منذ مطلع الألفية تعرضت جنين للعديد من العمليات العسكرية أسفرت عن قتلى وجرحى ودمار كبير
في أعقاب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، شرع الجيش الإسرائيلي في عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية، أطلق عليها اسم "السور الحديدي".
ونقل مراسل الأناضول عن شهود عيان في الضفة، قولهم إن الجيش الإسرائيلي "وسع عملياته في جنين لتشمل عدة أحياء، قصف خلالها مواقع فلسطينية، وقتل 10 فلسطينيين وأصاب 40 بجراح“.
وجاءت عملية جنين في اليوم الثالث من تنفيذ اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين إسرائيل وحركة "حماس"، بعد إبادة جماعية إسرائيلية بقطاع غزة استمرت نحو 16 شهرا.
يأتي ذلك، بينما يواجه سكان الضفة الغربية صعوبة في التحرك خارج المدن وبشكل أكثر تعقيداً من وإلى مدينة جنين، بالتزامن مع غلق واسع لغالبية مداخل محافظات الضفة الغربية، وأزمات خانقة استمرت حتى فجر اليوم على بعض مداخل المدن المفتوحة.
وأشار شهود عيان، إلى أن أصوات اشتباكات مسلحة تسمع بين حين وآخر إلى جانب سماع دوي انفجارات.
وشرعت جرافات عسكرية بتدمير البنى التحتية وممتلكات ومحال تجارية.
والثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه وجهاز "الشاباك" وحرس الحدود، باشروا حملة عسكرية "لإحباط الأنشطة الإرهابية في جنين"، وفق زعمه، وأطلق عليها اسم "السور الحديدي".
وقالت هيئة البث العبرية (رسمية): "بدأ الجيش الإسرائيلي عملية في جنين بغارة جوية بطائرة بدون طيار استهدفت بنى تحتية".
وتمثل العملية -وفق إعلام عبري- محاولة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاسترضاء وزير المالية اليمني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الغاضب من وقف إطلاق النار في غزة.
** قرار من الكابينت
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، أن إطلاق العملية العسكرية في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، جاء بقرار من مجلس الوزراء السياسي والأمني "الكابينت".
وقال نتنياهو إنه "بتوجيه من الكابينت أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) وشرطة إسرائيل، اليوم، عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمة للقضاء على الإرهاب في جنين"، وفق تعبيره.
وأضاف في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، أن العملية تحمل اسم "السور الحديدي"، زاعما أن "هذه خطوة أخرى نحو تحقيق الهدف الذي حددناه وهو تعزيز الأمن في الضفة الغربية".
وتابع: "نتحرك بشكل منهجي وحازم ضد المحور الإيراني أينما يرسل أسلحته، في غزة ولبنان وسوريا واليمن والضفة الغربية، وما زلنا مستمرين"، على حد قوله.
من جهته، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه: "بعد غزة ولبنان، بدأنا اليوم (الثلاثاء) بتغيير مفهوم الأمن في الضفة الغربية أيضا".
وكشف أن "هذا جزء من أهداف الحرب التي أضيفت بناء على طلب (حزب) الصهيونية الدينية إلى الكابينت، الجمعة".
وزعم سموتريتش أن عملية "السور الحديدي ستكون حملة قوية ومتواصلة ضد عناصر الإرهاب ومرتكبيه، لحماية المستوطنات والمستوطنين، ولأمن إسرائيل بكاملها، والتي تشكل المستوطنات حزامها الأمني"، وفق تعبيراته.
** عملية استعراضية
يقول الخبير الفلسطيني أحمد أبو الهيجاء، إن العملية العسكرية في جنين استعراضية، ومحاولة لاسترضاء المستوطنين ووزراء اليمين الإسرائيلي.
وأضاف في حديث للأناضول: "العملية استعراضية بدليل طريقة الاجتياح لجنين تحت قصف عشوائي وغير مركز، ويأتي بعد خروج المقاومة في غزة ثابته وغير منكسرة".
وقال: "العملية أيضا هي فعل استباقي إسرائيلي لضرب المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية".
وتابع: "الضفة عادت اليوم بؤرة للحدث وهذا متوقع، إسرائيل تريد أن تطلق العنان للمستوطنين وتنفيذ خطة الضم واقعيا، وعليه شنت عملية عسكرية في جنين، وقطعت أوصال الضفة الغربية خلال ساعات".
ويشير أبو الهيجاء إلى أن إسرائيل تسعى أيضا إلى إعادة رسم معالم الضفة الغربية في المرحلة المقبلة، "في محاولة منها لتنفيذ مخطط الحسم التاريخي للصراع وضم أكبر مساحة من الأرض".
وتاريخيا نفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة عمليات عسكرية في شمالي الضفة الغربية، تركزت في مدينة جنين ومخيمها.
وهنا أبرز العمليات العسكرية ترصدها الأناضول:
** اجتياح جنين عام 2002
في 2002، شنّ الجيش الإسرائيلي هجوما واسعا على مخيم جنين استمر عدة أيام، وأسفر عن عشرات الضحايا، وخلف دمارا هائلا في البيوت والبنية التحتية.
وجاء الهجوم حينها، خلال اجتياح إسرائيل للأراضي في عملية أطلقت عليها إسرائيل "السور الواقي" عام 2000، إبان انتفاضة الأقصى.
واستمر اجتياح الجيش الإسرائيلي للمخيم من 3 حتى 18 أبريل/ نيسان 2002، بمشاركة مروحيات وعشرات الدبابات والجرافات، وفق تقرير أممي.
وبحسب تقرير للأمم المتحدة، قتل الجيش الإسرائيلي في الهجوم ما لا يقل عن 52 فلسطينيا، نصفهم تقريبا من المدنيين، في حين قُتل 23 جنديا إسرائيليا.
ووفق التقرير جرى تدمير 10 بالمئة من المخيم تدميراً كاملاً، ودُكّت مبانٍ وسط مخيم اللاجئين وسويت بالأرض.
ونقل التقرير عن السلطة الفلسطينية أن القوات الإسرائيلية "قامت أثناء إدارة عملياتها في مخيم اللاجئين بارتكاب أعمال قتل غير مشروعة، واستخدام دروع بشرية، واستعمال القوة بصورة غير متناسبة، وعمليات اعتقال وتعذيب تعسفية، ومنع العلاج والمساعدة الطبية".
ووفق التقرير شاركت 60 دبابة في الأيام الأولى، إضافة إلى المروحيات، في حين استُخدمت الجرافات المدرعة لتدمير المنازل والهياكل الأخرى لكي توسع الممرات داخل المخيم.
وبشأن عدد المدنيين الذين بقوا في المخيم طوال الفترة، قدرهم بنحو 4 آلاف شخص.
ووفق رواية الجيش الإسرائيلي للتقرير، فإن جنوده واجهوا "أكثر من ألف عبوة متفجرة (...) ومئات من القنابل اليدوية، ومئات من الرجال المسلحين".
** كاسر الأمواج 2022
في مارس/ آذار 2022 أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية بالضفة الغربية أسماها "كاسر الأمواج"، نفذ خلالها سلسلة اقتحامات في الضفة الغربية تركزت في شمالها وتحديدا في مدينة جنين ومخيمها.
وجاءت العملية في ظل تصاعد التوتر على خلفية اشتباكات متجددة بين الجيش ومستوطنين من جهة، وفلسطينيين من جهة أخرى.
واستخدم الجيش الإسرائيلي في العملية الطائرات المسيرة وشارك فيها 25 كتيبة عسكرية، واسفرت عن مقتل أكثر من 100 فلسطيني بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.
وفي أيار/ مايو 2022، بدأ جيش الاحتلال في اجتياح عسكري لمخيم جنين، وقتل في حينه مراسلة قناة الجزيرة القطرية الصحيفة شيرين أبو عاقلة برصاصة مباشرة، خلال تغطيتها الاجتياح.
** 2023
تصاعدت عمليات الجيش الإسرائيلي في جنين، حيث قتل 10 فلسطينيين في عملية عسكرية في مدينة جنين ومخيمها يوم 26 كانون الثاني/ يناير 2023.
وفي 19 يونيو/ حزيران 2023، قتل 5 فلسطينيين في عملية عسكرية استمرت 10 ساعات خلفت أضرارا كبيرة في البنية التحتية.
وفي يوليو/ تموز من نفس العام بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية هجوم جوي وبري على مدينة جنين ومخيمها ما تسبب في سقوط قتلى وعشرات الجرحى ودمار كبير.
** مخيمات صيفية 2024
وفي أغسطس/ آب 2024 بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية أطلق عليها "مخيمات صيفية" في شمالي الضفة.
واستهدفت العملية والتي بدأت باجتياح بري تحت غطاء جوي مدينة جنين ومخيمها، وطولكرم ومخيميها، ومدينة طوباس ومخيم الفارعة .
قتل خلال العملية التي استمرت 3 أيام متتالية 11 فلسطينيا.