كنتُ من بين الحضور الذين توجهوا إلى قطر لتوديع إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. رافقني في هذه الرحلة فريق من صحيفة "يني شفق"، وخدمة الإنترنت، وقناة "TVNET" و"GZT"، و7 أصدقاء من قسم اللغات الأجنبية في "ألبيرق" الإعلامية. في الحقيقة واجهنا صعوبة في أداء عملنا كصحفيين بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي حالت دون دخول الصحفيين إلى داخل المسجد أو حتى إلى الفناء. لم يكن هناك سوى بث واحد من قناة قطر. لكنني وزميلنا الصحفي بوراك دوغان تمكنا من إيجاد طريقة للدخول إلى المسجد، حيث لم يكن هناك على
كنتُ من بين الحضور الذين توجهوا إلى قطر لتوديع إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. رافقني في هذه الرحلة فريق من صحيفة "يني شفق"، وخدمة الإنترنت، وقناة "TVNET" و"GZT"، و7 أصدقاء من قسم اللغات الأجنبية في "ألبيرق" الإعلامية. في الحقيقة واجهنا صعوبة في أداء عملنا كصحفيين بسبب الإجراءات الأمنية المشددة التي حالت دون دخول الصحفيين إلى داخل المسجد أو حتى إلى الفناء. لم يكن هناك سوى بث واحد من قناة قطر. لكنني وزميلنا الصحفي بوراك دوغان تمكنا من إيجاد طريقة للدخول إلى المسجد، حيث لم يكن هناك على ما يبدو أي صحفي آخر داخل المسجد سوانا.
كان مسجد محمد بن عبد الوهاب في الدوحة، الذي يُعتبر من أكبر المساجد في العالم، مكتظاً بالجموع، وكان هناك عدد أكبر بكثير في الفناء الخارجي. كانت درجة الحرارة خارج المسجد تصل إلى 45 درجة مئوية، ولكن تشعر وكأنها 50 درجة مئوية.
وصل جثمان إسماعيل هنية إلى قطر ظهر اليوم السابق. وتدفق المسلمون من جميع أنحاء العالم إلى البلاد في نفس الوقت. وحضر عائلته الجنازة، بما في ذلك زوجته وأبناؤه وأحفاده، بالإضافة إلى رفاقه في النضال، والقيادة العليا لحركة حماس، وجميع أعضاء التنظيم تقريباً.
كل من عرفناهم ممن يحمل في قلبه قضية فلسطين، ويتضامن معها، ويؤازر نضال هنية، كان حاضراً في مسجد عبد الوهاب.
أما تركيا، فقد أرسلت وفداً كبيراً برئاسة رئيس البرلمان التركي، نعمان قورتولموش، لحضور تشييع هنية. لقد تجسدت استضافة قطر وإرادة تركيا السياسية في رحلة الوداع الأخيرة للشهيد إسماعيل هنية. كان هذا الوفاء وهذا الموقف رسالة واضحة إلى العالم بأسره ولمن حاد عن القضية الفلسطينية.
قضيت بعض الوقت في مراقبة أجواء المسجد. تحدثت مع الوفد القادم من تركيا. ورأيت الشيخ محمد غورماز الرئيس السابق للشؤون الدينية، وذهبت إليه. كان ضمن وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وصل في الليلة السابقة واستضافته عائلة إسماعيل هنية.
جلست بجانب رئيس لجنة الصداقة التركية-الفلسطينية بالبرلمان التركي حسن توران. كان هناك 21 عضوًا من لجنة الصداقة، من أحزاب مختلفة، وقد تمت دعوتهم جميعًا. وحضر الغالبية العظمى منهم.
وفي خطبة الجمعة، تناول الإمام أهمية قضية فلسطين. وقد صلى أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس البرلمان التركي، قورتولموش، في الصف الأول.
بعد الصلاة، ألقى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، خطابًا ذكَّر فيه الحضور بمسؤوليات جميع الحكام والعلماء والشعوب تجاه قضية فلسطين. وقبل صلاة الجنازة، ألقى خليفة إسماعيل هنية المؤقت، خالد مشعل، خطابًا حازماً ومشحونًا بالغضب، جمع بين حزن وداع رفيق دربه، وإرادة حمل قضية فلسطين على عاتقه. واستذكر مشعل الشهداء المؤسسين لحماس، الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وأكد مجددًا أن اغتيالات إسرائيل لن تُرهِبهم أو تثنيهم عن قضيتهم أبدًا، بل إن دماء الشهداء ستكون سببًا في تحرير فلسطين.
وأثناء صلاة الجنازة خيم حزن شديد على المسجد، ولم يكن يُسمع سوى تكبيرات الإمام ونحيب المصلين، وكأن الجميع كانوا يبكون. كان ذكر أسماء قادة حماس يثير الرعب في قلوب الإسرائيليين ولكن فقدان رفيق مثل إسماعيل هنية جعل حتى تلك الجبال من القادة يبكون من أعماق قلوبهم. ثم تعالت التكبيرات التي استمرت لدقائق طويلة. وأعلن الشباب الفلسطينيون في الصفوف الخلفية لفترة من الوقت أن غضبهم العارم لن يهدأ أبداً.
دُفن إسماعيل هنية في مقبرة بمدينة لوسيل على بعد 15 كيلومترا شمال الدوحة. وهذه المقبرة تحمل دلالة خاصة، حيث لم يدفن فيها إلا أربعون شخصًا من العائلة المؤسسة لدولة قطر. كان دفنه هناك رمزاً لدعم قطر السياسي والمعنوي للقضية الفلسطينية ولهنية. لقد كان مشهد وقوف أفراد عائلة هنية وقادة حماس حول قبره بتكاتف، يحمل معانٍ عميقة، إن هذه الدلالات التي شهدتها رحلة هنية الأخيرة ستكون محور حديثنا كثيرا في الفترات المقبلة.
كانت صلاة الجنازة في الدوحة بمثابة مؤتمر أعلنت فيه حماس أنها ستواصل نضالها مجدداً وبهيكلية أقوى. لقد تلقيت هذه الرسالة بوضوح من مسؤولي حماس الذين قابلتهم في خيمة العزاء. سأشارك انطباعاتي عن خيمة العزاء في وقت لاحق.
رحمك الله يا إسماعيل هنية. لقد تركت وراءك إرثًا كبيراً؛ تمثل في هذه القضية العظيمة، والكرامة والعزة والشرف ومكانة القائد المسلم. إن نقل قصة حياتك ونضالك إلى الأجيال القادمة هو واجب وشرف عظيم.