لماذا خسرت المعارضة التركية؟

10:5921/05/2023, الأحد
تحديث: 22/05/2023, الإثنين
إحسان أكتاش

لكي يضمن أي حزب سياسي نجاحه في السباق الانتخابي، يجب عليه وضع سياسات واقعية تستند إلى رؤية سياسية شاملة وإنشاء حالة اجتماعية لدعم هذه السياسات. ونجد في العملية الانتخابية التركية الأخيرة، أن حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، لم يتمكن من إنشاء حالة اجتماعية ليفوز في الانتخابات. ولجأ "حزب الشعب الجمهوري" إلى طرق مختلفة لسد هذه الفجوة الاجتماعية. فأنشأ رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو تحالفا انتخابيا مكونا من ستة أحزاب: حزب الجيد وحزب السعادة وحزب الديمقراطية والتقدم وحزب المستقبل

لكي يضمن أي حزب سياسي نجاحه في السباق الانتخابي، يجب عليه وضع سياسات واقعية تستند إلى رؤية سياسية شاملة وإنشاء حالة اجتماعية لدعم هذه السياسات.


ونجد في العملية الانتخابية التركية الأخيرة، أن حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، لم يتمكن من إنشاء حالة اجتماعية ليفوز في الانتخابات.


ولجأ "حزب الشعب الجمهوري" إلى طرق مختلفة لسد هذه الفجوة الاجتماعية. فأنشأ رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو تحالفا انتخابيا مكونا من ستة أحزاب: حزب الجيد وحزب السعادة وحزب الديمقراطية والتقدم وحزب المستقبل والحزب الديمقراطي.

وهكذا، تطلعت كتلة المعارضة إلى استهداف أصوات الناخبين الأتراك القوميين والمحافظين. أما عضو التحالف الذي بقي سريا ومن ثم ظهر في هذا التحالف هو حزب الشعوب الديمقراطي. لذلك، كان هناك تناقض بين مكونات العناصر التي تشكل تحالف الأمة.


المشكلة التي واجهت جهود حزب الشعب الجمهوري لسد الفجوة الاجتماعية تمثلت بالفشل في وضع سياسات ملموسة تستند إلى رؤية سياسية شاملة. ولمواجهة هذا النقص السياسي، كانت هناك محاولة لإنشاء حالة اجتماعية من خلال وضع الأحزاب السياسية المختلفة في سلة واحدة، وهذا الأمر أدى إلى الفشل.


على سبيل المثال، لم يتمكن حزب الشعب الجمهوري من طرح رؤية شاملة للسياسة الدولية على الصعيد الخارجي. فخلال عقدين من حكم حزب العدالة والتنمية، لعبت تركيا دورا إقليميا مهيمنا في السياسة الدولية، في حين أن افتقار حزب الشعب الجمهوري إلى السياسة الخارجية لم يغب عن أذهان الناخبين.


وحاول حزب الشعب الجمهوري زيادة جمهوره الانتخابي من خلال ضم حزب الشعوب الديمقراطي، لكنه بنفس الوقت لم يتمكن من طرح أي سياسة بشأن القضية الكردية. أما حزب العدالة والتنمية قد أحرز تقدما كبيرا بشأن هذه القضية، بما في ذلك عملية التسوية وكان دائما يتحمل المسؤولية.


واجتذب حزب الشعب الجمهوري بعض الأحزاب السياسية إلى جانبه من أجل الحصول على أصوات الناخبين المتدينين، إلا أنه لم يشكل أي مكتسبات حول قضية حرية الدين والضمير.


