع فرنسا

10:5330/12/2024, Pazartesi
الأناضول
الجزائر 2024.. ولاية ثانية لتبون ونمو اقتصادي وأزمة مع فرنسا
الجزائر 2024.. ولاية ثانية لتبون ونمو اقتصادي وأزمة مع فرنسا

- مع نهاية العام تغلق الجزائر أضخم موازنة في تاريخها بقيمة نحو 115 مليار دولار وأصبحت ثالث أحسن اقتصاد في إفريقيا. - بدأت الجزائر في 2024 شغل مقعدها غير الدائم بمجلس الأمن وقدمت مشاريع قرارات لإنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية بغزة. - استأنفت الجزائر مبادلاتها التجارية مع إسبانيا بعدما جمدتها في 2022 إثر دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية.

شهدت الجزائر في عام 2024 استمرار مؤشرات الاستقرار السياسي والاقتصادي، ما انعكس في إعادة انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون لولاية رئاسية ثانية.

وأكدت الأرقام تعافي اقتصاد البلاد، مع تفاؤل حكومي بتحقيق أهداف تنموية أفضل، وبينما أعادت مبادلاتها التجارية مع إسبانيا، تخوض أزمة جديدة مع فرنسا.

وتواصل نهج الجزائر الحذر في التعامل من التغيرات والأزمات الخارجية، وخاصة منطقة الساحل الإفريقي، مع البحث عن المنفعة المتبادلة مع الشركاء التقليديين وجذب استثمارات أجنبية مباشرة.

ومع نهاية العام، تغلق البلاد أضخم موازنة في تاريخها بقيمة نحو 115 مليار دولار، خُصص جزء مهم منها للنفقات الاستثمارية في مشاريع مهيكلة تراهن عليها لإحداث تحول اقتصادي خارج قطاع الطاقة بحلول 2027.

** رئاسيات مبكرة

ويعد 7 سبتمبر/أيلول تاريخ الحدث السياسي الأبرز في 2024، إذ فاز تبون في انتخابات مبكرة، ليواصل قيادة البلاد لولاية رئاسية ثانية من 5 سنوات.

وكان تبون بكر الانتخابات عن موعدها الطبيعي في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2024، وبرر ذلك في البداية بأسباب "تقنية".

لكنه أعلن لاحقا أن ديسمبر ليس بالتاريخ الطبيعي للانتخابات، لأن استحقاقات 2019 التي فاز بها جاءت نتيجة لحالة استثنائية إثر استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل/نيسان من العام ذاته تحت وطأة احتجاجات شعبية.

وألمح تبون أن تقديم موعد الاقتراع بـ3 أشهر مؤشر على استعادة الاستقرار السياسي والمؤسساتي في البلاد.

لكن قراءات مراقبين تفيد بأن تبكير الانتخابات كان خطوة استباقية ناجمة عن توقع أحداث دولية متسارعة من شأنها التأثير على الاستقرار الإقليمي نهاية العام، وعدم توفير المناخ الملائم لإجراء اقتراع رئاسي في ظروف ملائمة.

** استقرار حكومي

بعد إعادة انتخابه، فضل تبون الاستقرار الحكومي النسبي على التغيير الجذري في الحكومة، مستمرا بذلك في نهج ميز فترته الرئاسية الأولى.

وأجرى تعديلا وزاريا، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، أبقى بموجبه على محمد النذير العرباوي رئيسا للوزراء وعلى معظم وزراء السيادة.

فيما استحدث منصب وزير منتدب لدى وزير الدفاع كلف به قائد الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، بينما شمل التعديل 17 وزارة.

ولم تحدث تغييرات لافتة على مستوى الجيش، باستثناء تعيين اللواء إسماعيل إسماعيلي قائدا جديدا للقوات البرية، واللواء ناصر الدين فضيل قائدا جديدا للمنطقة العسكرية الثالثة (الجنوب الغربي)، والعميد فتحي موساوي مديرا جديدا للأمن الخارجي.

