قال سياسيون وخبراء اقتصاد مصريون، إن الأمطار التي شهدتها المدن المصرية خلال الساعات الماضية، فضحت مشروعات البنية التحتية والطرق التي أنشأها نظام الإنقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، وشهدت الكثير من عمليات الفساد، والرشوة حسب ما نقل موقع عربي 21.
وبحسب خبراء ومختصين، فإن مصر غرقت بالفعل في "شبر ميه"، رغم المليارات التي أنفقها السيسي في مشروعات الطرق والأنفاق التي نفذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتي كان أبرزها الطريق الدائري الاقليمي، الذي يربط محافظات شرق الدلتا بالقاهرة والصعيد، وتم إغلاقه بعد الهبوط الأرضي الذي جرى في كثير من أجزائه نتيجة الأمطار.
وكانت مدن مصر الجديدة ومدينة نصر، والمعادي والسيدة زينب، وشبرا الخيمة والوراق ووسط القاهرة، والعاشر من رمضان، تعرضت لهطول أمطار كثيفة طوال يوم أمس، ما أدى لغرق الأنفاق والشوارع والطرق الرئيسية والفرعية، نتيجة فشل شبكة الصرف الصحي، ما نتج عنه وفاة طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات بمدينة العاشر من رمضان صعقا بالكهرباء من أحد أعمدة الإنارة المركزية.
من جانبه اتهم عضو البرلمان المصري أحمد مسعود، الحكومة المصرية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، بالفشل والإهمال والفوضى في التعاطي مع الأمطار التي ضربت شوارع ومدن القاهرة والجيزة، وأدت لغرق العديد من الشوارع بشكل كامل، بالإضافة لتوقف الحركة المرورية وشلل الشوارع، رغم تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من حدوث تقلبات جوية وسقوط أمطار على القاهرة.
وأكد مسعود في طلب إحاطة قدمه للبرلمان ضد رئيس الوزراء، ووصلت "عربي21" نسخة منه، أن الأمطار كشفت عجز الحكومة، وغياب رؤيتها في علاج الأزمات وهشاشة وضعف البنية التحتية لشبكات الصرف الصحي.
وتساءل مسعود قائلا: "إذا كانت المناطق الراقية هي الأكثر تضررا من الأمطار الغزيرة، رغم أنّها تتمتع ببنية تحتية جيدة، فما حال المناطق الشعبية، التي لا تحظى بنفس اهتمام المناطق الراقية"، واصفا ما حدث بأن البلد غرقت في "شبر ميّة".
كارثة الدائري
ويؤكد وكيل لجنة الإسكان السابق بمجلس الشعب المصري عزب مصطفى لـ "عربي21"، أن الأمطار كشفت كذب وخداع وفساد النظام العسكري، الذي أرهق المصريين بالديون من أجل إنشاء شبكات طرق وبنية تحية هزيلة، انكشف ضعفها بعد أمطار استمرت لساعتين فقط.
ويشير مصطفى إلى أن غرق نفق العروبة الملاصق للقصر الجمهوري، والهبوط الأرضي في معظم أجزاء الطريق الدائري الذي افتتحه رئيس الإنقلاب منذ 6 أشهر بتكلفة تجاوزت 12 مليار جنيه (750 مليون دولار)، بالإضافة لشبكات الطرق الأخري التي تكلفت أكثر من 60 مليار جنيه (3.8 مليارات دولار)، تؤكد كلها صحة ما قاله المقاول والفنان محمد علي، عن الفساد في إسناد وتنفيذ المشروعات القومية الكبري، والتي قام الجيش بتنفيذها بالأمر المباشر.
ويوضح مصطفى أن رئيس الحكومة ووزير النقل، كانا يستعرضان في البرلمان قبل ساعات من سقوط الأمطار، إنجازات شبكات الطرق والمواصلات والبنية التحتية التي نفذتها الحكومة مع القوات المسلحة بتكليف مباشر من السيسي، ورفضوا كل الانتقادات والتحذيرات التي وجهها لهم نواب البرلمان المحسوبين على النظام، وبعد ساعات قليلة كانت مصر على موعد مع كارثة الأمطار، التي كان على الحكومة الاستعداد لها للاستفادة منها بعد تطورات أزمة سد النهضة.
ويؤكد الوكيل السابق للجنة الإسكان بمجلس الشعب، أن الكارثة بدأت عندما أصدر حازم الببلاوي، رئيس أول حكومة بعد الإنقلاب، قرارا بإسناد أعمال الصيانة لأكثر من 27 من الجسور والأنفاق بالقاهرة الكبري للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بتكلفة إجمالية تبلغ 4.47 مليارات جنيه (مليار دولار بسعر صرف 2014)، وهي الأنفاق والجسور التي تعرض معظمها للغرق والانهيار خلال الساعات الماضية.
غياب الرقابة
ووفق رأي الخبير الاقتصادي عبد الحفيظ الصاوي لـ "عربي 21"، فإن وجود الجيش في الاقتصاد المدني يعد أكبر المشاكل الرئيسية في التنمية الاقتصادية، لما يحصل عليه الجيش من مميزات لا يتمتع بها القطاع المدني، والأهم من ذلك عدم خضوعه للرقابة أو الحساب والمساءلة من الأجهزة الرقابية المعنية، باعتبار أن كل ما يخص الجيش يعد من الأسرار الحربية التي لا يجب الإطلاع عليها.
ويؤكد الصاوي أن تدخل الجيش في الاقتصاد المدني، يساعد على الفساد بشكل كبير، خاصة بعد التعديلات التي جرت على قانون المزايدات، وأعطت الحق لرئيس الحكومة في إسناد المشروعات بالأمر المباشر، وأن تكون الأولوية للمؤسسات العسكرية، وهو ما كان واضحا في استحواذ وزارة الإنتاج الحربي، بالاشتراك مع الهيئة الهندسية، على الجزء الأكبر من مشروعات الحكومة والقطاع العام، وخاصة المشروعات التي تخضع لإشراف المحليات ووزارة الإسكان.
ويشير الصاوي إلى أن الهيئة الهندسية وحدها حصلت على مشروعات بالإسناد المباشر بقيمة 195 مليار جنيه (12 مليار دولار)، حسب تصريحات المتحدث باسم القوات المسلحة، من بينها إنشاء 9 طرق رئيسية من إجمالي 15 طريقا حددتها خطة وزارة النقل، ما يعني أن الهيئة الهندسية ابتلعت مشروعات الطرق والأنفاق داخل المدن وخارجها.