يتكئ الثلاثي؛ فرنسا والإمارات والسعودية، على الرئيس الانقلابي لمصر، عبد الفتاح السيسي، وذلك من أجل دفع تركيا وحكومة الوفاق للجلوس على الطاولة مع الانقلابي حفتر، بعد الهزائم التي تلقوها في ليبيا على يد حكومة الوفاق الشرعية المدعومة من تركيا.
حيث حاول السيسي بث تصريحات تهديد تحتاج إلى الجدية، حينما كان يتفقد وحدات عسكرية بالمنطقة العسكرية الغربية في البلاد، قائلًا "سرت والجفرة خط أحمر"، ملوحًا بإمكانية تدخل الجيش المصري عسكريًّا في ليبيا، في الوقت الذي تحقق فيه قوات الوفاق تقدمًا كبيرًا في كلا المنطقتين.
أما المجلس الرئاسي في ليبيا فإنه لم يتأخر عن الرد فور تصريحات السيسي، حيث اعتبر المجلس بأنّ "هذه التصريحات هي إعلان حرب"، مذكرًا الجميع بأن حكومة الوفاق هي الممثل الشرعي في ليبيا، مضيفَا، "لن نسمح بتوجيه الإهانة لشعبنا، وإن ليبيا بأكملها خط أحمر بالنسبة لنا، والخطوط الحمراء يتم رسمها بدماء الشهداء".
من ناحية أخرى، هناك العديد من المتابعين للشأن الليبي ينظرون لتصريحات السيسي على أنها تصريحات فقاعية تفتقر إلى الأهمية، حيث أن السيسي الذي قدم تنازلات عديدة لإثيوبيا بسبب سدها "النهضة" الذي سيسبب لمصر أزمة ماء قومية، والذي باع جزيرتي تيران وصنافر للسعودية، والذي سلّم سيناء لتنظيم داعش الإرهابي؛ لا يبدو قادرًا على بث التهديدات للحكومة الشرعية في ليبيا.
وحسب مراقبين، فإن تصريحات السيسي تأتي نتيجة ضغط الدول الداعمة لحفتر، تزامنًا مع اقتراب قوات حكومة الوفاق من الجفرة وسرت، اللتين لو سقطتا من يد الانقلابي حفتر فإن تلك الدول ستكون خارج الطاولة بشكل تام.
من جانبه يستعد الجيش الليبي الشرعي التابع لحكومة الوفاق، لبدء عملية سرت، وحسب معلومات ميدانية فإن بدء المعركة هي مسألة أيام.
وفي السياق ذاته تأتي تصريحات حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي الليبي في العاصمة طرابلس، حيث أكدا خلال تصريحاتهم على أن تصريحات السيسي تعتبر تدخلًا سافرًا في الشؤون الليبية، وتؤكد أن مصر السيسي باتت جزءًا من المشكلة لا من الحل، بينما أوضحا عزم الجيش الليبي على تطهير جميع المنطق الليبية من الانقلابي حفتر وداعميه.
بدوره قال الباحث في الشؤون الخارجية بمؤسسة "سيتا" التركية للدراسات، إمره كاكلي، أنّ "الانقلابي حفتر وداعميه باتوا في حالة عجز أمام تقدم قوات الوفاق المدعومة من تركيا، ولذلك السبب يريدون الآن من الوفاق الجلوس مع حفتر على الطاولة. وبنفس الوقت يريدون الحفاظ على الجفرة والهلال النفطي بأيديهم، إلا أن ذلك لا يعتبر حلًّا بنظر حكومة الوفاق".
ورأى كاكلي، أنّ سرت الليبية يمكن أن تستعيدها قوات الوفاق خلال الأيام القادمة، وبذلك ستكون الجفرة هي الهدف التالي لتلك القوات، منوهًا إلى الأهمية البالغة التي يحملها الهلال النفطي، والجفرة التي تعتبر قاعدة عسكرية تقع عند تقاطع الشرق والجنوب الغربي في ليبيا.
وأضاف الباحث التركي بالقول، "تعتبر الجفرة نقطة هبوط طائرات الشحن العسكرية القادمة من الإمارات ومصر، الداعمتين لحفتر بكافة أنواع الأسلحة، ولذلك فإن بقاء الجفرة في أيدي تلك الدول يعني بالنسبة لحكومة الوفاق عائقًا حقيقيًّا يقف أمام تحقيق أي سلام مستدام هناك".
معتبرًا أن استمرار سيطرة داعمي حفتر على الجفرة والهلال النفطي يهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي لليبيا، حيث أن اقتصادها يعتمد على النفط بشكل مباشر.
ورأى كاكلي، أن مصر تريد بتصريحات السيسي جذب الوفاق إلى طاولة المفاوضات بعد أن حقق تقدمًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، إلا أن الوفاق تعي ذلك وترفضه تمامًا وتصر على عدم جلوسها مع الانقلابي حفتر الذي بات هو المشكلة الرئيسية في ليبيا.