يني شفق

كيف يمكن لأوروبا أن تحقق استقلالها؟

07:514/04/2025, الجمعة
تحديث: 8/04/2025, الثلاثاء
يحيى بستان

تُعقد في بروكسل قمة حاسمة لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو) تمتد على مدى يومين. ويجتمع وزراء خارجية دول الحلف لأول مرة في عهد ترامب الجديد. ويشارك في الاجتماع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. تتناول الجلسات قضايا رئيسية مثل الدفاع الجماعي، وتقاسم الأعباء، وزيادة الإنفاق الدفاعي. وتُعدّ الحرب في أوكرانيا العنوان الأبرز الذي يركز عليه الحلف في هذه القمة. كما أن مشاركة وزراء خارجية أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان ونيوزيلندا في الاجتماع توحي باستعداد

تُعقد في بروكسل قمة حاسمة لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو) تمتد على مدى يومين. ويجتمع وزراء خارجية دول الحلف لأول مرة في عهد ترامب الجديد. ويشارك في الاجتماع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.

تتناول الجلسات قضايا رئيسية مثل الدفاع الجماعي، وتقاسم الأعباء، وزيادة الإنفاق الدفاعي. وتُعدّ الحرب في أوكرانيا العنوان الأبرز الذي يركز عليه الحلف في هذه القمة. كما أن مشاركة وزراء خارجية أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان ونيوزيلندا في الاجتماع توحي باستعداد الناتو للعب دور في التوتر القائم بين الولايات المتحدة والصين.

ومع ذلك، فإن الأهم في هذه القمة هو أنها تُعقد في ظل ظرف سياسي لم تعد فيه واشنطن تُخفي نظرتها إلى أوروبا كعبء. فإدارة ترامب لا تتردد في توجيه رسائل إلى الاتحاد الأوروبي وأوروبا عمومًا تطالبهما بـ"التوقف عن التعلق بنا"، بل وتفعل ذلك بأسلوب مهين أحيانًا.

وتُعدّ فضيحة تطبيق "سيغنال"، التي انفجرت قبيل قمة وزراء خارجية الناتو، جزءًا من هذه الخلافات.


لنتذكّر أن فريق ترامب كان قد أضاف بالخطأ محررًا من مجلة "أتلانتيك" إلى مجموعة محادثة على تطبيق "سيغنال" تناقش تفاصيل الهجمات على اليمن، وقد تحولت تلك المحادثات إلى مادة صحفية.

وقد عبّر نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس في تلك المراسلات عن مشاعره قائلاً: "أكره أن أضطر لإنقاذ أوروبا مرة أخرى".

ومن المحتمل أن يطرح نظراؤه الأوروبيون هذه التصريحات على طاولة النقاش خلال القمة، وخاصة أمام وزير الخارجية روبيو.

وقد جاء فرض الرئيس ترامب رسومًا جمركية بنسبة 20% على واردات الاتحاد الأوروبي قبل يوم واحد من القمة ليزيد الأجواء توترًا.


رسائل أنقرة

يُعدّ وزير الخارجية هاكان فيدان أحد أقوى الشخصيات المشاركة في قمة الناتو. وموقف إدارة ترامب من تركيا معروف سلفًا، وقد تعزز هذا الموقف من خلال تصريحات السفير الأمريكي المنتظر تعيينه لدى أنقرة، توماس باراك، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ.

وتلعب أنقرة أدوارًا حاسمة في استقرار مناطق عديدة مثل أوكرانيا، وسوريا والشرق الأوسط عمومًا، والبلقان، والقوقاز، وأفريقيا.

وتدرك إدارة واشنطن أهمية هذه القدرات التركية، وتسعى إلى تعزيز التعاون مع أنقرة.

كما أن الدول الأوروبية تدرك بدورها أهمية هذه القدرات، لكن يبدو أنها لم تتخذ بعد قرارًا حاسمًا بشأن دمج تركيا في المنظومة الأمنية الأوروبية.

