تحرير:

في رحاب المسجد النبوي.. مشاعر الخشوع والانكسار تغمرني

16:4622/06/2024, Cumartesi
تحديث: 22/06/2024, Cumartesi
أرسين جليك

نتجه ببطء نحو بوابة الزيارة، كأننا نمشي على رؤوس أصابعنا. سنكون قريبا في الحجرة النبوية الشريفة. خلعنا نعالنا، فشعرنا ببرودة الأرضية الرخامية تحت أقدامنا العارية، وأحسسنا بمشاعر عميقة ونحن نخطوا على المكان الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه بعد هجرته إلى المدينة المنورة، وشارك بنفسه في بنائه. إنه المسجد الذي تشكل فيه المجتمع الإسلامي سياسيا واجتماعيا، وكان مركزا لحكم الدولة الإسلامية التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ها نحن على العتبة ندخل من الباب الأول، باب السلام ونحن نصلي على

نتجه ببطء نحو بوابة الزيارة، كأننا نمشي على رؤوس أصابعنا. سنكون قريبا في الحجرة النبوية الشريفة. خلعنا نعالنا، فشعرنا ببرودة الأرضية الرخامية تحت أقدامنا العارية، وأحسسنا بمشاعر عميقة ونحن نخطوا على المكان الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه بعد هجرته إلى المدينة المنورة، وشارك بنفسه في بنائه. إنه المسجد الذي تشكل فيه المجتمع الإسلامي سياسيا واجتماعيا، وكان مركزا لحكم الدولة الإسلامية التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ها نحن على العتبة ندخل من الباب الأول، باب السلام ونحن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. ونخطوا بضع خطوات لنجد أنفسنا بجوار "الروضة الشريفة". يسعى الزائرون إلى أداء ركعتين من الصلاة في المساحة بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم (منزله) ومنبره. وينتظرون دورهم وهم وينظرون إلى من في الداخل بنظرات التوسل. لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن الصلاة في المسجد النبوي خير من الصلاة في أي مكان آخر بألف مرة ما عدا المسجد الحرام.


على يميننا جدار القبلة. لقد ظهرت الحجرة النبوية الشريفة. وها نحن نسلم على حبيب الله بقلوب ممتلئة بالحمد والحماس، لنيل هذا الشرف، متمثلين قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي". نصل إلى المواجهة الشريفة. والآن نحن في حضرة فخر الكائنات. تختلط الأصوات المنخفضة بالأنفاس، الصلاة والسلام عليك يا رسول الله.


يبدو أن الشوق والحماس تفك من عقال اللسان كما تفك من عقال القدمين. لدي رسائل سلام يجب أن أبلغها: يا رسول الله تحية من فلان وفلان من أمتك. وهم يرجون أن ينالوا شفاعتك. على يمين القبر المبارك، نجد قبر أقرب الصحابة وأوفاهم أبو بكر الصديق، وقبر أشد أصحابه شجاعة وخليفة خليفته عمر بن الخطاب. السلام عليك يا أبا بكر الصديق، يا خليفة رسول الله. السلام عليك يا عمر الفاروق.، يا شهيد المحراب.


وفوق نافذة السلام ، نجد على الجدار آية من القرآن: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم" (الحجرات: 3).


نعيش الآن في أجواء روحانية كما أظهر الصحابة احترامهم للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فإن الأمة تسير على نفس الدرب منذ قرون. تغمر مدينة الوفاء، المدينة المنورة، مشاعر الحب والاحترام تجاه حبيب الله. ويسود الهدوء والسكينة المكان، وتخفت الأصوات. وتتواصل نوبة تحية الأمة للنبي صلى الله عليه وسلم دون انقطاع، مع حرص الجميع على عدم إزعاجه صلى الله عليه وسلم.


لكن المسؤولين لا يسمحون ببقاء الزوار طويلا. فيعبر البعض عن رفضهم الرحيل والوقوف فقط لثوان قليلة بلطف وهدوء. نمشي بخطوات صغيرة جدا، وكأننا نجر أقدامنا. يغادر من أدى السلام المكان بحزن. ويسير بعضهم للخلف أدبا حتى عتبة باب البقيع، وهم منحنو الرأس، وأيديهم على قلوبهم، وكأنهم يرددون على ألسنتهم أبياتا من قصيدة الشاعر "نبي" التي يرشد فيها الزوار إلى آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم:


مراعاة الأدب شرط لدخول هذا المقام يانبي… فهذا هو مطاف الملائكة وموضع تبجيل الأنبياء.


نعود إلى الفناء الخارجي. ونحن نودع المدينة المنورة، نرسل سلاما أخيرا بقلوبنا ورؤوسنا وأعيننا من بعيد. لم يشبع أحد من هذه اللحظات الروحانية. يتحدث الحجاج مع أقاربهم عبر الهاتف عن لقائهم بهم.


وأثناء وجودي في الحجرة الشريفة، ألتقي مرة أخرى بالرجل المسن ذي اللحية البيضاء الطويلة الذي لفت انتباهي أول مرة، حين كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ودموعه تنهمر على خديه واضعا يديه أمام فمه. رأيته بنفس الحالة يحرك شفتيه وهو يبكي.


لقد مضى اليوم الثالث في المدينة. هذا هو تاسع مقال لي أحاول من خلاله نقل مشاعري وملاحظاتي خلال رحلتي التي استمرت ثمانية عشر يوما لأداء فريضة الحج. وفي مقالي العاشر سأكون قد ودعت المدينة وعدت إلى الوطن إن شاء الله. تلقيت بعض الانتقادات لأنني لم أكتب عن بعض السلبيات التي شهدتها أو لاحظتها في مكة والمدينة المنورة. سأشرح أسباب ذلك في تدوينة منفصلة.


مع خالص التحيات والسلام.


#المسجد النبوي
#الحج
#مكة
#المدينة المنورة
#الحجرة النبوية
#النبي محمد

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية