
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: أكبر مشكلة في المنطقة هي أن إسرائيل ترى سوريا مجالا للتوسع..
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن تركيا لا يمكن أن تسمح بأن تتحول سوريا مجددا إلى ساحة فوضى.
جاء ذلك في كلمة افتتاحية، الأربعاء، لمؤتمر نظمه مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي (سيتا)، تحت عنوان "سوريا بعد عام: التعافي وإعادة الإعمار".
وذكر فيدان، أنه "لا يمكن تقسيم سوريا بحجة إقامة نظام فيدرالي ولا يمكن قمع الناس بذريعة تحقيق الوحدة".
وأكد على أن تركيا لا يمكنها التهاون حيال عودة سوريا إلى ساحة فوضى.
وأضاف: "فما جرى في العراق وسوريا خلال الأعوام الـ25 - 30 الماضية كانت له تكلفة هائلة لا تُصدَّق على تركيا".
وشدد وزير الخارجية التركي على ضرورة ألا تبني إسرائيل أمنها على زعزعة أمن الآخرين.
وأكمل: "ينبغي على إسرائيل أن تُقيم تعاونا وعلاقة ثقة في إطار معادلة يكون فيها الآخرون مستقرين وآمنين ومزدهرين".
وأشار فيدان، إلى أن سوريا وتركيا والولايات المتحدة على اتصال وثيق.
وأردف: "هناك جانب إيجابي هنا، وهو الإدارة الأمريكية. علينا حقا أن نشكر (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب. لقد تفهموا معنا أن منح الحكومة السورية فرصة ودعمها سيكون خطوة مهمة لأمن واستقرار المنطقة".
وتابع فيدان: "أكبر مشكلة في المنطقة هي أن إسرائيل ترى سوريا مجالا للتوسع".
وحذر من سياسات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تسعى لخلق واقع جديد في سوريا.
وأشار فيدان، إلى أن سوريا وتركيا عاشتا قرونا طويلة معا في عهدي السلاجقة والعثمانيين، وأن الروابط التاريخية تضررت مع عصر الدولة القومية.
وشدد على أن الحقائق الاجتماعية والجغرافية والتاريخية لا يمكن تغييرها.
وأكد فيدان، على أهمية سوريا لتركيا ثقافيا وتاريخيا وتجاريا واستراتيجيا وأمنيا.
وذكر أن المسار الذي دخلته سوريا بعد الربيع العربي برز كنتيجة لنظام "أقلّي قمعي" متمركز حول بشار الأسد، وأن المجتمع الدولي، خصوصا الغرب، دعم هذا المسار في بدايته.
وأضاف: "تركيا وقفت إلى جانب الشعب المُستضعف.. كان علينا أن نقف على الجانب الصحيح من التاريخ، أخلاقيا ومنطقيا".
- "تركيا كانت ملجأ الفارين من الظلم والحرب"
وتطرق فيدان، إلى سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها تركيا.
وقال: "تركيا كانت ملجأً للفارين من الظلم والحرب والموت. ملايين الإخوة جاؤوا إلى تركيا وتقاسمنا معهم خبزنا وبيوتنا وأعمالنا وكل شيء، كان ذلك تضامنا غير مسبوق".
وذكر فيدان، أن الحكومة التركية وبسبب هذه السياسة تحملت كلفة سياسية داخلية.
وأردف: "التمسك بالقيم والمبادئ له ثمن، وأحيانا عليك أن تدفع هذا الثمن للحفاظ على ثباتك ومسارك، ونحن هنا لم نتنازل".
وأفاد فيدان، بأن العمل مع المعارضة السورية كان مسؤولية تاريخية بالنسبة لهم، وأن أولئك الذين عايشوا هذا الوضع بشكل مباشر خلال تلك الفترة يدركون جيدا معنى الوقوف إلى جانب الشعب السوري.
وتابع: "كثير من شركائنا الذين بدأوا معنا في هذا الموضوع ابتعدوا لاحقا بذرائع مختلفة".
وأوضح فيدان، أن القوى الإمبريالية تذرعت بمحاربة "داعش" لتتوجه بعد ذلك إلى دعم تنظيم "بي كي كي"، وتتخلى عن الشعب السوري.
وأشار إلى أن تنظيم "بي كي كي" في سوريا لم يكن في تلك الفترة على أي خلاف مع النظام، ورفض الوقوف إلى جانب المعارضة، بل دخل في شراكة مع روسيا وإيران والنظام.
وبيّن أن تغير موازين القوى في المنطقة جعل بعض المشاكل في سوريا أكثر حدة وأطال أمدها، إلا أنه لم يؤثر على موقف تركيا.
واستطرد: "تُركنا وحدنا. كانت قطر أيضا إلى جانبنا، كدولة من منطقة جغرافية أبعد قليلا. لكننا لم نحد عن مسارنا، وواصلنا دعمنا. واصلنا الوقوف إلى جانب الشعب، كان هذا واجبنا التاريخي".
وتطرق فيدان، إلى مسار أستانا الذي أطلقته تركيا وروسيا وإيران لمنع استمرار الصراع والمزيد من التدمير والنزوح، ووصفه بأنه كان أنموذجا من الناحية الدبلوماسية.
وأشار إلى الدور المهم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في إدارة المسار، ما حال دون موجات لجوء جديدة.
- ما فعله نتنياهو بغزة فعله الأسد بشعبه
وقال فيدان، إن نظام الأسد المخلوع، مارس على شعبه ما فعله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحق فلسطينيي قطاع غزة.
وأكمل: "مع توقف القتال ظهر عجز النظام (…) فلا بنية تحتية، لا اقتصاد، لا سكان، فبدأ بالانهيار تدريجيا".
ولفت إلى أن 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، كان أملا جديدا لسوريا، لكنه لم يكن حلا لجميع المشكلات، بل كان بمثابة بداية حكاية جديدة من الحياة والنمو.
وذكر فيدان، أن تركيا اعتمدت مبدأ "الملكية الإقليمية" لمعالجة الملف السوري، وأن النظام الجديد بدأ التواصل مع دول المنطقة والمجتمع الدولي بطريقة أوقفت ردود الفعل السلبية.
وأكد أن 13 عاما من الفوضى شهدتها سوريا قبل 8 ديسمبر، علّمت العالم الكثير، وأن وجود إدارة تتحمّل مسؤولية مجتمعها مكسب كبير لبلدان المنطقة والمجتمع الدولي.
- 216 مليار دولار لعودة سوريا إلى الوضع الطبيعي
وشدد فيدان، على أن عودة السكان وإصلاح البنية التحتية أمران أساسيان، وأن تركيا تلتزم بمبدأ "العودة الطوعية والكريمة"، ولم تفرض أي تدبير قسري رغم الأعداد الكبيرة.
وأكد على ضرورة وجود قدر كبير من التضامن لإعادة إعمار سوريا.
وأشار فيدان، إلى أن تكلفة تلبية الاحتياجات الأساسية لسوريا وإصلاح البنية التحتية وإعادة البلاد إلى الوضع الطبيعي تقدر بـ216 مليار دولار.
وتابع: "طالما لا يوجد تدخل خارجي والعمل مستمر بالإطار السياسي القائم من قبل دول المنطقة والمجتمع الدولي، فإن المشاكل الداخلية تتجه نحو التحسن".
- توحيد الفصائل المسلحة
وأفاد فيدان، أن توحيد الفصائل المسلحة تحت جيش وطني واحد خطوة بالغة الأهمية وبداية جيدة جدا، لافت إلى أن وجود مجموعات مسلحة متعددة يقوّض الأمن والاقتصاد وتوفير الخدمات الأساسية.
وحذر من محاولات "إنتاج الفوضى" في الداخل السوري.
وتطرق فيدان إلى مستقبل العلاقة بين الإدارة الجديدة وتنظيم "بي كي كي/ واي بي جي"، وبيّن أنه ما زال غير واضح.
وأكد أن الحل يجب أن يكون سلميا عبر الحوار، وأن نشوب صراع جديد لن يصبّ في مصلحة أحد.
وشدد الوزير التركي على ضرورة أن يدرك "واي بي جي" أنه لا يوجد بلد في العالم يقبل بوجود جهتين مسلحتين.
وأضاف: "على كل مسلح أن يخضع لسلطة الدولة السورية".






