رئيس وزراء إسبانيا يصف دولة الاحتلال بـ"دولة إبادة جماعية" وتل أبيب ترد

وصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الأربعاء، إسرائيل بأنها "دولة إبادة جماعية"، فيما استدعت تل أبيب سفيرة مدريد لجلسة توبيخ بعد التصريح الأقوى لسانشيز منذ بدء الحرب على قطاع غزة.

جاء ذلك خلال جلسة مساءلة في البرلمان بالعاصمة مدريد، ردا على انتقادات وجهها النائب الكتالوني غابرييل روفيان، الذي اتهم الزعيم الاشتراكي بالإبقاء على العلاقات التجارية مع إسرائيل رغم حرب الإبادة المتواصلة في غزة.

وقال سانشيز مؤكدا: "أريد أن أوضح أمرا هنا، سيد روفيان. نحن لا نتعامل تجاريا مع دولة ترتكب إبادة جماعية، لا نفعل ذلك".

وأضاف: "أعتقد أنني أوضحت قبل أيام، من على هذا المنبر، ما كنا نتحدث عنه تحديدا عندما تم طرح بعض الأمور التي لا تتوافق مع الحقيقة".

وبحسب تقارير إعلامية إسبانية، فهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها سانشيز علنا مصطلح "دولة إبادة جماعية"، وهو تعبير يستخدمه باستمرار شريكه في الائتلاف الحاكم، حزب "سومار" اليساري.

وردا على تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية، استدعت تل أبيب سفيرة مدريد لديها لجلسة توبيخ، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية.

وبحسب الصحيفة: "تم استدعاء سفيرة إسبانيا في إسرائيل، آنا سلومون، إلى جلسة توبيخ غدا (الخميس) في وزارة الخارجية بالقدس، بعدما وصف رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، اليوم إسرائيل بأنها دولة إبادة جماعية خلال جلسة في برلمان بلاده".

وقالت إن سانشيز الذي هاجم إسرائيل عدة مرات خلال الحرب، أدلى بتصريحاته هذه "ردا على مداخلة استفزازية" من أحد أعضاء البرلمان المعادين لتل أبيب، والذي قال إن إسبانيا تتاجر مع "دولة الإبادة الجماعية".

ورد سانشيز عليه مستخدما المصطلح نفسه، وقال: "نحن لا نتاجر مع دولة إبادة جماعية"، وفق المصدر ذاته.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، تم استدعاء السفيرة الإسبانية سلومون إلى جلستي توبيخ خلال أسبوع واحد، وذلك بعد أن هاجم سانشيز إسرائيل وقال إنها لا تلتزم بالقانون الدولي.

ووقتها، ردّت إسبانيا باستدعاء سفيرة إسرائيل في مدريد، روديانا غوردون، لجلسة توبيخ مضادة.

وندّد حينها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات سانشيز، واصفا إياها بأنه "مخزية".

** تنديد أوروبي متصاعد بممارسات إسرائيل

وتزامنا مع الضغوط الأمريكية على تل أبيب للتوصل إلى اتفاق مع حماس يُنهي الحرب على غزة ويطلق الأسرى، تتصاعد التنديدات الأوروبية بحرب الإبادة الإسرائيلية وحصارها الخانق للقطاع الفلسطيني.

وفي وقت سابق اليوم، أثارت رئيسة بلدية أمستردام، فامكه هالسيما، جدلا واسعا حين دعت حكومة هولندا إلى إدانة "انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل في غزة"، وتطرّقت للمرة الأولى إلى أفعال تل أبيب بوصفها "إبادة جماعية".

وقالت هالسيما: "حان الوقت للمجتمع الدولي، لأوروبا، ولهولندا، أن يقفوا إلى جانب الفلسطينيين وسكان غزة، الذين يُقتلون بوحشية"، وفق ما نقلت عنها "يديعوت أحرونوت".

وأضافت: "إذا كانت مؤسسات محترمة تتوصل إلى مثل هذه الاستنتاجات، فعلينا أن نرتقي فوق الخلافات السياسية، وندين انتهاكات حقوق الإنسان بشكل قاطع وواضح".

واستندت هالسيما في تصريحاتها إلى أقوال مارتن آيكهُوف، مدير المعهد الهولندي لدراسات الحرب، والهولوكوست، والإبادة الجماعية "NIOD"، الذي وصف أفعال إسرائيل بأنها إبادة جماعية، استنادا إلى تحليل علمي.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت هالسيما مبادرة لعرض صورة الطفلة الفلسطينية هند رجب، التي قتلتها إسرائيل في غزة، على واجهة متحف "العين" في أمستردام، علامة تضامن مع ضحايا الحرب.

وتعليقا على ذلك، ردّ سفير إسرائيل في هولندا مودي إفرايم على تصريحات هالسيما، وقال: "أنا مصدوم بشدة من التصريحات التي أدلت بها اليوم رئيسة البلدية" في أمسترادم.

وزعم أن تصريحات هالسيما "لا تُحرّف فقط واقع الصراع القائم، بل تتجاهل أيضا معاناة الضحايا الإسرائيليين والسياق الذي اندلعت فيه هذه الحرب".

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدوره هاجم أمس الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة، واصفا إياها بأنها "غير مقبولة" و"مخزية".

وقال في مقابلة مطولة مع قناة "TF1" الفرنسية، مساء الثلاثاء، استنكر ماكرون "منع الإسرائيليين" دخول "كل المساعدات التي أرسلتها فرنسا وغيرها من البلدان".

ولفت إلى أنه أحد القادة القلائل الذين وصلوا إلى معبر رفح، حيث رأى "أسوأ المشاهد".

وأكد أن الأزمة الإنسانية في القطاع هي "الأخطر على الإطلاق" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأشار إلى أن إعادة النظر في اتفاقات التعاون بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل "مطروحة بجدية"، لا سيما بعد مطالبة هولندا المفوضية الأوروبية بفحص امتثال تل أبيب للمادة 2 التي تربط الشراكة باحترام حقوق الإنسان.

وبعد انتقادات ماكرون، هاجم نتنياهو، الأربعاء، الرئيس الفرنسي متهما إياه بالوقوف بجانب حماس، وترويج "فرية الدم" ضد إسرائيل.

وتأتي المواقف الأوروبية بينما تواصل إسرائيل بدعم أمريكي مطلق، منذ 7 أكتوبر 2023، ارتكاب إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 173 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

وتزامنا مع المفاوضات التي تجري في قطر لوقف حرب غزة، تصعّد إسرائيل حرب الإبادة، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي لليوم الثاني بسلسلة غارات عنيفة مناطق متفرقة بما فيها محيط مستشفى غزة الأوروبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ما أسفر خلال اليوم عن مقتل ما لا يقل عن 70 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء.