محاولة المعاقبة السياسية من خلال الإرهاب الاقتصادي نصب "الضمير" لمدعي المعرفة على الشاشات وفي الصحف! كانوا يجعلوننا نقول "الحق" عندما انهارت الدولة العثمانية!

10:463/10/2018, Çarşamba
تحديث: 3/10/2018, Çarşamba
إبراهيم قراغول

إن اختزال الازمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا، أو بالأحرى الهجوم الاقتصادي الصريح الذي تتعرض له، في مجموعة أشخاص وتحميلهم المسؤولية عنها واستغلال هذه الظروف لوضع أساس نفسي لحركة معاقبة ومحاولة إطلاق موجة استياء عامة وتحويل ذلك إلى مسألة تصفية حسابات سياسية داخلية والسعي للانتقام عن طريق هذا الأمر من بعض الجهات والترويج للحسابات السرية تحت عباءة "التحذيرات البريئة" و"قول الحق"؛ كل ذلك تعتبر أمورا في غاية الخطورة، لأنها محاولة فاشلة للنيل من تركيا.من الواضح أن هناك من يروج لشكل من أشكال ما حدث يومي

إن اختزال الازمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا، أو بالأحرى الهجوم الاقتصادي الصريح الذي تتعرض له، في مجموعة أشخاص وتحميلهم المسؤولية عنها واستغلال هذه الظروف لوضع أساس نفسي لحركة معاقبة ومحاولة إطلاق موجة استياء عامة وتحويل ذلك إلى مسألة تصفية حسابات سياسية داخلية والسعي للانتقام عن طريق هذا الأمر من بعض الجهات والترويج للحسابات السرية تحت عباءة "التحذيرات البريئة" و"قول الحق"؛ كل ذلك تعتبر أمورا في غاية الخطورة، لأنها محاولة فاشلة للنيل من تركيا.

من الواضح أن هناك من يروج لشكل من أشكال ما حدث يومي 17 – 25 ديسمبر 2013 اليوم بين بعض الأوساط، بخلاف تنظيم غولن الإرهابي، ويبني مجموعة من القصص والخيالات بناء على ذلك. وأحيانا يكون لزاما علينا أن نقول الحق، أن نفكر مليا بالغرض الحقيقي الكامن وراء ما تقولنه وأي حساب كبير يعتبر هذا الأمر جزءا منه.

تقريب الجبهة من تركيا

يجب على الجميع ألا ينسوا أن تركيا واجهت دائما "التدخلات الدولية"، كما حدث ليلة 15 يوليو وما سبقها من هجمات. كما أدعو الجميع لألا يغفلوا أبدا عن أن الأمر الذي يستصغرونه اليوم ويسخرون منه بوصفه "القوى الخارجية" هو ذاته التدخل الخارجي الذي وصل إلى نقطة تمزيق وطننا ليلة 15 يوليو.

يجب على الجميع ألا ينسوا أبدا أن تركيا قادت صحوة وموجة صعود جديدة بنهاية القرن العشرين، ولهذا فقد تعرضت للكثير من الهجمات الشرسة، وأن الهدف الأساسي لهذه الهجمات هو "إيقاف تركيا وتقليص قدراتها"، وأن النماذج التي نشهدها في سوريا والعراق إنما تعني تقريب الجبهة أكثر نحو تركيا.

إنهم يستخدمون تلك "التقارير" على "الأرض"، بل وحتى في بلدنا

لا تتمتع المعارضة التركية بالقدرة على التحقيق بشأن شرعية قول الحق / الصدق. بيد أننا رأينا خلال السنوات الست الماضية كيف تسترت التدخلات دائما تحت أوجه التمويه هذه كلها. إن أعداءنا استغلوا المسلمين المحافظين من الملتزمين في جميع أرجاء العالم الإسلامي على مدار العقود الثلاثة الماضية على هيئة تنظيمات إرهابية من أجل تنفيذ أهدافهم والوصول إلى مآربهم. كما استخدموا ضدنا ليلة 15 يوليو كيانا ذا "عباءة إسلامية محافظة".

