أشرت، في مقالي السابق، إلى أن النيوليبراليين قد يساندون كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. المسيحيون البيض الإنجيليون، الذين يشكلون قاعدة أساسية للناخبين الجمهوريين، يمثلون هدفًا رئيسيًا لاستراتيجيي الحملة الديمقراطية. في عام 2016، كان دونالد ترامب شخصية مثيرة للشكوك بين الإنجيليين بسبب أسلوب حياته، رغم أنه كان مرشحًا للرئاسة. مايك بنس، السياسي الإنجيلي، كان قد تنافس مع ترامب في الانتخابات التمهيدية. بعد فوزه في هذه الانتخابات، اختار ترامب بنس ليكون مرشحه لمنصب
أشرت، في مقالي السابق، إلى أن النيوليبراليين قد يساندون كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. المسيحيون البيض الإنجيليون، الذين يشكلون قاعدة أساسية للناخبين الجمهوريين، يمثلون هدفًا رئيسيًا لاستراتيجيي الحملة الديمقراطية.
في عام 2016، كان دونالد ترامب شخصية مثيرة للشكوك بين الإنجيليين بسبب أسلوب حياته، رغم أنه كان مرشحًا للرئاسة. مايك بنس، السياسي الإنجيلي، كان قد تنافس مع ترامب في الانتخابات التمهيدية. بعد فوزه في هذه الانتخابات، اختار ترامب بنس ليكون مرشحه لمنصب نائب الرئيس لكسب دعم الإنجيليين البيض. ونتيجة لذلك، حصل ترامب في انتخابات نوفمبر 2016 على أكثر من 80% من أصوات الإنجيليين البيض.
تشكل الأقلية الإنجيلية حوالي 14% من إجمالي السكان، ويمثلون 20% من الناخبين في انتخابات 2020. هؤلاء الإنجيليون يشكلون ثلث قاعدة الحزب الجمهوري. إلى جانبهم، يشكل البروتستانت البيض والكاثوليك البيض، الذين يمثلون 14% و13% من السكان على التوالي. وتشكل هذه المجموعات الثلاث الجبهة الرئيسة في "حروب الثقافة" بالولايات المتحدة، وتعد حلفاء أساسيين للحزب الجمهوري.
دعم أصوات الإنجيليين البيض يلعب دوراً مهماً للغاية في فوز الديمقراطيين بالانتخابات. فقد فاز باراك أوباما بالرئاسة عامي 2008 و2012 بعد أن حصل على 26% و21% من أصوات الإنجليين البيض على التوالي. وفي انتخابات 2016، خسرت هيلاري كلينتون لأن نسبة أصوات الإنجليين البيض التي حصلت عليها كانت 16% فقط. بينما فاز جو بايدن في الانتخابات لأن نسبة الأصوات التي حصل عليها من الإنجليين بلغت 24%. حالياً، يدعم 85% من الإنجليين البيض الجمهوريين، بينما يدعم 14% منهم الديمقراطيين.
وتعد الانتخابات المقررة في نوفمبر 2024 حاسمة لكل من الجمهوريين والديمقراطيين. يركز الديمقراطيون حالياً على هزيمة ترامب، حيث إن خسارة ترامب تعني استمرار "النظام السياسي الثنائي الحزبي" في الولايات المتحدة. لذا، يعول الجمهوريون التقليديون والمناهضون لترامب، وكذلك النيوليبراليون الذين يفضلون استمرار سياسة 'الحروب المستمرة'، على فوز كامالا هاريس.
في انتخابات نوفمبر 2024، ستكون التغيرات الطفيفة في نسبة الأصوات ذات أهمية كبيرة. لذلك، يعمل استراتيجيون الحزب الديمقراطي على زيادة دعم الأصوات من بين الإنجليين البيض. وفي هذا الإطار، بدأ الإنجليون البيض المتعاونون مع الديمقراطيين في العمل من أجل دعم كامالا هاريس.
تنظم مجموعة "الإنجيليين من أجل هاريس" حملة تدعي أن كامالا هاريس أفضل مسيحية من دونالد ترامب، من خلال نشر إعلانات تدعم هذا الادعاء. من جانبه، يزعم فرانكلين غراهام، نجل الواعظ بيلي غراهام وأحد قادة الإنجيليين المؤيدين لترامب، أن هذه المجموعة تستغل اسم والده للتشهير بترامب. ويضيف غراهام أن والده، لو كان على قيد الحياة، لكان سيدعم ترامب.
من جهتها أعربت حفيدة بيلي غراهام، جيروشاه دوفورد، عن استيائها من خلال مشاركتها في إحدى فعاليات "الإنجيليين من أجل هاريس"، حيث أشارت إلى أن استمرار دعم الإنجيليين لترامب يساهم في ابتعاد الشباب عن المسيحية. من ناحية أخرى، أعلن مايك بنس، نائب الرئيس في عهد ترامب، أنه لن يدعم ترامب، وذلك في تصريح له. كما أعلن ديفيد فرينش، الكاتب والباحث القانوني والإنجيلي البارز، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في أغسطس الماضي، أنه سيصوت لكامالا هاريس لإنقاذ الحركة المحافظة من تأثير ترامب السلبي.
وتستمر المشاحنات والمشادات بين القساوسة الاجتماعيين-الليبراليين الذين يمثلون جزءاً من الإنجيليين البيض والقساوسة المؤيدين لترامب الذين يمثلون الجزء الأكبر منهم. يقوم الإنجيليون المؤيدون لترامب بالدعاية التي تصف كامالا هاريس بأنها سياسية شيطانية تتنكر في زي مسيحي. ويحاول هؤلاء إثناء من يفكرون في التصويت لهاريس من خلال القول "إذا صوتت لهاريس، فأنت لست إنجيلياً". بينما يتكتل الإنجيليون المسيحيون-الصهيونيون الذين يدعمون إسرائيل بحماسة حول ترامب.
ويمثل الإنجيليون البيض عنصرًا حاسمًا في الانتخابات الأمريكية. بالنسبة للديمقراطيين، فإن تغيير هذه المعادلة يحمل أهمية استراتيجية كبرى، سواء في انتخابات 2024 القادمة أو في "حروب الثقافة" على المدى البعيد. أما بالنسبة للجمهوريين، فإن الحفاظ على هذه المعادلة يعد أمراً حيوياً للغاية.