** وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر للأناضول: - إذا التزمت الدول التي تدخلت بالسودان بوقف إمداد المليشيا بالسلاح فلا مانع من التفاكر لدفعها إلى أن ترفع يدها عن بلادنا - "الدعم السريع" استهدفت المؤسسات الإعلامية للسيطرة على السلطة وجعل السودان حديقة لدول تستأثر بمكاسب الأمة - بدأنا بناء مؤسسات إعلامية ولدي قناعة راسخة بضرورة تأسيس علاقات استراتيجية مع المؤسسات الإعلامية التركية - ليس لدينا ما نخفيه لكن كثيرا من وسائل الإعلام الغربية تزور الحقائق لصالح مليشيا "الدعم السريع" - لا توجد في السودان مجاعة بل شظف عيش بسبب استمرار الحرب لأكثر من سنة وثمانية أشهر
وصف وزير الثقافة والإعلام السوداني خالد الإعيسر علاقات بلاده مع تركيا بـ"الراسخة والمتينة"، وقال إن مبادرة أنقرة للوساطة بين الخرطوم وأبو ظبي تهدف إلى إنهاء الحرب في بلاده بين الجيش و"قوات الدعم السريع".
وأعلنت الرئاسة التركية في 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري أن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، خلال اتصال هاتفي، استعداد أنقرة للتوسط في حل النزاع بين السودان والإمارات.
وفي يونيو/ حزيران الماضي اتهم مندوب السودان بالأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث الإمارات بإشعال الحرب في بلاده، عبر دعم "الدعم السريع".
لكن الإمارات نفت تدخلها في الشؤون السودانية الداخلية، وقالت إن "تلك الادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها".
وأضاف الإعيسر، في مقابلة مع الأناضول، أن "السودان يرحب بكل المبادرات الساعية لوقف قتل السودانيين ووضع حد لمَن يمدون المليشيا ("الدعم السريع") بالسلاح".
ومنذ أبريل/ نيسان 2023 خلّفت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألف.
وتابع الإعيسر أن "العلاقات التركية السودانية راسخة ومتينة، والمبادرة التركية محل احترام وتقدير، وهي محاولة تدخل تركية لتحقيق وقف الحرب في السودان".
وأردف: "كان الرد السوداني أنه (..) إذا التزمت الدول التي تدخلت في الشأن السوداني وأوقفت إمداد المليشيا بالسلاح، فليس هناك ما يمنع من التفاكر حول كيفية دفع هذه الدول لترفع يدها عن بلادنا".
** تدخلات خارجية
وبالنسبة للعلاقات مع أنقرة، قال الإعيسر إنه "كان لتركيا دور مهم ومحوري على مسيرة الأعوام التي مضت من خلال التعاون السياسي والاقتصادي والأمني مع السودان".
وأضاف أن "أي محاولة لوضع حد للتدخلات في الشأن السوداني، بما في ذلك تدخلات الإمارات في سياق الحرب، هو أمر تسعى الحكومة لترسيخه".
و"لهذا لا ترفض الحكومة أي محاولات لدفع الإمارات لترفع يدها عن التدخل في الشأن السوداني"، حسب الإعيسر.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
** حديقة خلفية
وقال الإعيسر إن "الدعم السريع" استهدفت المؤسسات الإعلامية ضمن جهودها للسيطرة على السلطة وتهجير الشعب وتغيير الهوية السكانية للمواطنين.
وأضاف أنها "تتيح الدولة السودانية لكي تكون حديقة خلفية لبعض الدول في الإقليم لكي تستأثر بمكاسب الأمة السودانية".
واعتبر الوزير "الدعم السريع" معول هدم استعانت به دول ومنظمات دولية لتستأثر بالموارد السودانية، وخططت المليشيا لتكتم كل أصوات الإعلام السوداني منذ الساعة الأولى للعملية الانقلابية الفاشلة (اندلاع القتال منتصف أبريل 2023).
وتابع أنها "وضعت يدها على الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون ووكالة السودان للأنباء وكل المؤسسات الإعلامية القومية والخاصة لكي تنجح العملية الانقلابية دون أن تتدخل هذه المؤسسات".
وأفاد بأن هذا "انعكس سلبا على الأداء الإعلامي في الفترات السابقة، ولكننا بصدد بناء مؤسسات جديدة وبدأنا العمل منذ أشهر"، مشيرا إلى أن خسائر المؤسسات الإعلامية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
** صراع موارد
الإعيسر أكد أن السودان دولة زاخرة بالموارد، وهذا سبب إشكالاتها، والاستقطاب الدولي حول القضية السودانية أساسه محاولة الاستئثار بمكاسبها.
وأضاف: "حتى الدول التي تعادي السودان الآن وترتكب جرائم بلغت حد جرائم ضد الإنسانية هدفها هو الاستئثار بموارد الدولة".
وأردف: "أرادت هذه الدول من خلال الحرب أن تأتي بمجموعات من عربان الشتات الذين لا بلاد لهم واستفادت من الامتدادات الجغرافية والقبلية والتداخل الإثني في محاولة لتغيير هوية الشعب ودولته".
