يني شفق

البابا الجديد.. تجسيد لأي أمريكا؟

04:4213/05/2025, الثلاثاء
تحديث: 31/05/2025, السبت
عبدالله مراد أوغلو

البابا "ليو الرابع عشر" هو أول بابا من الولايات المتحدة الأمريكية. لكنه في الوقت نفسه مواطن في بيرو، حيث خدم هناك لمدة تقارب العشرين عامًا. أي أنه يجمع بين الهوية الأمريكية الشمالية واللاتينية الجنوبية.أما البابا السابق، الأرجنتيني الجنسية، فكان أول بابا من أمريكا اللاتينية. اختار الكاردينال الأمريكي "روبرت بريفوست" الاسم البابوي "ليو"، ويُرجّح أن اختياره يعود إلى بابا "ليو الثالث عشر"، وكذلك إلى البابا "ليو الأول" المعروف بلقب "ليو العظيم". الشهرة التي نالها "ليو الأول" ولقّب بسببها بـ"العظيم"

البابا "ليو الرابع عشر" هو أول بابا من الولايات المتحدة الأمريكية. لكنه في الوقت نفسه مواطن في بيرو، حيث خدم هناك لمدة تقارب العشرين عامًا. أي أنه يجمع بين الهوية الأمريكية الشمالية واللاتينية الجنوبية.أما البابا السابق، الأرجنتيني الجنسية، فكان أول بابا من أمريكا اللاتينية.

اختار الكاردينال الأمريكي "روبرت بريفوست" الاسم البابوي "ليو"، ويُرجّح أن اختياره يعود إلى بابا "ليو الثالث عشر"، وكذلك إلى البابا "ليو الأول" المعروف بلقب "ليو العظيم".


الشهرة التي نالها "ليو الأول" ولقّب بسببها بـ"العظيم" تعود إلى موقفه من الغزو الهوني الذي اخترق قلب روما كالرمح. ففي القرن الخامس، كانت الإمبراطورية الرومانية تترنح تحت وطأة غزو الهون لشمال إيطاليا.

وكان إمبراطور الهون "أتيلا" يضرب الإمبراطوريتين الغربية والشرقية بسوط واحد، بعد أن دمّر مدينة ميلانو، واقترب من أبواب روما.


حينها أرسل إمبراطور الغرب "فالنتينيان الثالث" وفدًا لإقناع أتيلا بالعدول عن غزو روما، وكان البابا "ليو الأول" على رأس الوفد.

وبحسب الروايات الكاثوليكية، نجح ليو في إقناع أتيلا بالتراجع.

وقد غيّر غزو إيطاليا بقيادة أتيلا موازين القوى في أوروبا، وأظهر أن روما لم تعد قادرة على حماية نفسها. وبعد هذه الحملة، توفي أتيلا بظروف غامضة، فيما سقطت الإمبراطورية الرومانية بعد وفاته بـ23 عامًا.


أما البابا "ليو الثالث عشر"، الذي شغل المنصب بين 1878 و1903، فيُعتبر الأب المؤسس لـ"التعليم الاجتماعي الكاثوليكي". وقد عُرف بـ"بابا العمال" أو "البابا الاجتماعي"، خاصة بعد إصداره مرسومًا في عام 1891 ينتقد فيه كلًا من الرأسمالية والاشتراكية، داعيًا إلى الاعتراف بحقوق العمال.


غير أن إحدى أبرز مواقف ليو الثالث عشر كانت معارضته الشديدة لما يُعرف بـ"الأمركة". ففي نظر البروتستانت الأمريكيين، أمريكا هي وطن "الأنغلو-ساكسون البيض البروتستانت" ، وكانت الهوية الأمريكية مرادفة للبروتستانتية.

ونتيجة للتأثير البريطاني، كان هؤلاء البروتستانت يكنّون عداءً شديدًا للكرسي الرسولي. وكان يُنظر إلى الكاثوليك على أنهم أعداء للقيم السياسية الأمريكية.


