
الجيش الإسرائيلي يوسّع عدوانه على مدينة غزة باستهداف الأبراج والمنازل ومراكز إيواء النازحين، للضغط على الفلسطينيين لتهجيرهم..
تصاعد العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة، الأربعاء، حيث دوّت أصوات الانفجارات على مدار الساعة في مختلف أحيائها، وسط تدمير متواصل لبنايات وأبراج سكنية مكتظة، في وقت تتفاقم فيه معاناة النازحين من كارثية سببتها الإبادة الجماعية المتواصلة منذ قرابة عامين.
وأفاد مراسلو الأناضول نقلا عن شهود عيان، باستهداف الجيش الإسرائيلي أحياء مدينة غزة التي يقطنها أكثر مليون و200 ألف فلسطيني، تركزت في غرب المدينة التي يتكدس فيها مئات آلاف النازحين من مناطق شرق وشمال المدينة.
واستهدف الجيش الإسرائيلي "برج طيبة2" الذي يقطنه مئات الفلسطينيين، ويجاوره مخيمات النازحين، ما أدى لمقتل فلسطينيين اثنين وإصابة آخرين، وتشريد آلاف النازحين الذين باتوا بلا مأوى.
ويُعد "برج طيبة 2" المبنى السابع متعدد الطوابق (7 طوابق فأكثر) الذي يستهدفه الجيش منذ الجمعة، إضافة إلى عشرات المباني التي دمرها والتي نجت من حرب الإبادة المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومنذ أيام، شرعت إسرائيل في حملة تدمير تدريجية للمباني السكنية المرتفعة بمدينة غزة، ما زاد أعداد العائلات المشردة ودفعها إلى ظروف نزوح قاسية، في وقت يحذّر فيه مراقبون من أن الهدف هو دفع الفلسطينيين إلى النزوح جنوبًا، ضمن مخطط إسرائيلي أمريكي أوسع لتهجيرهم خارج القطاع.
لكن الحملة الإسرائيلية تسارعت اليوم الأربعاء، حيث استهدف الجيش عشرات المنازل بمناطق غزة، في محاولة لدفع الفلسطينيين نحو ما يسميها "المناطق الإنسانية" والتي يزعم أنها آمنة.
ويترافق هذا التصعيد مع إنذارات إسرائيلية مباشرة ومتكررة بإخلاء مدينة غزة.
وجدد متحدث الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، صباح الأربعاء، دعوته لسكان المدينة، بوجوب مغادرتها فورًا عبر شارع الرشيد باتجاه منطقة المواصي جنوب القطاع.
وحذر أدرعي من أن "البقاء في المدينة في غاية الخطورة"، متوعدًا بعمل عسكري واسع يستهدف ما أسماه "تصفية حركة حماس"، وفق زعمه.
في المقابل، يؤكد فلسطينيون ممن دمرت منازلهم أو تضررت بفعل الهجمات، إن إسرائيل تسعى إلى تهجيرهم قسرا، مؤكدين أن ما تعبوا في بنائه طوال أعوام طويلة تبخر في لحظات وتحول إلى ركام.
والثلاثاء، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن أكثر من 1.2 مليون فلسطيني ما زالوا ثابتين في مدينة غزة، ويرفضون النزوح جنوباً رغم شدة القصف وعمليات التهجير القسري التي ينفذها الجيش الإسرائيلي.
وأوضح المكتب أن إجمالي سكان مدينة غزة ومحافظة الشمال يبلغ نحو 1.3 مليون نسمة، بينهم حوالي 398 ألفاً من سكان الشمال (غالبيتهم نزحوا حاليا إلى غرب غزة)، وأكثر من 914 ألفاً من سكان المدينة، نزح نحو 300 ألف منهم من الأحياء الشرقية إلى وسط وغرب غزة.
وأضاف أن منطقة المواصي بخان يونس ورفح، التي تضم حالياً نحو 800 ألف نسمة وتسوّقها إسرائيل كمناطق "إنسانية"، تعرضت لـ109 غارات أسفرت عن أكثر من 2000 قتيل في مجازر متتالية.
وأكد المكتب أن "هذه المناطق تفتقر تماماً إلى مقومات الحياة الحقيقية، فلا وجود فعلي لمستشفيات ولا وجود لبنية تحتية، ولا تتوافر فيها أي خدمات أساسية من ماء أو غذاء أو مأوى أو كهرباء أو تعليم، ما يجعل البقاء فيها شبه مستحيل".
ولفت إلى أن المساحة التي حددتها إسرائيل كمناطق "إيواء" مزعومة لا تتجاوز 12 بالمئة من مساحة القطاع، بمعنى أنها لا تكفي لهذه الأعداد الهائلة من النازحين.
وأضاف أن "الاحتلال يحاول حشر أكثر من 1.7 مليون إنسان فيها، في سياسة تهجير قسري ممنهجة تهدف لإفراغ شمال غزة ومدينة غزة، وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم مخالفة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني".
وفي 7 أغسطس/ آب الماضي، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، إن إسرائيل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 دمرت 88 بالمئة من البنى التحتية في قطاع غزة بما يشمل المنازل، وأنه لم يعد لمعظم النازحين الفلسطينيين أماكن يعيشون فيها إلا المدارس وبعض مباني الجامعات.
وتأتي هذه الاستهدافات للمباني السكنية العالية، عقب إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية في مدينة غزة ضمن "عربات جدعون 2"، ودعوته المدنيين للتوجه جنوبا نحو المنطقة التي يدعي أنها "إنسانية" في مواصي خان يونس جنوب القطاع.
وفي 3 سبتمبر الجاري أطلق الجيش الإسرائيلي عدوانا باسم "عربات جدعون 2" لاحتلال مدينة غزة بالكامل (شمال)، ما أثار انتقادات واحتجاجات في إسرائيل، خوفا على حياة الأسرى والجنود.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت هذه الإبادة 64 ألفا و656 قتيلا و163 ألفا و503 مصابين من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 404 فلسطينيين، بينهم 141طفلا.






