يني شفق

صِدام بين المحافظين الجدد والواقعيين

05:4615/04/2025, الثلاثاء
تحديث: 16/04/2025, الأربعاء
عبدالله مراد أوغلو

في مقالي السابق، أشرتُ إلى أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأجيل فرض الرسوم الجمركية المرتفعة على دول أخرى – باستثناء الصين – لمدة 90 يومًا، جاء نتيجة تأثير بعض الأجنحة داخل "تحالف ترامب". كذلك فإن "تحالف ترامب" يضم توجهات متباينة جذريًا فيما يتعلق بالدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية. فبعض الشخصيات داخل إدارة ترامب ترى أنه ينبغي للولايات المتحدة إنهاء أو تقليص التزاماتها العسكرية في الشرق الأوسط وأوروبا والتركيز فقط على الصين. يُشار إلى هذا التوجه بمصطلحي "الواقعيون المحافظون الذين يؤمنون

في مقالي السابق، أشرتُ إلى أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأجيل فرض الرسوم الجمركية المرتفعة على دول أخرى – باستثناء الصين – لمدة 90 يومًا، جاء نتيجة تأثير بعض الأجنحة داخل "تحالف ترامب". كذلك فإن "تحالف ترامب" يضم توجهات متباينة جذريًا فيما يتعلق بالدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية.

فبعض الشخصيات داخل إدارة ترامب ترى أنه ينبغي للولايات المتحدة إنهاء أو تقليص التزاماتها العسكرية في الشرق الأوسط وأوروبا والتركيز فقط على الصين. يُشار إلى هذا التوجه بمصطلحي "الواقعيون المحافظون الذين يؤمنون بـ أمريكا أولاً" و"أصحاب الأولويات".

في المقابل، يرى الصقور – وبينهم "المحافظون الجدد المتنكرين" و"الجمهوريون من النظام المؤسسي" – أن الولايات المتحدة قادرة على مواجهة عدة أعداء في آنٍ واحد.


ورغم اعتراضه الخطابي على "الحروب التي لا نهاية لها"، فقد ضم ترامب كلا التوجهين إلى جناحيه. أما "اللوبي الإسرائيلي"، فيضغط على ترامب من أجل بقاء الولايات المتحدة منخرطة في الشرق الأوسط. وقد كُشف عبر تسريبات من تطبيق "سيغنال" – نُسبت إلى شخصيات من تيار المحافظون الجديد– أن نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس قد اعترض على الهجمات الموجهة ضد الحوثيين. ويُعدّ تسريب محادثات "سيغنال" بمثابة دفع فانس إلى تحت عجلات حافلة "اللوبي الإسرائيلي". كذلك فإن عدداً من الأسماء التي تم تعيينها في مناصب عليا ضمن مؤسسات الدفاع والأمن القومي والاستخبارات باتت الآن تحت مرمى هجوم "اللوبي".


ومؤخرا، صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على تعيين إلبرج كولبي – أحد المنتمين إلى "أصحاب الأولويات" – في منصب نائب وزير الدفاع لشؤون السياسات. وكان السيناتور الوحيد الذي صوّت ضده هو ميتش ماكونيل، أحد زعماء التيار الجمهوري التقليدي. وقد رد فانس ونجل ترامب، دونالد ترامب الابن، بغضب شديد على موقف ماكونيل.


كما جرى بصعوبة بالغة المصادقة على تعيين تولسي غابارد – المصنفة "شخصية غير مرغوب بها" من قبل المحافظين الجدد– في منصب مديرة الاستخبارات الوطنية. أما ترشيحها لدانيال ديفيس لمنصب نائب مدير الاستخبارات الوطنية، المسؤول عن 17 وكالة استخباراتية، فقد قوبل بحملة استهداف في وسائل إعلام مرتبطة بـ"اللوبي الإسرائيلي". وفي النهاية، اضطرت غابارد إلى سحب ترشيحها.


ويُنظر إلى مواقف دانيال ديفيس المتحفظة تجاه التدخلات العسكرية الأمريكية على أنها كافية لتصنيفه "معاديًا لإسرائيل". وكان ديفيس قد اعتبر الدعم الأمريكي لإسرائيل في غزة خطأ أخلاقيًا واستراتيجيًا، ما أدى إلى اتهامه من قبل مؤيدي إسرائيل بتقليل أهمية هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 وبمحاولة تقويض الدعم الأمريكي لإسرائيل.


كما يُبدي "اللوبي الإسرائيلي" انزعاجه من مسار التفاوض الذي بدأه ترامب مع إيران، إذ ترغب إسرائيل في أن تنخرط الولايات المتحدة مع طهران في مواجهة عسكرية فقط، دون أي مسار تفاوضي. ولهذا السبب، يسعى اللوبي الإسرائيلي إلى تحصين ترامب من تأثيرات "الواقعيين المحافظين"، و"أصحاب الأولويات"، و"الانعزاليين".


وازداد قلق اللوبي بعد أن قامت غابارد، بهدوء، بتعيين الدكتور ويليام روغر – الذي يتبنى الرؤية ذاتها التي يحملها ديفيس – في منصب "نائب مدير الاستخبارات الوطنية لشؤون تكامل المهام". وكان ترامب قد رشّح روغر عام 2020 لمنصب سفير الولايات المتحدة في أفغانستان، لكن عملية المصادقة على ترشيحه تعطّلت. والجدير بالذكر أن منصب نائب مدير الاستخبارات الوطنية لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ.


وكون روغر يشارك في إعداد "الملخص الاستخباراتي اليومي" الذي يُعرض على رئيس الولايات المتحدة، فإن هذا الأمر يثير قلق الدوائر المؤيدة لإسرائيل. كما يُشار إلى أن روغر عضو دائم في "مجلس العلاقات الخارجية"، أحد أبرز المؤسسات الفكرية المؤثرة في واشنطن.


يُعد إلبرج كولبي من أبرز رموز "أولوية المصالح الأمريكية"، بينما يرتبط كل من دانيال ديفيس وويليام روغر بمركز أبحاث "أولويات الدفاع"، الذي يدعو إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط. كذلك فإن المحلل العسكري مايكل ديمينو – الذي تم تعيينه مستشارًا رئيسيًا لسياسات الشرق الأوسط في البنتاغون – ينتمي أيضًا إلى هذا المركز.


يدعو مركز "أولويات الدفاع" إلى تحديد مصالح الأمن القومي الأمريكي بمعنى "ضيق"، ما يستوجب إعادة النظر في السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط التي تتمحور حول إسرائيل. وكانت روزماري كيلانيك، مديرة برنامج الشرق الأوسط في المركز، قد دعت ترامب إلى سحب القوات الأمريكية من سوريا فورًا، معتبرة أن الوجود العسكري الأمريكي في سوريا يعرض الولايات المتحدة لخطر التورط في مستنقع شرق أوسطي آخر من أجل مكاسب محدودة.

الانقسامات الحادة داخل "إدارة ترامب" بشأن الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية تُنذر بمواجهة محتدمة داخل "المعسكر الجمهوري". ومن هنا، فإن مسار المفاوضات الذي بدأه ترامب مع إيران يُعدّ ذا أهمية خاصة في سياق تطورات هذا الصراع الداخلي.


#المحافظين الجدد
#أمريكا
#ترامب
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية