بعد مرور نحو شهرين على احتجاجات محدودة شهدتها مصر، فإن الداعي لها، رجل الأعمال والفنان المصري، محمد علي، المتواجد خارج بلاده، لا يزال يتمسك برحيل رأس النظام، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويؤكد أن هذا "مطلبه وهمه حتى الموت".
وفي مقابلة للأناضول مع "علي" من مقر إقامته الحالي في مدينة برشلونة، التي نشر منها أول مقاطعه المصورة للشعب المصري، قبل أكثر من شهرين، يتمسك "علي" أيضا بوجود فساد كبير ببلاده، فيما نفي السيسي ذلك، واعتبر الأمر "مؤامرة وتشكيك غير صحيح".
"على" يؤكد أنه ليس تابعا لأحد، ولديه تصورات تشمل جولة خارجية لعرض ما لدي من تجاوزات مالية ببلاده، على الغرب.
ويأمل "علي" الذي صار محل "انتقادات واتهامات بالخيانة والفساد" من مؤيدي النظام بمصر أن يوحد صفوف معارضة النظام بالخارج، ويجري مصالحة داخلية بين طرفي النزاع بجماعة الإخوان المسلمين.
ويؤكد "على" أنه يتلقى "تهديدات مستمرة" من النظام، غير أنه يعرف "كيف يتحرك ويحمي نفسه"، ويكرر أنه يتمسك بمهمة رحيل رأس النظام بمصر حتى ولو كان ثمن ذلك حياته.
وإلى تفاصيل المقابلة:
** أحدثت ضجة كبيرة مع ظهورك الأول ثم بدأت في الخفوت، فهل أوراقك مع النظام المصري الذي يتهمك بالكذب والخيانة نفذت؟
- أوراقي لم تنته بل إن اللعبة بدأت، المرحلة السابقة كانت مجرد كشف لبعض أوجه الفساد.
وإذا استمريت في كشف هذا الفساد فسنظل لسنوات طويلة.
والهدف من المرحلة الأول أتى بثماره ونحن الآن أمام مرحلة جديدة من اللعبة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
المرحلة القادمة اعتمد فيها على إحراج النظام المصري.
وهمي أن أسمع العالم كله وأكشف له كيف تدار مصر، خاصة بعد الصرخة التي اطلقها الشعب يوم 20 سبتمبر (أيلول 2019)، ونزولهم إلى الشوارع، فمن الممكن أن يتحقق ذلك.
**نفيت سابقاً أنك مدعوم من أحد الجهات السيادية، لكنك تتحدث بثقة كبيرة عن رحيل النظام فعلام استنادك؟
- الإعلام المصري اتهمني منذ ظهوري الأول باتهامات كثيرة، تارة أنني إخوان، وتارة انني فاسد، والمعارضة من جانب آخر بدأت تشك أنني مدعوم من المخابرات.
وإذا نظرنا للجهتين فكلاهما لا يعرفان الحقيقة، أنا لست مدعوماً من أحد.
أنا كنت أشعر بخنقة شديدة من النظام، فبدأت في التحدث للناس وفوجئت بهذه الحالة التفاعلية فقررت الاستمرار.
وهل من المنطقي أن تأتي المخابرات بفنان صف ثالث أو صف رابع مثلي ليسافر إلى إسبانيا ثم حين يقرر مواجهة السيسي يخرج بفيديو من على الهاتف المحمول؟! هل هذه هل إمكانيات المخابرات في إسقاط النظام؟!.
** لكن الشرطة حين سمحت للمتظاهرين بالتواجد في الشوارع يوم 20 وفتحت الميادين، عززت فكرة أن أحداً يدعمك
- الشرطة فوجئت بنزول المتظاهرين، مثلما فوجئت أنا تماماً.
وهذه الجموع صنعت لديهم حالة من الارتباك التي جعلتهم يغلقون الميادين في الجمعة التي تلتها، واعتقلوا العشرات.
أنا لم أكن أعلم أن هناك من سيستجيب وينزل بالفعل، حتى أنني لم أكن أمتلك خطة مسبقاً للاستمرارية لكنني الآن أعلم ملامح المرحلة القادمة جيداً.
** ماهي إذن ملامح خطتك القادمة؟
- خطتي القادمة هي الاتحاد الأوروبي، ومجلس الشيوخ الأمريكي وبعض المؤسسات العالمية التي جهزت لها ملفات بها الكثير من الدلائل على الفساد في مصر.
وبدأت بالفعل في التحرك بمخاطبة هذه المؤسسات ولقيت تفاعلاً مبدئياً من طرفهم.
وخلال يومين سأكون في المملكة المتحدة لمؤتمر صحفي ضخم لنصنع حالة من الزخم العالمي عن فساد هذا النظام.
** البعض يقول إنك أفدت النظام أكثر مما أضررت به، لأنه اكتشف الثغرات التي من الممكن أن تضعفه وبدأ في سدها..ما تعليقكم؟
ما فعلته فضح النظام و أثر فيه وأجبره على اتخاذ خطوات إيجابية.
كون أن الرئيس يجبر على الظهور والاعتراف أمام الشعب أنه يبني قصورا رئاسية فهذه كانت أكبر صفعة له.
أنا أجبرته على الخروج للشعب ليقول لهم أنكم تضحون من أجلي أنا.
