
- صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كشفت عن مقطع فيديو صادم في هاتف أحد الضحايا في تل السلطان يظهر أن سيارات الإسعاف والإطفاء كانت تحمل علامات واضحة، وأن إشارات الطوارئ كانت مضاءة لدى استهدافها - صحيفة "هآرتس": الجيش ادعى أن الجثث دفنت لحمايتها "رغم أن الفيديو يظهر أنها في حالة سيئة للغاية، وبعضها مشوّه - هيئة البث العبرية وصفت نتائج تحقيق أولي قال الجيش إنه أجراه بأنها "غير دقيقة"، وأشارت إلى أنها "تفتقر لتفسيرات واضحة للعديد من النقاط".
اعترف الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، بجريمة إعدامه مسعفين وإطفائيين فلسطينيين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في واقعة أثارت استنكار دوليا واسعا، متراجعا بذلك عن روايته الأولى بعد فيديو صادم التقطه أحد المسعفين بهاتفه الخليوي قبل مقتله.
وتعود الواقعة إلى تاريخ 23 مارس/ آذار الماضي، عندما استجاب فريق مؤلف من 9 عناصر إسعاف و5 من الدفاع المدني وموظف تابع لإحدى الوكالات الأممية لنداءات استغاثة من مدنيين محاصرين في حي تل السلطان بمدينة رفح.
وفي 27 و30 مارس، أعلنت السلطات في غزة العثور على جثامين أعضاء الفريق الـ15، مدفونة في منطقة تبعد نحو 200 متر عن موقع توقف مركباتهم.
وأظهرت المؤشرات أن الضحايا قُتلوا بالرصاص، وبعضهم وُجد مكبّل اليدين.
وفي 31 مارس، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا زعم فيه أن قواته لم تهاجم مركبات الإسعاف والإطفاء "عشوائيا"، بل فتحت النار تجاه "سيارات اقتربت بطريقة مريبة دون تشغيل أضواء الطوارئ".
كما زعم أن العملية أسفرت عن مقتل عنصر من الجناح العسكري لحماس و8 عناصر آخرين من حماس والجهاد الإسلامي.
* فيديو صادم
لكن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كشفت، صباح أمس السبت، عن مقطع فيديو صادم في هاتف أحد المسعفين الذي تم العثور على جثته في مقبرة جماعية تضم 15 عامل إغاثة قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في تل السلطان.
ويظهر الفيديو الذي حصلت عليه الصحيفة من دبلوماسي كبير في الأمم المتحدة طلب منها عدم الكشف عن هويته، أن سيارات الإسعاف والإطفاء كانت تحمل علامات واضحة، وأن إشارات الطوارئ كانت مضاءة عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار عليها.
في ضوء هذه الأدلة، تراجع الجيش الإسرائيلي عن روايته الأولى، وزعم في إفادة لاحقة مساء السبت، أن تحقيق أوليا أجراه خلص إلى أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني اقتربت من مركبة تابعة لحماس لدى دخولها إلى منطقة تل السلطان، فاعتقد الجنود أنها تشكل تهديدا وفتحوا النار عليها.
ونفى الجيش الإسرائيلي في تحقيقه أن يكون عمال الإغاثة الخمسة عشر الذين قتلوا بنيران قواته في حي تل السلطان برفح في 23 مارس الماضي، تم إعدامهم بعد تقييدهم، وفق ما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية.
كما ادعى أن 6 من أصل 15 من الضحايا ينتمون إلى حركة "حماس"، دون أن يقدم دليلا على ذلك.
وزعم الجيش كذلك أن جرافة عسكرية من نوع "دي 9" قامت بتغطية الجثث والمركبات بالرمال بسبب "استمرار القتال".
وحاول تبرير فعلته بما وصفه أنه "إجراء متبع في المنطقة الجنوبية لمنع الحيوانات من العبث بالجثث".
* إرباك في الجيش الإسرائيلي
وحول ذلك، علقت صحيفة "هآرتس" العبرية مساء السبت بالقول: "فيما يتعلق بالشهادات التي تفيد بأن الجنود دفنوا الجثث والمركبات في الرمال، زعم الجيش الإسرائيلي أن هذه ممارسة شائعة تهدف إلى منع الكلاب الضالة والمتوحشة من إيذاء الجثث".
وقال الجيش الإسرائيلي إن 14 شخصا قتلوا في الحادث، وليس 15 كما أعلنت أجهزة الإنقاذ في قطاع غزة، كما رفض الادعاءات بأن الجثث تعرضت للتلف.