وفي عهد ليو الثالث عشر، بدأت تظهر داخل الكنيسة الكاثوليكية الأمريكية نزعة تُعرف بـ"الأمركة"، والتي مثلت استجابة لضغط الهيمنة الثقافية البروتستانتية البيضاء.

وقد اقترح بعض رجال الدين الكاثوليك آنذاك أن يتأقلم الكاثوليك مع القيم الليبرالية الأمريكية. لكن ليو الثالث عشر رأى في هذا التوجه انحرافًا خطيرًا، ورفض "أمركة الكاثوليكية" بشدة.

وفي عام 1899، وجّه البابا رسالة إلى رئيس أساقفة بالتيمور، الكاردينال "جيمس غيبون"، بعنوان: "الآراء الجديدة حول الأمركة: حول الفضيلة، الطبيعة، والنعمة"، أدان فيها محاولات التوفيق بين الكاثوليكية والثقافة الأمريكية.

واعتبر أن القيم الليبرالية السائدة في أمريكا آنذاك تمثل خطرًا بالغًا على الإيمان الكاثوليكي التقليدي، وعقائده، وممارساته. وكانت كراهية البروتستانت للكاثوليك في الولايات المتحدة تتجلى في مظاهر تمييز صارخة.

وقد استهدفت الجماعات العنصرية البيضاء الكاثوليك أيضًا. وقد استغرق الأمر وقتًا طويلًا لتخفّ حدة هذا العداء.


وكان "جون فيتزجيرالد كينيدي" أول رئيس أمريكي كاثوليكي، وقد اضطر إلى التصريح بأن كاثوليكيته لن تؤثر على قراراته كرئيس.


ومع مرور الوقت، تراجعت هيمنة "الأنغلو-ساكسون البروتستانت" إلى حد بعيد، وأصبح "اليمين الكاثوليكي" جزءًا لا يتجزأ من التيار المحافظ الأمريكي.

فالكاثوليك البيض باتوا يصوّتون وفقًا لانتماءاتهم الفكرية: الليبراليون نحو الحزب الديمقراطي، والمحافظون نحو الحزب الجمهوري.

ويُشكّل "الهسبان"، أي المنحدرون من أصول لاتينية، نحو ثلث الكاثوليك في أمريكا.


ولأن الهجرة إلى الولايات المتحدة تأتي غالبًا من أمريكا اللاتينية، فقد أصبح هؤلاء من أبرز أهداف سياسات ترامب المعادية للهجرة.

ولهذا فإن موقف الفاتيكان من قضايا الهجرة بات أكثر تدخلًا ووضوحًا.

وقد كان البابا فرنسيس من أشد المعارضين لسياسات ترامب في الهجرة، كما اصطدم مع الجمهوريين "الترامبيين" في ملفات مثل الجندر، والبيئة، وتغير المناخ. واتهمه هؤلاء بالوقوف إلى جانب الليبراليين في ما يسمّونه "حروب الثقافة".


وبحسب الجمهوريين الترامبيين، فإن البابا ليو الرابع عشر لا يختلف عن البابا فرنسيس. ففي أدبياتهم، "الليبرالية" لا تختلف عن "الماركسية"، ويُنظر إلى الليبراليين على أنهم يسعون لهدم أمريكا من الداخل عبر الثقافة.


وفي منشور لها على منصة "إكس"، وصفت الناشطة اليمينية المتطرفة "لورا لوومر" البابا الجديد بأنه "معادٍ لترامب، مؤيد للحدود المفتوحة، وماركسي تمامًا مثل فرنسيس".

أما "ستيف بانون"، كبير مستشاري ترامب سابقًا والوجه الكاثوليكي البارز في اليمين الأمريكي، فقال في مقابلة مع BBC إن "صدامًا حتميًّا سيقع بين ترامب والبابا الجديد".

#البابا الجديد
#ترامب
#صدام بين البابا وترامب
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية