عام على الإبادة الجماعية.. كيف ألحقت غزة خسائر بالاحتلال يصعب تداركها؟

16:356/10/2024, Sunday
الأناضول
عام على الإبادة الجماعية.. كيف ألحقت غزة خسائر بالاحتلال يصعب تداركها؟
عام على الإبادة الجماعية.. كيف ألحقت غزة خسائر بالاحتلال يصعب تداركها؟

محمد مجادلة، المحلل في القناة العبرية "12" للأناضول: - إسرائيل ستجد نفسها بعد الحرب الحالية أمام معادلة جديدة على صعيد شرعيتها في المجتمع الدولي - فشلت إسرائيل في وقف المظاهرات العالمية المنددة بحربها والمقاطعة لها تتصاعد - ستواجه إسرائيل المصاعب حال وضعت الحرب أوزارها لا سيما بشأن علاقاتها مع حلفائها

عام على حرب الإبادة الجماعية بغزة، وما زال أكثر ما يهز إسرائيل، حكومة وأحزابا وشعبا، هو فشلها في تسويق نفسها على أنها الضحية خلاف المتهم، وهو فشل مستمر لم تعهده طوال تاريخها، وفق كثير من المراقبين.

ومع مواصلة الطائرات الحربية إلقاء مئات الأطنان من القنابل على التجمعات السكانية الفلسطينية في قطاع غزة، الأكثر اكتظاظا سكانيا على وجه الأرض، كانت المظاهرات المنددة بإسرائيل تخرج بعفوية في القارات الخمس.

وأخفقت الجهود الإسرائيلية غير المسبوقة، التي قادها رئيسها إسحاق هرتسوغ، لوسم الاحتجاجات الشعبية في العالم ضد الحرب وقتل الأطفال والنساء وغيرهم من المدنيين الفلسطينيين بأنها "لا سامية".

وتقر آلة الدعاية الإسرائيلية "الهاسبارا"، التي تجند لها عشرات آلاف المؤيدين لإسرائيل حول العالم، بأن الفلسطينيين ربحوا معركة الصراع على الرأي العام الدولي.

ووجدت إسرائيل، للمرة الأولى في تاريخها، نفسها متهمة أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، بينما ينتظر كبار قادتها صدور مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في إجراء لم يدر بخلد إسرائيل بأنه سيحدث في يوم ما.

وقال محمد مجادلة، المحلل في القناة "12" العبرية، إن إسرائيل ستجد نفسها بعد حرب الإبادة الحالية "أمام معادلة جديدة على صعيد مكانتها في المجتمع الدولي وشرعيتها حتى مع حلفائها من الدول الغربية".

وذكر مجادلة للأناضول أن الأخطار المحدقة لم تقع بعد لإسرائيل المنشغلة حد الانغماس في يوميات القتال، وأنها ستواجه المصاعب حال وضعت الحرب أوزارها، لا سيما بشأن علاقاتها مع حلفائها.

- وجه انتقامي

وفق مجادلة فإن "إسرائيل بعد هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول تغيرت باتجاهين، الأول وهو تعامل إسرائيل ونظرتها لذاتها، والاتجاه الأخر هو نظرة إسرائيل للعالم والمحيط".

وقال: "على صعيد النظرة الداخلية، جاءت الحرب في خضم تغييرات كبيرة جدا يعيشها المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف السياسي بتجاه اليمين ونحو التطرف الديني باتجاه الغيبية والصهيونية الدينية وكذلك تسلط الحريديم (اليهود المتدينين) وما إلى ذلك، وقد أبرزت الحرب فعليا هذا التحول".

وأوضح أن "التيارات الصهيونية اليمينية المتطرف الدينية عادة ما تتعامل مع شعارات من قبيل: لا يهمنا كيف ينظر العالم إلينا ويهمنا كيف نحن ننظر لأنفسنا".

وبناء عليه، أضاف مجادلة: "يمكن أن نرى بأن غالبية التوجه الإسرائيلي في هذه الحرب مبني على ذلك: التصريحات من الوزراء بتجويع أهالي غزة، وبحرقها، والتصريحات حتى من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الدولة إسحاق هرتسوغ بموضوع الانتقام من الفلسطينيين".

وأردف: "هذه التصريحات لم تكن تسمع سابقاً من جهات رسمية إسرائيلية في الحروب المختلفة، وإن كانت تسمع فلم تكن بهذه الحدة وبهذه الرسمية والوضوح، وعليه فالعالم بهذا الجانب رأى مشهداً غير مسبوق في إسرائيل من التصريحات الانتقامية التي لا تتماشى لا مع القانون المحلي ولا الدولي ولا مع أخلاقيات الدول ولا أي شيء من هذا القبيل".

- الدولة المنبوذة

متحدثا عن تغير من اتجاهين في "إسرائيل الرسمية والشعبية"، قال مجادلة: "شعبيا بات هناك سيطرة واضحة في وسائل الإعلام الإسرائيلية حتى في عدم الاكتراث كيف ينظر العالم لإسرائيل، بمعنى أن هناك حالة من عدم الاهتمام، بل الاستهتار برأي العالم وبرأي الدول العربية والغربية وحتى برأي الولايات المتحدة الحليف والداعم الأكبر".