وعلّقت "هآرتس" أن بيان الجيش يأتي "رغم أن الفيديو الذي نشرته الأمم المتحدة ويوثق عمليات الحفر في المكان الذي دفنت فيه الجثث، يظهر أنها في حالة سيئة للغاية، وبعضها مشوّه".
وقالت الصحيفة إن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير وجّه آلية التحقيق في هيئة الأركان العامة، المسؤولة عن فحص الحالات التي يشتبه فيها بارتكاب جرائم حرب، بالتحقيق في الحادث.
وأضافت: "منذ بداية الحرب، تم نقل معلومات عن عشرات الحالات إلى تلك الآلية (التحقيق باشتباه جرائم حرب)، لكن لم تتم محاكمة الجنود نتيجة لذلك".
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن القوة العاملة في المنطقة كانت مكوّنة من جنود من لواء غولاني، والذين شاركوا في الكمين ضمن عملية أوسع نفذتها القوات في منطقة تل السلطان.
وبعد وقت قصير من نصب الكمين، وصلت إلى المكان سيارة يدّعي الجيش أنها تابعة لشرطة حماس.
لكن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قالت إن سيارة إسعاف مرّت من هناك في طريقها لمساعدة المدنيين المصابين في تل السلطان، وأطلقت القوة الإسرائيلية النار عليها، ما أدى إلى مقتل أحد ركابها واعتقال اثنين آخرين.
وقالت "هآرتس": "زعم الجيش الإسرائيلي أن الثلاثة هم من ضباط شرطة حماس، لكنه لم يقدم أي دليل على ذلك".
ووفق الجيش الإسرائيلي: "بعد فترة، وصلت عدة سيارات إغاثة أخرى إلى هناك - 4 سيارات إسعاف، وشاحنة إطفاء، وسيارة تابعة للأمم المتحدة"، وقال إن مشغّلي طائرة مسيرة من طراز "زيك" كانت تلاحق المركبات، أبلغوا قائد القوة الإسرائيلية على الأرض أنها تسير بشكل "مريب" في طريقها إليهم.
وعندما وصل الموكب إلى مكان الحادث، خرج المسعفون من السيارة، وبحسب مزاعم الجيش الإسرائيلي، فإن الخروج من السيارة تم بسرعة، مما زاد من شكوك الجنود، ففتحوا النار عليهم.
وادّعى الجيش الإسرائيلي أن "جميع القتلى تم إطلاق النار عليهم من مسافة بعيدة".
غير أن "هآرتس" قالت: " لكن في الفيديو الذي تم التقاطه من هاتف أحد المسعفين الذين قُتلوا، يمكن سماع إطلاق النار يقترب لمدة 5 دقائق، وفي مرحلة معينة يمكن سماع أصوات الجنود الذين مرّوا بالقرب منه بينما كان لا يزال على قيد الحياة وكان يردد كلمات صلاة (ينطق الشهادتين)".
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز التي نشرت الفيديو، أن جثة المسعف عثر عليها لاحقا وقد استقرت رصاصة في رأسه.
وتسبب الفيديو في إرباك كبير للجيش الإسرائيلي، حيث يظهر بوضوح أنه على عكس روايته الأولى، كانت سيارات الإسعاف تسير وأضواء الطوارئ مضاءة، وفق "هآرتس".
** تحقيق "غير دقيق"
من جانبها، وصفت هيئة البث العبرية نتائج التحقيق الجديد للجيش الإسرائيلي بأنها "غير دقيقة"، وأشارت إلى أنها "تفتقر لتفسيرات واضحة للعديد من النقاط".
واعتبرت أن ادعاء الجيش بأن طواقم الإسعاف والدفاع المدني "ركضت بسرعة نحو المركبة التابعة لحماس"، وأن الجنود "شعروا بتهديد جزئي"، يُعد تفسيرا "غريبا وغير منطقي".
وباستنكار، تساءلت الهيئة عن سبب تغطية الجثث بالرمال، رغم أن المكان لم يكن في نطاق اشتباك نشط وقت الحادثة، مشيرة إلى أن التحقيق "لم يوضح سبب اعتبار المركبات المستهدفة تهديدا".
كما ذكرت أن الجيش الإسرائيلي يدّعي امتلاكه تسجيلات جوية للحادثة، ويعتزم نشرها لاحقا.
ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس 2025، قتلت إسرائيل حتى صباح السبت 1309 فلسطينيين وأصابت 3184 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وفق وزارة الصحة بالقطاع.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.
كن أول من يترك تعليقًا.