المجاعة والإبادة في غزة

09:383/09/2025, الأربعاء
تحديث: 29/09/2025, الإثنين
قدير أوستون

أعلنت هيئة التصنيف المرحلي لأمن الغذاء أن غزة تشهد حاليًا مجاعة حقيقية. ويُربط توصيف "المجاعة" بتجاوز ثلاثة معايير أساسية: الانعدام الحاد للغذاء، تفاقم سوء التغذية، وارتفاع الوفيات الناجمة عن الجوع. وأكد التقرير أن هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها هذا التوصيف في منطقة الشرق الأوسط. وبعد صدور التقرير في أواخر آب/أغسطس، أصدرت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية بيانًا أكدت فيه أن سياسات إسرائيل وإجراءاتها في غزة تنطبق على التعريف القانوني لجريمة الإبادة الجماعية. ورغم أن العديد من المؤسسات

أعلنت هيئة التصنيف المرحلي لأمن الغذاء أن غزة تشهد حاليًا مجاعة حقيقية. ويُربط توصيف "المجاعة" بتجاوز ثلاثة معايير أساسية: الانعدام الحاد للغذاء، تفاقم سوء التغذية، وارتفاع الوفيات الناجمة عن الجوع. وأكد التقرير أن هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها هذا التوصيف في منطقة الشرق الأوسط.

وبعد صدور التقرير في أواخر آب/أغسطس، أصدرت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية بيانًا أكدت فيه أن سياسات إسرائيل وإجراءاتها في غزة تنطبق على التعريف القانوني لجريمة الإبادة الجماعية. ورغم أن العديد من المؤسسات سبق أن استخدمت مصطلحي "المجاعة" و"الإبادة"، فإن صدور مثل هذا التوصيف عن خبراء متخصصين يمنحه ثقلًا كبيرًا في إدانة السياسات الإسرائيلية أمام القانون الدولي.


المجاعة


أكد تقرير الهيئة أن أكثر من 640 ألف إنسان في غزة سيواجهون حتى نهاية أيلول/سبتمبر ظروف انعدام أمن غذائي كارثية (المرحلة الخامسة وفق التصنيف). كما أشار إلى أن 1,14 مليون شخص يقفون عند المرحلة الرابعة، و396 ألفًا عند المرحلة الثالثة من الأزمة الغذائية. وأوضح أن أوضاع شمال غزة أكثر سوءًا، لكنه امتنع عن تصنيفها بدقة بسبب محدودية البيانات، بينما لم تُدرج منطقة رفح في التقييم لانخفاض عدد سكانها بشكل كبير.


ويرجَّح أن تكون الأوضاع الحقيقية أسوأ مما رصده التقرير بسبب صعوبة وصول المنظمات الدولية. فمنذ تقرير أيار/مايو، ارتفع عدد الأطفال المهددين بالموت جراء سوء التغذية من 14 ألفًا إلى 43 ألفًا بنهاية حزيران/يونيو. كما ارتفع عدد النساء الحوامل والمرضعات اللواتي يعانين من سوء التغذية من 17 ألفًا إلى 55 ألفًا. وعلى الرغم من بعض التحسن المحدود في دخول المساعدات الإنسانية، إلا أنها بقيت متقطعة وغير كافية، ما دفع الهيئة إلى تجديد الدعوة لوقف إطلاق النار بشكل عاجل. ومع استعداد إسرائيل لشن عمليات عسكرية جديدة، تبدو احتمالات تفاقم الكارثة الغذائية شبه مؤكدة.


الإبادة الجماعية


في أعقاب التقرير، أصدرت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية في الأول من أيلول/سبتمبر قرارًا يعلن أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة. وقد حظي القرار بتأييد 86% من أعضاء الرابطة، بينهم خبراء بارزون في دراسات المحرقة، وهو ما يعد مؤشرًا لافتًا. يُذكر أن الرابطة سبق أن اعتبرت ما فعلته الصين بحق الإيغور، وما ارتكبته ميانمار بحق الروهينغا، إبادة جماعية، وهو ما يعزز قوة الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي انضمت إليها تركيا.


ورغم أن إسرائيل ترفض هذه التوصيفات وتتهم المنظمات الدولية بالتحيز، فإن وجود تقارير من هيئات متخصصة كهذه يزيد من ثقل الاتهامات قانونيًا. ومع ذلك، تبقى مسألة فرض العقوبات مرهونة بمجلس الأمن، حيث يحميها الفيتو الأميركي باستمرار.


المظلة الأميركية


إلا أن إسرائيل تواجه اليوم أزمة شرعية غير مسبوقة داخل الولايات المتحدة نفسها. فاستمرار واشنطن في دعمها، حتى عندما يتعارض ذلك مع مصالحها الاستراتيجية، لم يعد بلا كلفة. إذ إن التغاضي عن تقويض إسرائيل لقواعد النظام الدولي يحد من قدرة أميركا على فرض العقوبات ومعاقبة دول أخرى.


في الداخل الأميركي، تحولت المساعدات لإسرائيل إلى قضية شديدة الحساسية سياسيًا، خاصة بين الديمقراطيين. فقد أصبح موقف السياسيين من إسرائيل معيارًا أساسيًا لدى الجيل الشاب من الناخبين، كما ظهر في الانتخابات التمهيدية لبلدية نيويورك. أما في صفوف الجمهوريين، فقد برزت حتى داخل القاعدة الترامبية أصوات تعلن تراجع نفوذ اللوبي الإسرائيلي.


وعليه، فإن تجاهل واشنطن للتوصيفات الدولية المتعلقة بالمجاعة والإبادة لم يعد خيارًا مستدامًا. فربما تواصل الولايات المتحدة حمايتها لإسرائيل في المحافل الدولية، لكن الكلفة ـ داخليًا وخارجيًا ـ لم تعد كما كانت في السابق.

#غزة
#المجاعة
#الإبادة الجماعية
#إسرائيل
#التحالف الدولي
#محكمة العدل الدولية
#القانون الدولي
#الكارثة الإنسانية
#الفيتو الأميركي