** لكنه عرف ثغراته وبدأ في سدها خاصة أنك وقفت في منتصف الطريق
- هل إذن سنستيقظ صباحاً لنجد أن الدولار أصبح يساوي 8 جنيهات (بدلا من حوالي 16 جنيها حاليا) والاقتصاد انتعش؟
الثغرات سدها بالتضييق أكثر على كل من حوله وبدأ في الكشف عن أنيابه أكثر.
وهذا الضغط سيخلق حالة انفجار كبيرة، سد الثغرات ضده وليست في صالحه، إضافة إلى أن مصداقيته أمام الشعب انهارت.
وأنا منذ أول ظهور لي لم أكن أدع لثورة، أنا كان دوري مقتصراً على كشف الفساد و بالفعل كشفته.
** كيف تتعامل مع المعارضة في الخارج؟
- أنا الآن منفتح على كل المعارضة للتواصل، وأحاول أن أجمعهم في صف واحد حتى أنني أحاول أن أجري مصالحة بين (طرفي النزاع في جماعة) الإخوان المسلمين وبالفعل بدأت في خطوات لذلك.
مع احتكاكي بالمعارضة وجدت أن هناك شرفاء كثيرون يريدون الخير لمصر بالفعل.
وهناك بعض المنتفعين الذين يتكسبون الأموال من وجود السيسي في الحكم.
وأنا الآن في مرحلة جمع الشرفاء من المعارضين لتوحيد الجهود والتحرك في مسار واحد، وتواصلت مع عدد كبير منهم وكثير أبدوا استعدادهم لذلك.
** هناك أحاديث عن مشروع سياسي بينك وبين المعارض المصري أيمن نور ما ملامح هذا المشروع؟
أيمن نور تواصل معي وكان مسانداً لي بشكل كبير، حتى أنه عرض علي الخروج في قناته (التليفزيونية.."الشرق") وفرد مساحة لي للحديث بشكل مستمر لكن هذا ليس هدفي في هذه المرحلة.
أنا لا أريد مزيد من قنوات التواصل لأنني لست إعلامياً ولا مذيعاً.
نحن الآن بصدد التشبيك للتحركات الخارجية وجمع المعارضة في مسار صحيح.
** ما صدى الفيديوهات التي نشرتها مع من كنت تعمل معهم سابقا؟
مصيبة! بداية لم يكن أحد يتوقع إطلاقاً ما فعلته، لأنني كنت أتمتع بسلطة كبيرة بحكم عملي مع الجيش، وأعيش في حالة مادية مستقرة جداً.
خروجي بهذه المعلومات، أحدث حالة ارتباك كبيرة حتى أن كثيرا من هؤلاء أحيل للتحقيقات وبعضهم أوقف عن العمل، ناهيك عن حالة التضييق الشديدة التي أصبح المقاولون يعانون منها بشكل كبير.
** هل تواصل معك أحد من المقاولين من أصدقاءك وقدم أي نوع من الدعم لك؟
على العكس تماماً، جميعهم أرسلوا إلى رسائل تحمل عتاب ولوم لأنني أضررت بمصالحهم، ثم قطعوا كل اتصالاتهم.
فصدى ما فعلته كان كبيراً جداً وأحدث حالة توتر وارتباك شديدة.
والدليل أن السيسي رد على ما قلته بعد أسبوع كامل من نشر هذه الفيديوهات
** كيف؟
- سأشرح لك كيف وضعت النظام في "خانة اليك" (الزاوية)..أنا كنت رابع أهم شركة مقاولات معهم، كان لدي حوالي ألف موظف، وشركات كبيرة أيضاً تعمل معي، هذه الشركات بها مئات الموظفين، مضاف إليهم الآلاف من الذين يعرفون بهذه المشاريع التابعة للمؤسسة.
لذلك قررت أن أضع النظام بين خيارين، إما ان يقول إنه ليس لديه قصور رئاسية فيكون بذلك قائدا كاذبا أمام رجاله الذين يعرفون ذلك جيداً.
وإما أن يواجه الشعب ويكون أمامهم هادراً لأموالهم، وهو اختار الخيار الثاني.
** هل لديك نية للتسوية مع النظام إذا عرضوا عليك ذلك مقابل ان تأخذ مستحقاتك؟
- مستحقاتي أصبحت في خبر كان بعد أول فيديو نشرته على صفحتي، ولن أحصل على جنيه واحد منها.
ولكن إذا كان لديهم نية للتسوية فأنا لا أريد أموالي.
ليس لدي همّ الآن إلا أن يرحل عبد الفتاح السيسي وأخذت على عاتقي هذه المهمة إلى أن أموت.
ولدى الكثير من التصورات التي ستجعل العالم كله يعرف حجم الفساد الذي تعيشه مصر، لا مطلب لدي إلا رحيله.
** ذكرت أن القنصلية المصرية في إسبانيا تواصلت معك سابقاً، هل أعيدت هذه المحاولات للتواصل؟
- كل ما تبع هذه المحاولة للتواصل كان تهديدات وهي مستمرة حتى الآن.
لكنني أعرف كيف أختبأ وكيف أحمي نفسي، خاصة أنني في مكان يحترم القانون بشكل كبير
**هل تشعر بالخوف على حياتك؟
لا أشعر بأي خوف على حياتي، كم من شباب تنتهي حياتهم بحادث سير أو بموت مفاجئ، إذا حدث لي أي مكروه فأنا راض تماما عما وصلت له وفخور بما فعلته.