بين ملايين الأطنان من ركام المنازل المهدمة والآيلة للسقوط جرّاء الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا في 6 فبراير/شباط الماضي، يحاول سائقو الشاحنات الثقيلة إظهار رباطة جأشهم أمام هول الفاجعة ولوعة الناس وتفاصيل الأشياء بين الأنقاض.
في كل غرفة من آلياتهم لانتشار الأنقاض، تتكشف أمام سائق الألية، تفاصيل حياة باتت ممجوجة بالإسمنت والحديد.
يجد سائقو الآليات الثقيلة أنفسهم بين مثلث السباق مع الزمن من أجل انتشال جبال من الأنقاض، وبين المواطنين الذي يحاولون لملمة ما تبقى من أغراض منازلهم، وبين مقتنيات معنوية تظهر أمامهم بين الركام.
كاميرا الأناضول استطلعت عمل سائقي الآليات الثقيلة في منطقتي إصلاحية ونورداغي بولاية غازي عينتاب.
نحزن كثيرًا!
سائق الحفارة الثقيلة محمد كردان (28 عامًا)، الذي جاء من أنقرة كمتطوّع إلى منطقة إصلاحية بولاية غازي عنتاب، يحكي للأناضول عن تأثير عمله على حالته النفسية.
وقال قردان: "من خلال عملنا في انتشال الأنقاض، كان هم الناس في الأيام الأولى للزلزال إنقاذ أرواح أقربائهم، أما الآن فهم يحاولون إنقاذ ما أمكن إنقاذه من ممتلكاتهم، وهذا الأمر نتأثر به جميعًا".
وأضاف: "دائما عندما أعمل ويتجمّع أصحاب المبنى المهدّم حولي، أضع نفسي مكانهم وأشعر بما يشعرون به وأحاول مساعدتهم رغم خطورة المكان".
وأعرب قردان عن حزنه عندما يشاهد الناس تتجمّع لكي تبحث عن أغراضها وأشيائها المعنوية والثمينة".
وقال السائق:"نعاني كثيرًا من الناحية النفسية، عندما ننتشل الأنقاض وتظهر أمامنا ألعاب الأطفال ودفاترهم وأدوات الطبخ نحزن كثيرًا، فالأمر خارج عن إرادتنا".
وأضاف: "هذه اللحظات ستبقى عالقة في أذهاننا، عندما أذهب وأشتري لعبة لطفلتي في المستقبل، بالتأكيد ستخطر في بالي الألعاب التي كنت أنتشلها من بين الأنقاض".
جهود متواصلة
ومنذ وقوع الزلزال، تتواصل الجهود الجبّارة لإزالة الأنقاض، في مهمّةٍ لا تخلو من الخطورة والتفاصيل المحزنة.
وفي حديث للأناضول، قال مسؤول وزارة البيئة والتطوّر العمراني والتغيّر المناخي في غازي عنتاب، سردار جنيكلي، إن سائقي الشاحنات الثقيلة رفعوا 300 ألف طن من الأنقاض منذ بداية الزلزال من منطقتي إصلاحية وغازي عنتاب.
وأشار جنيكلي إلى أن "150 حفارة و250 شاحنة نقل و12 آلية قطع عملاقة، تعمل في المنطقتين".
وفي 6 فبراير/شباط الماضي، ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا زلزالان عنيفان بلغت قوتهما 7.7 و7.6 درجات على مقياس ريختر، تبعهما آلاف الهزات الارتدادية العنيفة.
وأودت كارثة الزلزال التي كان مركزها ولاية قهرمان مرعش بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وخلَّفت دمارا ماديا ضخما طال 11 ولاية في الجزء الجنوبي لتركيا.