واستطرد: "أرادت هذه الجهات أن تأتي بمَن يحسبون أنهم جزء من السلطة ليستأثروا بكامل السلطة ويحلو مكان السكان الأصليين سكان جدد، وهذا خلفه دول راغبة في الاستئثار بالسودان.
وقال إن بعض التظاهرات الشعبية خلال السنوات الأربع الماضية من عمر الفترة الانتقالية (عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019) كانت تدعو لإيقاف شراكات مع الدول بالمنطقة.
واعتبر أن "هذا أحد أهم الأسباب التي جعلت هذه الدول تلتف، بعد أن فشلت من الدخول عبر البوابات الرسمية، لتأتي عبر فوهات البنادق".
و"استعانت بكوادر سودانية حتى تسيطر على السلطة عبر مليشيا الدعم السريع، التي ستفتح لها كل مواعين الاستثمار والاستئثار بالمكاسب الوطنية"، وفق الإعيسر.
وشدد على "إدراك الحكومة والشعب لهذه القضية، ولذلك تصدى الجميع لها لأنها حرب وجودية".
وزاد بأن السودانيين تضرروا من الحرب، فلا تخلو أسرة أو منطقة أو مدينة من ضرر، والأكثر معاناة هم مَن وقعوا في دائرة سيطرة "الدعم السريع".
** تزوير الحقائق
وبخصوص موقف الإعلام الغربي من حرب السودان، قال إنه يغير الحقائق لصالح المليشات، ويتحدث عن وجود طرفين في الحرب ويتهم الجيش بقصف المواطنين وهي اتهامات غير مبررة.
وأضاف: "اسألوا الشعب هل يظن أن الجيش يستهدف الشعب (..) ستكون الإجابة أن الجيش لا يستهدف المواطنين".
واستطرد: "ستكون الإجابة أن الدعم السريع يعتدي على المواطنين وينتهك الحرمات ويغتصب وينهب ويخرج المواطنين من منازلهم، والجيش هو مَن يحمي الفارين من مناطق نفوذ الدعم السريع" .
وشدد على أن "الشعب لا يرغب في أن يكون للدعم السريع دور في المستقبل".
** مفاهيم جديدة
وأكد الإعيسر أنه "لابد من تأسيس دولة سودانية بمفاهيم جديدة.. هناك حملات إعلامية (...) لإضعاف القضية الوطنية وضرب الشراكات الاستراتيجية للسودان" .
وتابع: "لدي قناعة راسخة بضرورة (...) تأسيس علاقات استراتيجية مع المؤسسات الإعلامية التركية المهنية والنزيهة".
وأردف: "يجب عمل شراكات استراتيجية مع الدول التي ساندت السودان في قضيته، وبينها تركيا التي وقفت معنا على كل الأصعدة وسنتعاون معها لأقصى الحدود".
الإعيسر أوضح أن "السودان لا يريد أن يخفي الحقائق، بل أن تُنقل كاملة.. نحن في حكومة السودان ليس لدينا ما نخفيه، ولكن كثير من وسائل الإعلام الغربية تزور الحقائق".
ورأى أنه حدث تشويش للإعلام الغربي جراء الترويج في فترات سابقة للدعم السريع بأنها خط الدفاع الأول أمام الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، و"وجدت هذه القوات دعما أوروبيا خلال السنوات السابقة".
ولفت إلى أن "ذات الإعلام الغربي كان يتهم الدعم السريع بأنه ميليشيا الجنجويد وأنهم قتله يحرقون القرى والمدن في 2003 وحتى 2005 في حرب دارفور (غرب)".
و"الدعم السريع" تشكلت في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود وحفظ النظام، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أنها تتجاوز عشرات الآلاف.
وبعد الإطاحة بالبشير في 2019، شاركت "الدعم السريع" في السلطة عبر تواجد قائدها محمد حمدان دقلو (حمديتي) في منصب نائب رئيس مجلس السيادة، لحين اندلاع الحرب في 2023.
** اختطاف الثورة
وحسب الإعيسر فإن هناك قوى سياسية دعمها الغرب قامت باختطاف ثورة الشعب، وهم سودانيون لا يمثلون الشعب ويريدون أن يحكموا، لذلك هم موقفهم مع الدعم السريع، في إشارة إلى تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم).
وبشأن الوضع الإنساني، قال الإعيسر: "يوجد شظف عيش في البلاد، لكن ليس هناك مجاعة، وشظف العيش بسبب استمرار الحرب لأكثر من سنة وثمانية أشهر".
والثلاثاء، نشرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي بمثابة مرصد عالمي للجوع يضم وكالات الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة، تقريرا عن السودان.
وأفاد التقرير بأنه السودان يشهد مجاعة غير مسبوقة، وتم رصدها في 5 مناطق، ومن المرجح انتشارها في 5 مناطق إضافية بحلول مايو/ أيار 2025، وبات 24.6 مليون شخص (نحو نصف السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي.