الأمل هو قوت السياسي المرتبك

12:0022/05/2023, الإثنين
تحديث: 23/05/2023, الثلاثاء
ياسين اكتاي

لأول مرة في تاريخ تركيا تشهد الانتخابات الرئاسية جولة ثانية. فخلال انتخابات الجولة الأولى من انتخابات 2018، لم يحتج أردوغان إلى خوض جولة ثانية بعد أن فاز بالانتخابات في الجولة الأولى حاصلا على نسبة 52 % من الأصوات. وبالنظر إلى انتخابات 2023 لا نجد تراجعا في الأصوات سوى 2 % تقريبا مقارنة بانتخابات 2018. وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي واجهتها الحكومة على مدى خمس سنوات، إلا أن أردوغان تقدم في الأصوات واستعاد الصدارة. هذا ليس فشلًا على الإطلاق، فإذا نظرنا إلى النتائج من أي منظور كان، سيتبين بشكل



لأول مرة في تاريخ تركيا تشهد الانتخابات الرئاسية جولة ثانية. فخلال انتخابات الجولة الأولى من انتخابات 2018، لم يحتج أردوغان إلى خوض جولة ثانية بعد أن فاز بالانتخابات في الجولة الأولى حاصلا على نسبة 52 % من الأصوات.


وبالنظر إلى انتخابات 2023 لا نجد تراجعا في الأصوات سوى 2 % تقريبا مقارنة بانتخابات 2018. وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي واجهتها الحكومة على مدى خمس سنوات، إلا أن أردوغان تقدم في الأصوات واستعاد الصدارة.


هذا ليس فشلًا على الإطلاق، فإذا نظرنا إلى النتائج من أي منظور كان، سيتبين بشكل واضح أن المعارضة هي التي تلقت فشلا كبيرا.



خيبة الأمل الكبيرة للمعارضة أكبر من شدة زلزال 6 فبراير/شباط. لذلك ليس من المستغرب أن تتأرجح الروح بين هذه الخيبة والنتائج التي حصدتها المعارضة من مناطق زلزال 6 فبراير/شباط. ونتيحة خيبة الأمل هذه، هاجم أعضاء حزب الشعب الجمهوري ضحايا الزلزال.

ويبدو أن "الشعب الجمهوري" علق الكثير من الآمال على أصوات ضحايا الزلزال الذين تم إنقاذهم من تحت الأنقاض. أمل غريب لا يستند إلى أي أرضية من المنطق. الأمل هو خبز الفقراء، وخزان الأصوات الخيالية للسياسيين المرتبكين. فهل لكونهم ضحايا زلزال سيُجبرون على التصويت للمعارضة؟ كيف يمكن أن يكون لهذا الطرح مكان في المنطق؟ وهل لهذا التوقع مكان في علم الاجتماع السياسي أو علم النفس الاجتماعي؟


تحاول المعارضة الاستعداد للجولة الثانية من خلال مهاجمة الجميع وسط ارتباك تام، بدلا من العودة إلى رشدهم والبحث بمزيد من الهدوء والتحليل والنقد الذاتي عن إجابات للسؤال الذي يفرض نفسه: "أين أخطأنا؟"



وضع المعارضة مشابه للطالب الذي يجلس كسولًا لمدة 5 سنوات، ثم يحاول أن يحفظ جميع دروسه قبل يوم أو يومين من الامتحان. نظرًا لأن المعرفة المكتسبة في 5 سنوات لا يمكن مراجعتها في يوم أو يومين، لذلك فإن ضعهم مثل الطالب الذي لا يستطيع استيعاب وفهم ما يقرؤه ويستمع إليه، ولكنه يزيد غباءه بما يقرؤه على عجل.



على سبيل المثال، تحاول المعارضة البحث عن خسائرها بشكل اعتباطي، كما نجد ذلك في قضية اللاجئين، إذ تبنى حزب الشعب الجمهوري في خطابه العداء الكبير تجاه السوريين واللاجئين. أتساءل كم عدد الأصوات التي يمكنهم الحصول عليها من أصوات أوغان إذا زادوا من جرعة العداء تجاه اللاجئين. يبدو أنهم مستعدون لفعل كل ما يلزم لتحقيق ذلك.


وهنا تكمن هزيمتهم، فبصفته حزبا ديمقراطيا اجتماعيا، يبدو أنه لم يترك أي تنازلات إلا قدمها باسم السياسة البراغماتية. ولا يمكن للسياسي المتجرد من المبادئ في سبيل الوصول إلى السلطة، أن يحظى بثقة الناخبين.


التحليلات التي أفادت أن الأصوات التي خسرتها المعارضة هي أصوات قومية، بمثابة تحليل سريع جدا. فقد خسرت المعارضة الأصوات ليس لإهمال ميدان القومية، بل لأن المعارضة لم تنأ بنفسها عن الإرهاب، وتحالفت مع حزب متعاون مع الإرهاب. أهم شيء هو أن العلاقة بينها وبين الناخبين الذين يستهدفونهم ليست علاقة صداقة مخلصة، بل علاقة مساومة رخيصة للغاية.

هذه العلاقة تشبه لقاء بين شخص جشع وآخر غير أمين، فمن غير المرجح أن تؤدي إلى نتيجة سياسية. وفي اليوم التالي للجولة الأولى أصبح من الواضح أن كليجدار أوغلو قد تم تسويقه بهذه الطريقة، وقد سقط القناع عن وجهه، ولاحظنا نوع التسويق الذي شارك فيه قبل الانتخابات. هذا التسويق السياسي رخيص جدا. وللفوز بالرئاسة كان هناك استخدام غير محدود للموارد التي يمكن منحها لأي شخص يرغب بها. بكل تأكيد لا يمكن لأحد أن يمتلك مثل هذه الموارد. كانت هذه الموارد كلها خيالية. كليجدار أوغلو نفسه لم يحلم بها حيث كان يتجول في مخيلة من طلب منه ذلك.


لقد وضحنا من قبل أن المواقف تجاه اللاجئين وضحايا الزلزال هي وجهان لعملة واحدة. إن الطريقة التي يُعامل بها ضحايا الزلزال والطريقة التي يُعامل بها اللاجئون هي في الواقع انعكاس لنفس الأسلوب السياسي. المساعدات المُقدمة لضحايا الزلزال تكون بحسب نتائج الانتخابات هي قبل كل شيء فضيحة سياسية وإنسانية.


وقد رأينا بعد الزلزال أن بلديات حزب الشعب الجمهوري بدأت بطرد ضحايا الزلزال من المساكن المؤقتة التي مُنحت لهم من قبل المعارضة، لأنهم فقط لم يصوتوا لهم. وفي الوقت نفسه، رأينا العديد من أنصار حزب الشعب الجمهوري يهاجمون الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية ويهينونهم ويتهمونهم بالجهل ونكران الجميل. وعندما نسمع كلماتهم، قد يعتقد أي شخص أنهم يقدمون للناس قوت يومهم. بالطبع ليس من المستغرب أن هذه العقلية التي تقطع المساعدات عن ضحايا الزلزال، تفرض على طالبي اللجوء دفع فواتير كبيرة لا يستطيعون تحملها وتثقل كاهلهم. موقفهم هذا غير أخلاقي ويعبر عن الانحطاط.


لا تتأثر الحياة اليومية للأشخاص الذين يكرهون طالبي اللجوء. فيكرهونهم لأنهم عنصريون ولا يحبون البشر وجاهلون لدرجة أنهم يعتقدون أن الرزق بإيديهم.

رداً على أعضاء حزب الشعب الجمهوري الذين أظهروا مثل هذا الموقف تجاه ضحايا الزلزال الذين لم يصوتوا لهم، افتتح أردوغان مستشفى لضحايا الزلزال تم تشييده في شهرين. المستشفى في منطقة دفنه، التي صوت سكانها بنسبة 8.5 % فقط لتحالف الجمهور و 57.5 % لتحالف الأمة المعارض. وبذلك يكون تحالف الجمهور الحاكم قد نقل الرسالة التالية عبر تشييد هذا المشفى: "لا يهم لمن تصوتون، فبالنسبة لنا أنتم مواطنونا مهما كان اختياركم الانتخابي".

كما قلنا، وكما يكرر أردوغان باستمرار، هذا الموقف هو الأسلوب السياسي النموذجي لحزب العدالة والتنمية منذ تأسيسه.

إذا كان حزب الشعب الجمهوري يريد أن يفهم ما يفقده فيمكنه البدء بدراسة هذا النمط من السياسة.


#حزب العدالة والتنمية
#حزب الشعب الجمهوري
#تركيا
#الانتخابات التركية
#اللاجئون
#ضحايا الزلزال