نجد أن كليجدار أوغلو تبنى كل الخطابات في حملة إعلانية. فمثلا قام بتقديم وعود لإقامة الحكم الذاتي للإدارات المحلية وإطلاق سراح صلاح الدين دميرطاش من أجل كسب أصوات ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي. كما تبنى خطاب "أنا صاحب الرؤية الوطنية" للحصول على أصوات ناخبي حزب السعادة. وتبنى الخطاب المعادي للمهاجرين لكسب أصوات ناخبي حزب الظفر، وتم تبني خطاب "الوطن الأزرق هو احتلال" لضمان دعم اليونان، وخطاب معاداة روسيا لإظهار أنه يقف إلى جانب الولايات المتحدة. كما تبنى الخطاب الصريح المعادي للرئيس رجب طيب أردوغان- الذي ارتقى إلى مكانة زعيم عالمي وأصبح أمل الشعوب المضطهدة- هو في الحقيقة تبنٍّ لخطابات الإعلام العالمي التي تقدم هذا الخطاب. وعلى الرغم من التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي، قام بتطوير الخطابات القومية من خلال استنساخ الموقف الوطني لتحالف الجمهور.


إذن لم يقتصر فشل تحالف الأمة على الافتقار لتشكيل حالة اجتماعية، بل أيضا الافتقار إلى السياسة. ومثلما لا يمكن كسب أي حرب بدون البارود، لم يتمكن حزب الشعب الجمهوري من التغلب على مأزقه الاجتماعي دون ممارسة السياسة. عندما لا يتم إنتاج السياسة، لا يمكن للعناصر المختلفة الموضوعة تشكيل بنية متماسكة. حيث تتشكل بنية متناقضة بدلا عنها، بحيث تجتمع مع بعضها من أجل مصالح قصيرة المدى.

في المقابل، تمكن تحالف الجمهور من طرح مجموعة من السياسات الخاصة به من خلال الالتفاف حول رؤية سياسية شاملة. فقد طرح تحالف الجمهور رؤية السياسة الخارجية متعددة الأوجه والمستقلة والاستباقية، حيث قام باستثمارات كبيرة في مجالات البنية التحتية والصناعات الدفاعية وأقدم على اتخاذ خطوات حيوية في مجال الطاقة. بالإضافة إلى كل ذلك تبنى فقد خطابا من قبيل: "أكملنا استثمارات البنية التحتية، والآن حان وقت زيادة رفاهية الشعب" فنال بذلك تأييد غالبية الناخبين. كما أن السياسات الرامية إلى ضمان العدالة في توزيع الدخل، ورؤية العدالة بين الأجيال الشابة واقتصاد الثورة الرقمية، والأخبار السارة بأن الإصلاحات التكميلية سيتم إجراؤها في العلاقة بين القانون والديمقراطية، لاقت اهتمامًا كبيرًا بين الناخبين.

أما بالنسبة لكتلة المعارضة فقد تشكلت استنادا للمشاعر المعادية لأردوغان بدلا من اقتراح سياسات ملموسة تهدف إلى حل مشاكل الشعب وزيادة رفاهيته في مختلف المجالات. هذا القالب الجليدي الذي تبنته أحزاب المعارضة قد ذاب مع اقتراب يوم الانتخابات. وكان من المحتم أن تفشل هذه الحملة الانتخابية، التي كانت بدون سياسة ومحتوى، والتي كانت تستند إلى انتقادات شديدة.


وبالتزامن مع أطروحات المعارضة، فقد تبنى الناخبون الأطروحات التي تبناها تحالف الجمهور. وبمشاركة تنظيمي غولن وبي كي كي الإرهابيين ووسائل الإعلام العالمية في العملية الانتخابية، أظهر الناخبون ردة فعل وطنية وتبنوا الرؤية السياسية للرئيس أردوغان ضد خطر فقدان مكاسب تركيا. ولمواجهة الفشل الانتخابي، قرر تحالف الأمة المعارض التخلي عن شعارات مثل "الحرية لصلاح الدين دميرطاش" و "الحرية لعثمان كافالا"، كما تبنى الخطابات القومية الشعبوية للأيام العشرة المتبقية.

ويوضح لنا الخطاب المعادي للاجئين الذي تبناه قادة تحالف الأمة، أن علامة القلب التي رسموها بأصابعهم أمام الناخبين وجعلوها شعارا لهم في العملية الانتخابية السابقة، تحولت خلال مدة قصيرة إلى ظلام.

#المعارضة التركية
#تركيا
#الانتخابات التركية
#أردوغان
#كليجدار أوغلو