لقد استغلوا "كيانات الجماعات" في العالمين العربي والإسلامي. وبدؤوا منذ عام 2015 بنشر عدد لامحدود من التقارير والمشاريع التي تتناول هذه الكيانات بالدراسات التفصيلية. وقد استخدموا الجزء الأكبر من هذه المشاريع على الساحة، استخدموا أمام أعيننا، لكننا لم ننتبه لمعظمها.

فلينته المحافظون

علينا ألا نكرر الوقوع في الخطأ ذاته

لا شك أن أعداءنا لو أرادوا اليوم استغلال البعض للنيل من مسيرة تركيا الكبرى اليوم فإنهم سيجربون مرة أخرى تنفيذ محاولة "ذات صبغة محافظة". لأنه لم يعد لديهم أي خيارات أخرى. وإذا كان الأمر كذلك، يجب لمواجهة المخطط الدولي الجديد أن تنتبه هذه الأوساط المحافظة أكثر من أي توجه آخر وأن تحاول تحصين أنفسها لمواجهة هذا الهجوم المحتمل.

لقد رأينا هذه المخططات والسيناريوهات مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. رأينا كيف استغلوا البعض ضد الدولة العثمانية. ولهذا علينا ألا نكرر الخطأ ذاته وألا نفوت اللحظة التاريخية مرة أخرى.

الهجوم الاقتصادي والهجمات الإرهابية ذات مصدر واحد

إن الأزمات الاقتصادية لا تكون دائما مقتصرة على المشاكل الاقتصادية. نعم، هذا هو الظاهر على السطح. لكن في معظم الأحيان تكون جزءا من الحسابات الجيوسياسية. وهو ما ينطبق على الواقع سواء على مستوى الدولة أو المستوى العالمي.

أحيانا تكون مثل الإرهاب، وأحيانا مثل الأزمات السياسية الداخلية، وأحيانا مثل التهديدات العلنية، وأحيانا مثل إعلان دولة الحرب على دولة أخرى. انظروا لما حدث قبيل الحربين العالميتين، تصفية حسابات اقتصادية، تقاسم المصادر والمستعمرات.

انظروا إلى الأزمات الاقتصادية التي عاشتها تركيا حتى اليوم: جميعها أزمات سياسية مفتعلة عن طريق الاقتصاد، لأنها موجهة لإعادة رسم ملامح السياسة الداخلية، وأسست على نهب الثروات التي جمعتها تركيا خلال عشر أو عشرين عاما من أجل إفقارها وسجنها بين جدران المحور الأطلسي. ومن هذا المنطلق فإن الأزمات الاقتصادية والهجمات الإرهابية جزء من الحساب ذاته.

هذه ليست ازمة اقتصادية بل تصفية حسابات جيوسياسية

لقد كانت الأزمة الاقتصادية التي ضربت الغرب عام 2008 أزمة جيوسياسية من حيث نتائجها. وهكذا انهارت أطروحات هيمنة الغرب على العالم. ولا شك أن نتائج جيوسياسية أخرى ستفرزها الحروب التجارية التي تخوضها الولايات المتحدة اليوم ضد الصين وروسيا وأوروبا وتركيا وبقية الدول الأخرى.

إن ما نطلق عليه مصطلح الحروب التجارية هي حروب قوة. وسنرى خلال بضع سنين الصراعات والانكسارات التي ستفضي إليها في مختلف بقاع العالم، وكيف ستحجم قدرات بعض الدول في حين ستفتح المجال أمام دول أخرى. وتتخذ تركيا موقعا مركزيا وسط صراع القوي العالمي هذا. وهي تسعى لأن تخرج نفسها من القرن العشرين لتضع نفسها في المركز. وهو ما نسميه بعهد الصعود الكبير.

ولهذا فنحن نتعرض لهجمات شرسة في هذا العهد. وهي ما كنا سنتعرض لها فعلا، فهذا كفاح. فلو كانت لديكم طموحات كبرى فإن لديكم صراعات كبرى. ولن تستطيعوا أن تكونوا عظماء دون خوض تصفية الحسابات هذه. ولهذا السبب كانت الهجمات التي تعرضنا لها والكفاح الذي خضناه على مدار السنوات كبيرا.

البعض يحاول التقليل من شأن تصريحات أردوغان

يحاول البعض التقليل من شأن تصريحات الرئيس أردوغان حول الإرهاب الاقتصادي، يسعى للتخلص من تأثيرها وتفريغ مضمونها.

يحاول البعض تشويه من يسعون بكل ما أوتوا من قوة لمواجهة المشاكل الاقتصادية، ووصفهم بالرجال السيئين، واستغلال هذا الأمر لإيجاد حالة من الاحتقان المجتمعي.

يحاول البعض من ناحية إثارة القلاقل عن طريق القول "لقد أفلست تركيا وانتهى أمرنا!" ليستثمروا في "الإساءة النفسية"، ومن ناحية أخرى يسعون لتهريب ملياراتهم إلى الخارج وينظمون "رحلات مالية" لهدم الاقتصاد.

يستغلون العملاء السريين عن طريق "هويات" مختلفة

فماذا يريدون منع حدوثه عبر إطلاقهم إلى الساحة؟

يبحث البعض عن إيجاد أرضية مناسبة لمعارضة اجتماعية عن طريق ملء فراغ فشله في إنتاج أي فكر سياسي عن طريق الترويج لفكرة "الأزمة الاقتصادية".

يحاول البعض إضعاف المحور الوطني الذي يحافظ على العمود الفقري لتركيا وطموحاتها التاريخية والنيل منه وجعله معطلا، ويبحث عن طريق أسهل لهز تركيا، ويروج لفكرة "الأزمة الاقتصادية" و"السخط المجتمعي".

يستغل البعض عملاءه السريين ويطلقهم إلى الساحة بهويات مختلفة كلما تعالت تصريحات التدخل في شرق الفرات ودنا أجله، فيروجون للأزمة الاقتصادية. والعجيب في الأمر أن الذين يستهدفون تركيا بالهجمات الاقتصادية يتلقون في نقطة ما مع هذه الأوساط، فالطريقة والتوقيت متطابقان إلى حد بعيد.

نصب "الضمير" لمدعي المعرفة على الشاشات وفي الصحف

ورجال العمليات في كل مكان!

يظهر البعض أمامنا وكأنه نصب ضمير تحت مسمى "قول الحق" ويتظاهر بالبراءة حين يقول "ألن نقول هذا أيضا؟" ليعمل على تنفيذ أجندة بعض الجهات الأخرى، فيدعي المعرفة على الشاشات وفي مقالات الرأي ويتظاهر وكأنه يقول الحق وأنه قيادي فكري ينتمي إلى هذا المجتمع من خلال مظهر مختلف تماما عن مظهره الحقيقي.

إننا نشهد هذه الأيام ظهورا مكثفا لرجال التلاعب الذين يبدون بمظهر الحكماء، لكنه في الواقع مغرورون لم يمتلكوا أبدا أي رؤية سياسية صائبة ولم يتحملوا مسؤولية بل سعوا دوما خلف الحسابات التافهة. فهؤلاء هم رجال العملية النفسية للحركة السرية الجديدة، وقريبا سينضم آخرون إلى تلك القافلة.

فعلوا هذا عند انهيار الدولة العثمانية

ويفعلونه اليوم وتركيا في صعود

ينفذ البعض مخططات سياسية سرية. إنهم يفعلون هذا عن طريق التلاعب بعقول الأوساط المؤيدة لحزب العدالة والتنمية، يحاولون جعلهم يحيدون عن الطريق عن طريق إعماء أبصارهم بالتفاصيل. أقولها صراحة إن فكري الشخصي مبني على أن "المحيط" الجديد الذي يرغبون في جعله كيانا منظما سيضعونه أمامنا على الساحة بصفته جزءا مما يحدث في منطقتنا والعالم، لا سيما المخططات الدولية الموجهة نحو تركيا.

لقد جربوا هذا الأمر عند انهيار الدولة العثمانية ونجحوا في ذلك، وسيجربونه اليوم كذلك بينما تركيا تسير نحو الصعود. آمل أن أكون قد وفقت في إيصال مرادي.

#الضمير