** عرض عسكري

وفي 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، أقامت الجزائر عرضا عسكريا ضخما، بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع ثورتها التحريرية عام 1954 ضد الاستعمار الفرنسي (1830-1962).

وجرى الاستعراض في الجزائر العاصمة أمام "الجامع الأعظم"، وبحضور قادة من بعض دول الجوار، وقدمت خلاله تشكيلات من مختلف القوات المسلحة ونماذج لأسلحة حديثة وأخرى مطورة ضمن الصناعة العسكرية المحلية.

وتقول الجزائر إن الاستعراض تضمن رسالة واحدة هي احتفاء الشعب الجزائري بجيشه بمناسبة خاصة تعكس الوفاء لقيم الثورة ضد الاستعمار الفرنسي.

وتركزت خطابات قائد الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، خلال مناسبات عديدة في 2024، على ضرورة زيادة الوعي بالتهديدات الخارجية على حدود البلاد، والانتباه للتحولات المتسارعة التي تعرفها مناطق العالم كافة.

** السياسة الخارجية

وبدأت الجزائر 2024 بشغل مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن لمدة عامين، وتنهيه بتسجل أزمة مع فرنسا كادت أن تصل حد القطيعة.

وانتُخبت الجزائر للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن عن الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وبادرت بتقديم مشاريع قرارات لإنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة بدعم أمريكي على قطاع غزة منذ نحو 15 شهرا، لكنها اصطدمت بالفيتو الأمريكي، واستطاعت تمرير قرار واحد لم يجد الطريق إلى التنفيذ بسبب تعنت الاحتلال الإسرائيلي.

وعقب قطيعة دامت عامين، استأنفت الجزائر مبادلاتها التجارية مع إسبانيا، بعدما جمدتها في 2022، إثر قرار رئيس الحكومة بيدرو سانشير الاعتراف بمبادرة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية.

ومنذ عقود، تتنازع جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، مع الرباط بشأن السيادة على الصحراء، وتدعو إلى استفتاء لتقرير المصير.

وعقب دعم حكومي فرنسيي مماثل لمقترح الحكم الذاتي، سحبت الجزائر سفيرها من باريس في 30 يوليو/تموز الماضي.

واستمرت العلاقات بين الجزائر وفرنسا في التدهور، مع تأكيد تبون إلغاء زيادة كانت مبرمجة إلى باريس الخريف الماضي، واعتبر أن ذاهبه إلى فرنسا سيكون بمثابة الإهانة، مستخدما عبارة "لن أذهب إلى كانوسا".

وهذا التعبير أطلقه المستشار الألماني بسمارك في نهاية القرن التاسع عشر، ويعني "طلب المغفرة"، ويشير إلى ما أُجبر عليه الإمبراطور الألماني هنري الرابع، في القرن الحادي عشر، عندما ذهب إلى مدينة كانوسا الإيطالية، ليطلب من البابا غريغوري السابع رفع الحرمان الكنسي عنه.

وبلغت حدة التوتر بين الجزائر وفرنسا ذروتها مطلع ديسمبر/كانون الأول، عندما استدعت الخارجية الجزائرية سفير فرنسا لديها، ستيفان روماتي، تنديدا بما أسمتها "الاعمال العدائية" للاستخبارات الفرنسية ضد الجزائر.

وجاء ذلك في أعقاب بث التلفزيون الجزائري وثائقيا تحدث عن محاولة ضابط استخبارات يعمل في السفارة الفرنسية بصفة سكرتير أول تجنيد شاب جزائري كان مقاتلا بصفوف تنظيم داعش في سوريا والعراق.

وفي هذه الأثناء يشن أنصار اليمين واليمين المتطرف في فرنسا حملات إعلامية متواصلة ضد الجزائر، ويطالبون بإلغاء اتفاقية الهجرة بين البلدين الموقعة عام 1968.

ولا تكاد تنتهي أزمة بين الجزائر وفرنسا حتى تبدأ أخرى، لاسيما على خلفية تداعيات الاستعمار الدموي الفرنسي للبلد العربي.

** أرقام إيجابية

في 2024 سجل الاقتصاد الجزائري أرقاما إيجابية، أبرزها احتلال البلاد المرتبة الثالثة كأحسن اقتصاد في إفريقيا، خلف جنوب إفريقيا ومصر.

وحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، صدر الربيع الماضي، فإن الناتج الداخلي الخام للجزائر بلغ 266.78 مليار دولار، ما جعلها ترتقي إلى المركز الثالث قاريا متجاوزة نيجيريا.

أما البنك العالمي فيصف النمو الذي حققته الجزائر في النصف الأول من 2024 بـ"القوي"، إذ بلغ 3.9 بالمائة.

وذكر البنك، عبر تقرير في نوفمبر/ تشرين الثاني، أن النمو المحقق مدعوم بالاستثمار والقطاعات غير القائمة على المواد المستخرجة، لافتا إلى انخفاض التضخم إلى 4.3 حتى سبتمبر/أيلول الماضي.

وتغطي احتياطات الصرف الأجنبي في الجزائر 16.2 شهرا من الواردات، أي بقيمة 70 مليار دولار.

** مشاريع استثمارية

وفي مجال الاستثمار الأجنبي، وقَّعت الجزائر وشركة "بلدنا" القطرية، الربيع الماضي، اتفاقا بشأن مشروع ضخم لإنتاج الحليب والأعلاف واللحوم بقيمة 3.5 مليار دولار.

وسيقام المشروع في محافظتي البيض وأدرار (جنوب)، على مساحات شاسعة تسمح بإنتاج 50 بالمائة من احتياجات الجزائر من الحليب المجفف واللحوم الحمراء والأعلاف.

كما وقَّعت الحكومة الجزائرية ونظيرتها الإيطالية اتفاقية لإنجاز مشروع لإنتاج الحبوب في محافظة تيميمون (أقصى الجنوب) على مساحة 36 ألف هكتار (الهكتار الواحد يساوي 10 آلاف متر مربع) وبقيمة 420 مليون يورو.

وفي مجال الاستثمار المحلي خارج قطاع المحروقات، سجلت الجزائر أكثر من 11 ألف مشروع استثماري حتى ديسمبر/كانون الأول بقيمة 31 مليار دولار.

ووفق الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار فإن 50 بالمائة من هذه المشاريع بدأ تنفيذها بالفعل.

وباشرت الجزائر أيضا مشاريع مهيكلة ضخمة لاستغلال المناجم، مثل منجم غار جبيلات بمحافظة تندوف (أقصى الجنوب) الذي يحوي أكبر احتياطات العالم من خام الحديد.

وكذلك منجم الرصاص والزنك في محافظة بجاية (شرق العاصمة) ومنجم الفوسفات بمحافظة تبسة (شرق)، وكلها مشاريع ضخمة بملايين الدولارات.

وأطلق تبون هذه المشاريع ضمن خطة لتنويع اقتصاد البلاد، ورفع الناتج الداخلي الخام إلى 400 مليار دولار بحلول 2027.

وفي حين يصر تبون على الخروج من التبعية المطلقة للمحروقات في تحديد مقومات الاقتصاد، لا يزال النفط والغاز الطبيعي يمثلان 95 بالمائة من مداخيل البلاد.

وتشير التقديرات إلى أن عائدات المحروقات لعام 2024 ستتجاوز 45 مليار دولار، معززة بكون الجزائر ثاني أكبر مورد للغاز عبر الأنابيب نحو أوروبا بنسبة 19 بالمائة، وفي المرتبة الثالثة في الغاز المسال بـ9.9 بالمائة من واردات القارة العجوز.

#إسبانيا
#الاستقرار السياسي
#الاقتصادي
#الجزائر
#عبد المجيد تبون
#فرنسا
#مؤشرات