وعلى صعيد السياسة الخارجية، رأى مجادلة الفشل في من يدير دفتها، وعنى بذلك وزير الخارجية يسرائيل كاتس "الذي تقول جهات رسمية وسياسية ودبلوماسية في إسرائيل إن إدارته للشؤون الدولية وللعلاقات الخارجية هي إدارة فاشلة جدا".

وأشار إلى أن سلوك إسرائيل أمام الرأي العام الدولي ومؤسساته العدلية وضعها في "عزلة دولية ومحل انتقادات شعبية وهو ما تم التعبير عنه في العديد من المظاهرات عالميا".

وكانت إسرائيل هاجمت المسيرات التي نظمت حول العالم، بما في ذلك في الجامعات الأمريكية والأوروبية ضد حرب الإبادة على غزة واعتبرتها "لا سامية" ودعت السلطات في تلك البلدان إلى إسكاتها.

كما هاجمت تل أبيب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الذي طالب بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة.

وهاجمت مرارا الجمعية العامة للأمم المتحدة واعتبرت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شخصا غير مرغوب فيه بإسرائيل بعد أن منعت أيضا مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من زيارة تل ابيب.

- حالة إنكار

برأي مجادلة، فإن الانتقادات الدولية لإسرائيل "خلقت رد فعل عكسي وهذا ربما من الأمور الغريبة، فعوضا عن محاولة تحسين صورتها، نرى بأنها تدخل نفسها في حالة من الإنكار".

وأضاف: "المجتمع الاسرائيلي يحاول إنكار أن دولته متهمة بارتكاب إبادة جماعية، حتى نتنياهو مثلا يقول عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه شخص مسيس ويعادي السامية".

ويستطرد: "بالتالي هناك محاولة لتبرير ما تقوم به إسرائيل، على أن كل هذه الجهات التي ترفض ممارساتها كأنها هي الملومة وليست إسرائيل، فلذلك هناك حالة غريبة جدا من الإنكار".

- تسويق فاشل

جزم مجادلة بأن إسرائيل فشلت في تحسين صورتها أمام الرأي العام الدولي رغم محاولات كثيرة قامت بها.

وأشار في هذا الجانب إلى نقطتين "الأولى أن إسرائيل فشلت في تحسين صورتها وروايتها للحرب، فما يسمى بـ(الهاسبارا) أو الدعاية والترويج التي فشلت بشكل ذريع".

أما النقطة الثانية فهي "ما تواجهه إسرائيل اليوم من اتهامات أولا في المحكمة الجنائية الدولية وثانيا في محكمة العدل الدولية، بالإضافة إلى مقاطعة قطاعات أكاديمية وثقافية وحتى طبية واسعة لمنظمات ولجمعيات إسرائيلية هو أمر سيكون له تأثير وتداعيات لسنوات طويلة".

حتى معارض السلاح الأهم في العالم، وفق مجادلة، تمنع إسرائيل من المشاركة فيها "وقد رأينا ما حدث قبل عدة أشهر في فرنسا حيث منعت إسرائيل من المشاركة في مؤتمر على خلفية ما يحدث فيه من الحرب على قطاع غزة".

- آثار مستقبلية

واعتبر مجادلة أن "تأثيرات كبيرة لم تستوعبها إسرائيل بعد، وسيبدو أثرها بعد أشهر أو أعوام أو حتى أكثر من ذلك بعد انتهاء هذه الحرب".

ومؤكدا صعوبة عودتها من جديد لما كانت عليه سلفا، أوضح أن إسرائيل بعد 7 أكتوبر، "باءت بوصمة عار كبيرة أمام المنظمات والجمعيات والمحافل الدولية".

وأضاف إلى ذلك "إصدار مذكرات الاعتقال في حال صدرت من المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت، فهي ستكون الضربة القاصمة التي ستعطي الشرعية لكل البلدان لأن تعتبر إسرائيل دولة مارقة ومعتدية على القانون الدولي بشكل صارخ ومتهمة بجرائم حرب".

- مصاعب منتظرة

رأى مجادلة أن الأخطار المحدقة لم تقع بعد لإسرائيل المنشغلة حد الانغماس في يوميات القتال، وأنها ستواجه المصاعب حال وضعت الحرب أوزارها.

وذكر أن إسرائيل لم تتفرغ بعد بسبب انشغالها بالحرب لكي تتعامل وتعالج قضاياها المنتظرة مع الرأي العام والعدالة الدولية، مؤكدا أنه "مع انتهاء الحرب، في حال انتهائها قريبا، فإن كل هذه الأمور ستطفو إلى السطح بما فيها الاتهامات والمقاطعات الدولية".

وأوضح أن تل أبيب "ستواجه دولا حليفة لها تتحدث عن خفض أو تقييد أو إلغاء تصدير السلاح إلى إسرائيل".

ووفق مجادلة، فإن "كل هذا سيشكل ضربة استراتيجية حقيقية لإسرائيل التي ستجد نفسها أمام معادلة جديدة على صعيد مكانتها في المجتمع الدولي وشرعيتها حتى مع حلفائها من الدول الغربية".

#"حماس"
#إسرائيل
#الإبادة الإسرائيلية
#الضفة الغربية
#المجتمع الدولي
#بنيامين نتنياهو
#حرب غزة
#شرعية دولية
#غزة
#فلسطين

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية