سواء ضربت إيران إسرائيل فعلاً أو تظاهرت بذلك، فإن الصين وروسيا، وحتى الولايات المتحدة، لا ترغب في حدوث هذا. ولكل قوة عظمى من هذه القوى الثلاث استراتيجياتها الخاصة التي تتعارض مع بعضها البعض، وأسبابها المختلفة فيما يتعلق بالصراع في المنطق، لذلك من الضروري تحليل هذه المعطيات لفهم ما إذا كانت إيران ترغب حقاً في ضرب إسرائيل. فهل يمكن لأي دولة أن تضرب إسرائيل رغم معارضة ثلاث قوى عظمى؟ في هذه الحالة قد يكون ذلك ممكناً. وهذا يقودنا إلى داخل طهران. إن "التصفيات" التي طالت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير
سواء ضربت إيران إسرائيل فعلاً أو تظاهرت بذلك، فإن الصين وروسيا، وحتى الولايات المتحدة، لا ترغب في حدوث هذا. ولكل قوة عظمى من هذه القوى الثلاث استراتيجياتها الخاصة التي تتعارض مع بعضها البعض، وأسبابها المختلفة فيما يتعلق بالصراع في المنطق، لذلك من الضروري تحليل هذه المعطيات لفهم ما إذا كانت إيران ترغب حقاً في ضرب إسرائيل.
فهل يمكن لأي دولة أن تضرب إسرائيل رغم معارضة ثلاث قوى عظمى؟ في هذه الحالة قد يكون ذلك ممكناً.
وهذا يقودنا إلى داخل طهران. إن "التصفيات" التي طالت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان قد خلقت واقعًا سياسيًا جديدًا لإيران. كما رأينا في اغتيال هنية والتحقيقات المرتبطة بها. لقد أدركنا حينها أن أحد التروس كان عالقًا في عجلة طهران.
يمكنكم تتبع آثاره في السياسة؛ فالرئيس الجديد، بوصفه شخصية إصلاحية، يرغب في إقامة علاقات أفضل مع الغرب. وقد صرح بذلك علنًا خلال فترة ترشحه. إلا أن اغتيال هنية قد عرقل مساعيه وأضعف موقف. وقبل أن يعين حتى وزير الخارجية، عيّن "بزشكيان" جواد ظريف نائباً مسؤولاً عن الشؤون الاستراتيجية. و"ظريف" غني عن التعريف، فموقعه في توازنات إيران الداخلية معروف. وبعد عشرة أيام من مشاركتنا هذه المعلومات معكم، استقال ظريف. لماذا؟ لأن تلك "العجلة" عرقلت تقدمه.
نفس هذه العجلة ترفض المرونة في السياسة الخارجية الإيرانية. فهي طرف في توزيع المصالح داخليًا، وتطالب بإعطاء رد قوي ومباشر لإسرائيل. وفي هذا السياق تصبح إيران شريكة في رغبة تل أبيب بتصعيد الحرب.
والآن، دعونا نستعرض العناصر الاستراتيجية للقوى العظمى.
إن موقف الصين الرسمي يؤيد وقف إسرائيل، ويدعم قرار حل الدولتين الذي صدر عام 1967، بل يدعو إلى جمع قادة الفصائل الفلسطينية بهدف التوصل إلى حل. ويصف قتل هنية بأنه "محاولة ضد هذا المسعى" .
ولكن الصين بالتأكيد لا ترغب أن تمنح إيران من خلال ردها فرصة ومبرراً لإسرائيل. ويعود ذلك لقضية حساسة لبكين، فمثل هذا الوضع قد يشكل خطر عرقلة التقدم الصيني في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، خاصة تقدمها عبر "الاستثمارات والمسارات".
أما بالنسبة لروسيا، فالدوافع والأسباب نفسها تنطبق عليها، إلا أنها تدرك أن ضرب الولايات المتحدة وإسرائيل لإيران، قد يؤدي إلى سقوط النظام، وهو ما سيتسبب بخسارة جيوسياسية فادحة. وتشاطر الصينُ روسيا نفس هذه المخاوف
كما تدرك كل من سوريا وأوكرانيا أن تحميل موسكو أعباء إضافية في مناطق مثل كورسك، سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الصعبة التي تواجهها روسيا بالفعل. وهذا هو السبب الأساسي وراء رغبتها في تسريع عملية التطبيع بين تركيا وسوريا، بالإضافة إلى تقدم إسرائيل نحو الشمال.
أما الولايات المتحدة، فتخشى أن يؤدي هجوم إيران إلى خلق فراغ جيوسياسي لا يمكن السيطرة عليه في جميع أنحاء المنطقة، وأن يتسبب في تفاقم المشاكل في منطقة تعاني بالفعل من الضغوط. وتخشى أيضاً من أن يؤدي سقوط النظام الإيراني إلى فوضى عارمة تخلق هوة سوداء جديدة، وأن لا تتمكن من استبدال النظام الحالي بنظام آخر يتماشى مع مصالحها على الإطلاق في المستقبل القريب. (والجدير بالذكر أن هناك العديد من الدبلوماسيين الأمريكيين يعتقدون أن إسرائيل تقوض خطط واشنطن في المنطقة). مع أن الولايات المتحدة لديها علاقات قائمة مع إيران، ويعلم الجميع أن هناك قنوات اتصال مفتوحة وفعالة، ووسطاء جيدون، وأن طهران في النهاية تستمع وتتفهم حتى لو لم توافق على وجهة النظر الأمريكية. والأهم من ذلك، أن الولايات المتحدة ترغب في معالجة هذه المسألة بعد الانتخابات الأمريكية.
ولكن تدرك الدول الثلاث أن إيران تمثل قوة مؤثرة في المنطقة، وهذا ما يريدون السيطرة عليه وتوجيهه.
كل هذا جيد ولكن إسرائيل تواصل ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وتستمر في نشر سمها وتوسيع نفوذها. فكيف سيكون الحال؟
يجدر بنا أن نولي اهتمامًا خاصًا بمقترح "المعاهدة" الذي قدّمه السيد فيدان ومن بعده السيد بهتشلي.
إن تشكيل مجموعة استراتيجية تضم العراق وسوريا ومصر والسعودية وقطر وتركيا والإمارات هو بلا شك مهمة شاقة للغاية، أشبه بمحاولة اجتياز جبل من العقبات. ولكن السياق الحالي - سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي - يوفر بعض الفرص المواتية.
ونظراً لأن القوى العظمى تسعى جاهدة للسيطرة على الجبهات الاستراتيجية التي تواجه بعضها في الشرق الأوسط، أو إضعافها، فإن هذا التكتل يمكن أن يعتمد في المقام الأول على الدعم الشرقي. قد لا يكون هذا الخيار مثاليًا من الناحية الاستراتيجية، ولكنه عملي ومقبول سياسيًا. ويمكن أن يساهم في زعزعة الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وإيقافهم.
لا يزال هناك الكثير للنقاش، ولكن لا يوجد أي مقترح آخر للخروج من الأزمة سوى المقترح التركي. وفوق ذلك عندما نأخذ النتائج بعين الاعتبار، نجد أن الأمر يستحق العناء
جحور الأرنب..
إن العلاقات الصينية الهندية تجد طريقها وسط حقائق النظام العالمي الجديد. كان يُعتقد أنه من المستحيل تحقيق ذلك، لكنه قد يصبح أحد "التصحيحات" الأكثر أهمية في البنية العالمية. فقد انتقلت العلاقة بين هذين البلدين الضخمين بشكل رسمي، من حالة التأهب العسكري الدائم على الحدود، إلى مرحلة جديدة تركز على الحقائق الملموسة.
هناك نظام جديد في بنغلاديش. النظام القديم فر إلى الهند. ولدى هذه الدولة علاقات مهمة مع تركيا يجب الحفاظ عليها. لا يمكن فعل شيء حيال ذلك. محمد يونس هو من تولى مقاليد الحكم. لقد "صنع في أمريكا" بل "صنع بواسطة أمريكا" هذه هي الحقيقة. لا تدع تمجيده السريع في تركيا وتلميعه بجائزة نوبل يشوّش إدراكك. قد تزداد العلاقات مع باكستان. ولا يمكن فعل شيء حيال ذلك أيضًا. ستدعم أنقرة هذه العلاقات من مسافة آمنة. لكن النقطة الأساسية تكمن في فهم أن خطوة بنغلاديش هي رد على خطوة الهند تجاه الصين.
إذا كنت تقول "لست من أولئك الذين يصابون بأزمة حرمان بسبب إغلاق انستغرام ولا أتنازل لمستوى برامج الحوار المسائية"، إذن عليك أن تفتح خريطة بسرعة وتلصق الأحداث المتسلسلة والمشبوهة التي تتطور في تايلاند وميانمار على الصورة أعلاه ولكن دون حذف أي شيء. سترى أن اللون سيتطابق تمامًا، وسيكون نسخة طبق الأصل من أوكرانيا والشرق الأوسط.