وحينما تفتح الدول الأوروبية مشتريات الصناعات الدفاعية أمام أطراف ثالثة، من ضمنها تركيا، عندها فقط يمكن القول إنها اتخذت القرار.


وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان سيبعث برسائل قوية إلى نظرائه خلال قمة الناتو.

ومن بين هذه الرسائل:


1- "تركيا جزء طبيعي وأساسي من العمليات الرامية إلى رسم مستقبل الأمن الأوروبي."


2- "مشاركة تركيا، إلى جانب غيرها من الحلفاء من خارج الاتحاد الأوروبي، ضرورية في جهود الاتحاد بمجال الدفاع والأمن."


3- "تركيا تشكل جزءًا لا يتجزأ من أمن أوروبا."


كيف يمكن لأوروبا أن تحقق استقلالها؟


في المرحلة الحالية، بات من الضروري أن تستقل أوروبا والاتحاد الأوروبي عن الولايات المتحدة وتصبح قادرة على الاعتماد على نفسها.

لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟ من المفيد للأوروبيين أن يدرسوا الخطوات التي اتخذتها تركيا خلال السنوات الأخيرة.

سأوضح ذلك بندًا بندًا:

أولًا: تعزيز القدرة على اتخاذ القرار

تُعدّ هذه النقطة هي الأهم. فكما هو معلوم، يتطلب اتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي موافقة جميع الأعضاء. وقد تحولت دول صغيرة مثل قبرص اليونانية واليونان إلى عائق أمام القارة بأكملها. لذلك، إذا أراد الاتحاد الأوروبي البقاء، عليه تغيير آلية اتخاذ القرار، عبر إلغاء حق النقض (الفيتو) للدول الصغيرة، والانتقال إلى نظام التصويت بالأغلبية.


ثانيًا: تنويع التحالفات

فالتعصب العرقي يغشي بصيرة بعض الفاعلين الأوروبيين. فعلى الرغم من وجود تركيا القوية بجوارهم، إلا أن دوافع أيديولوجية تعيق التعاون معها. لذلك يجب على الاتحاد الأوروبي أن يبني سياسته الخارجية والأمنية على أساس عقلاني.


ثالثًا: قبول عدم التفوق

على أوروبا أن تدرك أنها لم تعد متفوقة، وأن تبني تحالفات جديدة قائمة على علاقات متكافئة. ويجب أن تتخلى عن النظرة الفوقية، خصوصًا تجاه الأفارقة، وتتحرر من رواسب الاستعمار، لأن هذه الذهنية تؤدي إلى نتائج عكسية.


رابعًا: الابتعاد عن السياسات الخارجية العمياء

على أوروبا أن تكون منفتحة على الحوار والتفاوض، وألا تظل أسيرة العقد الأيديولوجية والطفولية.


خامسًا: تطوير الصناعات الدفاعية


هناك بالفعل بعض القرارات المتخذة في هذا المجال. فالاتحاد الأوروبي يهدف إلى توطين 65% من منتجاته الدفاعية بحلول عام 2035.

ومع ذلك، يخطط لتحقيق هذا الهدف من خلال الإنتاج داخل الدول الأعضاء فقط، وهو أمر غير واقعي. لذلك سيكون من الضروري إدماج تركيا ضمن سلاسل الإنتاج.


سادسًا: تنويع مصادر الطاقة

فلا يمكن تحقيق الاستقلال من دون استقلال الطاقة. وقد دفعت أوروبا ثمناً باهظًا لاعتمادها على مصدر واحد للطاقة، وهو روسيا.

ومع ذلك، يبدو أنها لم تتعلم الدرس بعد.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية تقرير نشرته "بوليتيكو" يشير إلى أن الغرب يسعى مجددًا لشراء الغاز الطبيعي من روسيا.

#الاتحاد الأوروبي
#تركيا والاتحاد الأوروبي
#تنويع مصادر الطاقة
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية