يني شفق

جامع برجا الكبير.. شاهد على الحكمة العثمانية في لبنان

09:2524/03/2025, الإثنين
الأناضول
جامع برجا الكبير.. شاهد على الحكمة العثمانية في لبنان
جامع برجا الكبير.. شاهد على الحكمة العثمانية في لبنان

- يشهد "جامع برجا الكبير" في جبل لبنان على حكمة الدولة العثمانية وحرصها على الوحدة الاجتماعية ومنع خلافات العائلات - في القرن 19 اختلفت عائلات على إمام المسجد وبنت مسجدا آخر لكن السلطات العثمانية أغلقته واعترفت بالجامع الكبير منعا للانقسام - الإمام جمال بشاشة: الجامع أقدم المعالم الدينية والأثرية في برجا الشوف وكان مركزا ثقافيا واجتماعيا وتوحيد الصلاة فيه ساهم بلم الشمل


في محافظة جبل لبنان تبرز بلدة برجا الشوف إحدى النماذج الشاهدة على جهود تاريخية حكيمة بذلتها الدولة العثمانية (1299- 1923) للحفاظ على الوحدة الاجتماعية ومنع التفرقة بين العائلات في المناطق التابعة لها.

هذه الجهود تجلّت بشكل واضح بعد قرار عثماني في القرن التاسع عشر بإغلاق جامع صغير تم استحداثه إثر خلاف حول إمام "جامع برجا الكبير" الوحيدة في برجا الشوف آنذاك، لمنع حدوث انقسامات بين عائلات البلدة.

وتبعد برجا الشوف عن العاصمة بيروت حوالي 30 كلم، ويبلغ عدد سكانها حاليا نحو 30 ألف شخص، معظمهم من المسلمين السنة، وتوجد بقضاء الشوف.

وترتفع برجا الشوف عن سطح البحر من 400 الى 600 مترا، وهي من البلدات التاريخية والثقافية التي تتميز بموقعها الجغرافي المطل على البحر المتوسط.

ويمتلك جامع برجا الكبير الذي كان يُعرف باسم المسجد العمري، تاريخا طويلا وتراثا كبيرا يمتد إلى عهود متعددة تركت آثارا لا تزال شاهدة عليها.

ويرجح خبراء آثار عاينوا المسجد أن تاريخه يعود لأكثر من ألف عام، وهو ما تؤكده مكتشفات ومعالم أثرية بداخله، خصوصا هندسة ركائزه وبنيانه وطبيعته.


جامع برجا الكبير

لفت إمام جامع برجا الكبير الشيخ جمال بشاشة، في حديث للأناضول، إلى روايات متوارثة على ألسنة المعمرين في البلدة.

وقال نقلا عنهم إن تاريخ المسجد العمري يعود إلى أيام الاحتلال الصليبي، وكان في الأصل كنيسة، ثم حوّله المسلمون إلى مسجد بعد دحرهم الصليبين عن بلاد الشام.

وأضاف أن "جامع برجا الكبير يعتبر أقدم المعالم الدينية والأثرية في بلدة برجا الشوف، وكان يُعتبر أيضا مركزا ثقافيا واجتماعيا ودينيا، باعتباره قبلة لكل مناسبات أهل البلدة".

وتابع أن "جامع برجا الكبير، الذي يقع في وسط البلدة القديمة هو ملتقى لكل الأهالي منذ عقود طويلة".

ولم تكن مساحة المسجد القديم تتجاوز 300 متر مربع مع بعض الإضافات، بينما وصل اليوم لحوالي 450 مترا مربعا، بعد عملية ترميم بدأت في سنة 2003 واستمرت لغاية 2008، حسب بشاشة.



بشاشة روى قصة تاريخية أدت إلى بناء مسجد صغير في البلدة بقوله إن "الجامع الكبير كان يطلق عليه الجامع العمري قبل أكثر من 150سنة، وكان الجامع الوحيد في البلدة".

وزاد بأنه "في العام 1890 وقع خلاف بين بعض العائلات البرجاوية لعدم رضاهم عن إمام الجامع الكبير، ولم تكن الخلافات بوقتها جوهرية".

وأردف أن "بعض العائلات الكبيرة حاولت الانفصال عن إمام وخطيب الجامع العمري في برجا آنذاك، وقاموا ببناء جامع صغير على بعد أمتار من الجامع الكبير".

وتابع: "وصل الأمر إلى متصرفية جبل لبنان (الإدارة العثمانية للبلاد)، وكان عضوها السني الوحيد هو ابن بلدة برجا الشيخ عمر أفندي الخطيب، وكان إمام المسجد العمري على مدى سنوات طويلة".

ووفق بشاشة "رُفع الأمر إلى الباب العالي في السلطنة العثمانية بإسطنبول، وصدر قرار بمنع إقامة الصلاة أو الجمعة أو أي ترتيب آخر في المبنى الجديد الذي أقيم على ساحة العين وسط البلدة".

وأضاف أنه "منذ ذلك الحين أُطلق على الجامع العمري تسمية الجامع الكبير تمييزا له عن الجامع الصغير، الذي شُيد على ساحة العين".

وشدد على أنه "منذ ذلك لم تُقم في الجامع المستحدث أي صلاة أو جماعة ولم يُعين له إمام ولا خطيب، تنفيذا لقرار الباب العالي بواسطة المتصرفية".

وأوضح أن "القرار نص على أن برجا لا يجوز أن يكون فيها جامعين، منعا لشقاق أهل البلدة ودرء الفتنة، إلى أن حصل الصلح والإصلاح بين العائلات وعاد الوئام فيما بعد".

وقال إن "جامع برجا الكبير بقي الجامع الوحيد في البلدة لغاية 1980، بعدما بُني جامع عبد القادر الجيلاني، إذ يعتبر الجامع الثاني في البلدة".


نسيج واحد

وأكد بشاشة أن "قرار منع إقامة الصلاة في الجامع المستحدث كان يصب في مصلحة أبناء البلدة، ويمنع الشقاق بينهم، ليحافظ على النسيج البرجاوي، ويؤكد على وحدة أبنائها ومصلحتها الأهلية".

وشدد على أن "أهالي برجا هم نسيج واحد لم يعرفوا أبدا العصبيات والحزبيات العائلية، لذلك هناك الكثير من التزاوج المختلط بين عائلات البلدة".

وتابع: "الدليل على أن بلدة برجا لا تعرف العائلية أنه في سنة 1925 توافقت على انتخاب رئيس للبلدية، وهو الشيخ محمود عمر البربير، إذ كان عدد أفراد عائلته آنذاك 4 أشخاص فقط، بينما العائلات الكبرى كانت بالمئات".

#الدولة العثمانية
#جامع برجا الكبير
#جبل لبنان
#لبنان
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية