يني شفق

هل سيتصرف نتنياهو بعقلانية؟

05:4311/04/2025, الجمعة
تحديث: 11/04/2025, الجمعة
يحيى بستان

في السابع من نيسان/أبريل، وفي ساعة متأخرة من الليل، سُجّلت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي كحدث تاريخي. ففي ذلك اللقاء، وعندما دار الحديث حول سوريا وتركيا، توجّه ترامب إلى نتنياهو بالقول: "عليك أن تتحلى بالعقلانية." والسؤال الأهم الذي أعقب هذا الموقف هو: هل سيتصرف نتنياهو بعقلانية أو حكمة؟ لديّ تصوّر بخصوص ذلك. أما السؤال الثاني فهو: ما دلالة آلية تجنّب الصدام التي يجري العمل على إنشائها بين تركيا وإسرائيل؟ إليكم التفاصيل..

في السابع من نيسان/أبريل، وفي ساعة متأخرة من الليل، سُجّلت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي كحدث تاريخي. ففي ذلك اللقاء، وعندما دار الحديث حول سوريا وتركيا، توجّه ترامب إلى نتنياهو بالقول: "عليك أن تتحلى بالعقلانية." والسؤال الأهم الذي أعقب هذا الموقف هو: هل سيتصرف نتنياهو بعقلانية أو حكمة؟ لديّ تصوّر بخصوص ذلك. أما السؤال الثاني فهو: ما دلالة آلية تجنّب الصدام التي يجري العمل على إنشائها بين تركيا وإسرائيل؟ إليكم التفاصيل..


"حان وقت وقف إطلاق النار"

ذهب نتنياهو إلى واشنطن حاملاً أكثر من ملف، ولكنه عاد إلى تل أبيب خالي الوفاض. وكان أحد أبرز تلك الملفات قضية غزة؛ حيث تسعى إسرائيل إلى تحويل خطة التهجير القسري من غزة إلى ما تسميه "التهجير الطوعي"، وهي بصدد إجراء اتصالات مع عدد من الدول بهذا الشأن. وقد أعلنت إندونيسيا أنها ستسقبل عددًا معينًا من الفلسطينيين في أراضيها. وفي هذا السياق، ردّ ترامب على رغبة نتنياهو في شنّ موجة هجومية جديدة على غزة بالقول: "حان وقت وقف إطلاق النار".


الحوار مع إيران أم الحرب؟

أما الملف الآخر، فكان إيران. وكما كتبنا مرارًا من قبل، فإن إسرائيل كانت قد ألحقت أضرارًا جسيمة بمنظومات الدفاع الجوي الإيرانية خلال غاراتها في 26 أكتوبر. وباتت تل أبيب ترى أن إيران اليوم في أضعف حالاتها الدفاعية عبر تاريخها، ولهذا تسعى لتوجيه ضربة إلى منشآتها النووية. بل يجري تداول أخبار تزعم أن إيران أصبحت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك سلاح نووي (فقد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير أن إيران قامت بتخصيب 275 كغ من اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة من مستوى صنع الأسلحة).

غير أن ترامب فاجأ الجميع في ذلك الاجتماع، حين كشف عن نيته بدء مفاوضات مباشرة مع إيران (بدءًا من اليوم التالي). أي أنه أرجأ خطة نتنياهو للهجوم. وقد أرفق ترامب هذا الإعلان بتصريح حازم قال فيه: "لا أحد يمكنه أن يقود الولايات المتحدة. نحن نتصرف وفقًا لما نراه مناسبًا." وهو تصريح يحمل رسالة واضحة إلى نتنياهو مفادها: "لا تحاول فرض وصايتك عليّ."

ورغم ذلك، لم يُغفل ترامب أن يُلقي لنتنياهو ببعض كلمات الترضية؛ إذ قال: "إذا فشلت المحادثات، فإن إيران ستكون عرضة لخطر جسيم."

ترتبط هذه التطورات بالتحركات العسكرية الأمريكية المتزايدة في المنطقة. ووفقًا لتقارير إعلامية، فإن الولايات المتحدة قد زادت من انتشارها العسكري بنسبة 50% خلال الشهر الماضي. ويمكن إدراج القصف الأمريكي الذي استهدف اليمن في الأسابيع الماضية ضمن هذا السياق. وتطالب واشنطن طهران بالتخلي عن برنامجها النووي، ووقف دعمها للحوثيين في اليمن بعد انسحاب قواتها من لبنان وسوريا، وفي المرحلة التالية، دمج عناصر "الحشد الشعبي" في الجيش العراقي.

وفي أنقرة، تسود مخاوف حقيقية من أنه إذا لم تفضِ المحادثات الأمريكية الإيرانية إلى نتيجة، فإن إسرائيل ستشنّ هجومًا على إيران بدعمٍ أمريكي.


كواليس القرار: "لسنا طرفًا في ذلك"

سبق أن أشرنا إلى أن نتنياهو زار واشنطن ليشكو تركيا لترامب، وليطالب بتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ بين الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإسرائيل. ولكن المعلومات التي وصلتنا من مصادرنا تكشف أيضاً أنه طلب من ترامب الإذن باحتلال أجزاء من لبنان وسوريا، فرد عليه ترامب قائلاً: "لسنا طرفًا في ذلك".

أي أن ترامب لن يدعم خطة نتنياهو لتقسيم سوريا إلى أربعة أجزاء، خاصةً أنها لا تتناسب مع رغبة الولايات المتحدة في الانسحاب من الشرق الأوسط والتركيز على الصين. وهنا نعود إلى السؤال الذي طرحناه في بداية المقال: إذا كانت الولايات المتحدة لن تدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي في سوريا، فهل سيستجيب نتنياهو للتحذيرات ويتصرف بعقلانية وحكمة؟


كيف ستعمل آلية تجنّب الصدام؟

يجري حالياً إنشاء آلية بين تركيا وإسرائيل لتجنّب الصدام في سوريا. وقد صرّح وزير الخارجية فيدان بأن هذه الخطوة تأتي "لمنع أي سوء تفاهم بين الوحدات المقاتلة." كما أصدرت وزارة الدفاع التركية بيانًا أفادت فيه بأنه "تم عقد أول اجتماع بشأن إنشاء آلية لتجنب الصدام وذلك يوم الأربعاء في أذربيجان."

ووفقًا للمعلومات التي حصلتُ عليها، فإن تركيا لديها آليات مماثلة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا والعراق. وكان هذا الاجتماع الفني بمثابة الخطوة الأولى، ومن المتوقع استمرار هذه اللقاءات لضمان سير العملية بسلاسة. وتهدف الآلية إلى منع حصول مواجهة مباشرة بين الوحدات العسكرية على الأرض السورية. وذلك من خلال تبادل المعلومات حول تموضع هذه القوات. فعلى سبيل المثال، ستقوم أنقرة بإبلاغ الأطراف الأخرى قائلة: "قواتنا متواجدة في المنطقة الفلانية من سوريا، لا تقتربوا منها." وبهذه الطريقة، يمكن تفادي اندلاع اشتباكات عسكرية محتملة.

ومن شأن هذه الآلية أن تدفع نتنياهو إلى الالتزام ـ ولو جزئيًا - بخط عقلاني في مواجهة تركيا. فمع إنشاء هذه المنظومة، لن يكون بمقدور إسرائيل التشكيك في الوجود التركي داخل سوريا. ولا أعتقد أن القواعد العسكرية التي ستنشئها تركيا بغرض تدريب الجيش السوري ستعود إلى الواجهة بعد الآن. وبفضل هذه التطورات، ستضيق المساحة المتاحة أمام إسرائيل في مساعيها لزعزعة استقرار سوريا.

صحيح أن تحذير ترامب لنتنياهو بأن يتصرف بعقلانية، قد يحد من تحركات إسرائيل في سوريا، ولكن من غير المرجح أن تتخلى إسرائيل عن أهدافها المتمثلة في زعزعة استقرار سوريا، ومحاولة إسقاط نظام دمشق، وتقسيم البلاد إلى كانتونات إذا أتيحت لها الفرصة. فقد تنتظر قليلاً ثم تعاود تحركاتها عند أول فرصة. وهذا ما يزيد من أهمية رؤية ومسار "تركيا بلا إرهاب".


#نتنياهو
#عقلانية
#غزة
#سوريا
#تركيا
#أمريكا
#ترامب
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية