- دراسة أعدها باحثون سنة 2008 حذرت من أن أجزاء واسعة من نواكشوط مهددة بالغرق- خبراء: تدهور الحاجز الرملي الواقع بين المحيط الأطلسي ومدينة نواكشوط- سبب التدهور استنزاف التربة الشاطئية واستغلالها لسنوات في أشغال البناء والمنشآت- وزيرة البيئة: تحديد 22 ثغرة في الحزام الرملي الذي يحمي مدينة نواكشوط
تتزايد المخاوف على نحو مطرد، من احتمال تعرض مناطق وأحياء واسعة من العاصمة الموريتانية نواكشوط للغرق، بفعل التغييرات المناخية وتآكل الحاجز الرملي الواقع بين المحيط الأطلسي والمدينة.
فيما تقول السلطات الموريتانية إنها تبذل جهودا كبيرة لتثبيت الرمال الشاطئية من أجل حماية مدينة نواكشوط من المد البحري.
وتأسست مدينة نواكشوط أواخر خمسينات القرن الماضي، حيث وضع المختار ولد داداه (أول رئيس لموريتانيا) إلى جانب الرئيس الفرنسي حينها شارل ديغول حجر الأساس للعاصمة في 5 مارس/آذار 1958، أي قبل سنتين من إعلان استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1960.
منتصف السبعينيات، نزح سكان الكثير من القرى والأرياف الموريتانية نحو مدينة نواكشوط، إثر موجات الجفاف التي ضربت أنحاء واسعة من البلاد، وذلك بحثا عن مصدر دخل بعدما فقد كثيرون مواشيهم بفعل سنوات الجفاف.
وفي الوقت الحالي يسكن هذه المدنية ربع سكان البلد البالغ عددهم نحو 4 ملايين نسمة، وفق تقديرات رسمية.
وتقع أغلب أحياء العاصمة نواكشوط تحت مستوى مياه المحيط الأطلسي الذي يحدها من جهة الغرب.
** دراسات تحذر
حذرت دراسة أجراها باحثون سنة 2008 من أن أجزاء واسعة من نواكشوط مهددة بالغرق إذا لم تتخذ إجراءات وقائية.
كما حذرت دراسة أعدتها شركة هولندية بطلب من الحكومة الموريتانية سنة 2011، من أن مدينة نواكشوط مهددة بالغرق بشكل كامل سنة 2050 إذا لم يتم القيام بإجراءات للحد من ارتفاع منسوب المياه، وتشييد حاجز بينها وبين المحيط.
عام 2009، ناشد الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، المجتمع الدولي أثناء انعقاد قمة كوبنهاغن للمناخ 2009 تقديم مساعدات ضرورية لتفادي غرق عاصمة بلاده، مضيفا أن نواكشوط باتت بالفعل مهددة بالغرق بسبب وقوعها تحت مستوى سطح البحر.
ويرى عدد من الخبراء أن تدهور الحاجز الرملي الواقع بين المحيط الأطلسي ومدينة نواكشوط، كان سببه استنزاف التربة الشاطئية واستغلالها لسنوات طويلة من طرف السكان في أعمال البناء.
** 22 فتحة تزيد المخاطر
في أغسطس/آب الماضي، قالت وزيرة البيئة، مريم البكاي، إن السلطات تمكنت من تحديد أكثر من 22 ثغرة في الحزام الرملي الذي يحمي المدينة من تسرب مياه المحيط، مما يزيد من خطورة أي ارتفاع قد يحدث على مستوى البحر.
وكانت السلطات قد سدت عام 2020 ثغرة بطول 600 متر على شاطئ البحر قبالة نواكشوط، وقامت حينها بغرس 1500 شجيرة من العينات المتأقلمة مع بيئة الشاطئ.
واتخذت الحكومة قرارا في العام 2019 بمنع استغلال رمال البحر، إذ ظلت لسنوات تستغل من طرف السكان في أشغال البناء.
ووفق تصريحات سابقة لوزيرة البيئة مريم بكاي، فإن الحزام الرملي الذي يفصل مدينة نواكشوط عن المحيط الأطلسي تضرر كثيراً؛ نتيجة الاستغلال البشري والصناعي وعدم تنسيق الأنشطة المتعلقة بالمناطق الشاطئية.
وزادت: "مناطق من مدينة نواكشوط تقع تحت مستوى سطح البحر؛ ما يجعلها مهددة نتيجة الارتفاع المضطرد لمنسوب مياه المحيط بسبب التغيرات المناخية".
** إجراءات حكومية
ويقول المدير المساعد "لحماية واستعادة الانواع والاوساط" بوزارة البيئة جبريل لي، إن مدينة نواكشوط" تخضع على غرار جميع المدن الشاطئية، لتأثير التغيرات المناخية.
وذكر جبريل لي، للأناضول، أن تبعات هذه التأثيرات، "تتمثل في ارتفاع مستوى البحر، والتعرية الشاطئية وتلف الشريط الكثيبي، مع ما يمكن أن يحدث، في نهاية المطاف، من غمر بحري لداخل اليابسة".
وأشار إلى أن السلطات الموريتانية اتخذت في وقت مبكر عدة إجراءات لتخفيض نتائج هذه الظاهرة، من خلال حظر استخراج الرمل من الشاطئ، وإقامة برامج لمكافحة انعكاسات التغير المناخي.
** مخاطر يجب أخذها في الحسبان
وحول التحذيرات التي تثار من حين لآخر عن أن نواكشوط مهددة بالغرق، أكد المدير المساعد لحماية واستعادة الانواع والاوساط بوزارة البيئة جبريل لي، أن هناك مخاطر حقيقية يجب أخذها في الحسبان.
"لكن ليس على نحو أعلى من المخاطر المتعلقة بمعظم المدن الشاطئية، في سياق ارتفاع مستوى البحر، الناتج جزئيا عن ذوبان الجليد القطبي".
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن الدراسات السابقة التي أُنْجِزَتْ عن احتمال تعرّض مدينة نواكشوط للغمر كان ينقصها تحديثُ المعطيات وجودتها.
وكشف المسؤول الحكومي، أن هناك دراسة رسوبية حديثة العهد (بتمويل من البنك الدولي)، حول نّمْذَجَة تطور الشريط الكثيبي على مستوى سوق السمك بمدينة نواكشوط والمناطق المجاورة، والتي قال إنها ستنشر نتائجها قريبا، أظهرت أنَ التوقعات المُنذِرة لم تأخذ في الحسبان جميع الحقائق الميدانية والمعطيات المتوفرة.
وتابع: "الخطر موجود، لكنّ تقديره مفرط، فحتى سنة 2030، يبقى الخطر مقبولا بالنسبة للمنطقة المدروسة، بل وحتى سنة 2050 سيبقى التقديرُ لا بأس به نسبيا".