المقاومة الأخيرة للديمقراطيين الموالين لإسرائيل!

07:062/09/2025, الثلاثاء
تحديث: 29/09/2025, الإثنين
عبدالله مراد أوغلو

كنت قد أشرتُ في مقالي السابق إلى بعض التطورات المتعلقة بـ"الانقسام الإسرائيلي" داخل المعسكر الترامبي. أما في الجبهة الديمقراطية، فالوضع يتجاوز مجرد الانقسام. فبحسب نتائج استطلاع وطني نشرته جامعة كوينيبياك الأسبوع الماضي، فإن 75% من الديمقراطيين يعارضون إرسال السلاح إلى إسرائيل، فيما يؤمن 77% منهم بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. أما نسبة الديمقراطيين الذين يعتقدون أن إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية فلا تتعدى 11%. ومنذ عام 2001 تجري جامعة كوينيبياك استطلاعات وطنية، وتشير نتائج الاستطلاع الأخير

كنت قد أشرتُ في مقالي السابق إلى بعض التطورات المتعلقة بـ"الانقسام الإسرائيلي" داخل المعسكر الترامبي. أما في الجبهة الديمقراطية، فالوضع يتجاوز مجرد الانقسام. فبحسب نتائج استطلاع وطني نشرته جامعة كوينيبياك الأسبوع الماضي، فإن 75% من الديمقراطيين يعارضون إرسال السلاح إلى إسرائيل، فيما يؤمن 77% منهم بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة. أما نسبة الديمقراطيين الذين يعتقدون أن إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية فلا تتعدى 11%.

ومنذ عام 2001 تجري جامعة كوينيبياك استطلاعات وطنية، وتشير نتائج الاستطلاع الأخير إلى أن دعم الناخبين الأميركيين لإسرائيل وصل إلى أدنى مستوى تاريخي، في حين ارتفع دعم الفلسطينيين إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.


ورغم أن هذه التوجهات في القاعدة الانتخابية أثارت حالة ذعر في أوساط النخب السياسية الموالية لإسرائيل داخل الحزبين، فإن سياسة "الدعم غير المشروط لإسرائيل" ما زالت قائمة في الكونغرس الأميركي. صحيح أن نفوذ "اللوبي الإسرائيلي" على الكونغرس تراجع بشكل ملحوظ، لكنه لم ينتهِ بعد. ومن المتوقع أن تؤدي انتخابات 2026 و2028 إلى مزيد من تآكل هذا النفوذ. أما قيادة الحزب الديمقراطي فهي اليوم تواجه ضغوطاً من القاعدة الشعبية المطالبة بتغيير عاجل في السياسة التقليدية تجاه إسرائيل.



في الأسبوع الأخير من آب/أغسطس، انعقد الاجتماع الصيفي للجنة الوطنية الديمقراطية (DNC). وكان متوقعاً أن تتم مناقشة بعض المقترحات الصادرة من القاعدة الشعبية حول إسرائيل والبتّ فيها. ومن بين هذه المقترحات: فرض حظر على توريد السلاح إلى إسرائيل والدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقد حاولت قيادة اللجنة التخفيف من حدة هذه المقترحات، لكنها فشلت في ذلك.


وكانت مجموعة "الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل"، التي تُعد امتدادًا مباشرًا للوبي الإسرائيلي، تضغط بقوة على اللجنة لرفض المقترح. وتحظى هذه المجموعة بدعم زعيمي الديمقراطيين في الكونغرس: هاكيم جيفريز في مجلس النواب وتشاك شومر في مجلس الشيوخ. ويُعرف شومر، ذو الأصول اليهودية، بتصريحه الواضح: "مهمتي أن أبقي الحزب الديمقراطي مؤيدًا لإسرائيل". أما جيفريز، فيعتمد على تبرعات سخية من اللجنة الأميركية للعلاقات العامة مع إسرائيل (أيباك). وقد وصفه الصحفي ومقدم البودكاست الشهير لينارد لاري ماكلفي، ساخرًا، بأنه "شاكور أيباك"، في إشارة إلى مغني الراب توباك شاكور، مضيفًا: "هاكيم مجرد دمية؛ لا يفعل شيئًا إلا إذا أمره شومر. الأمر بهذه البساطة". هذا التشبيه يكشف بوضوح سبب انحياز القيادة الديمقراطية في الكونغرس لإسرائيل.


وفي المقابل، يواصل الشباب الديمقراطيون في القاعدة الشعبية الضغط منذ مدة للحد من التبرعات الانتخابية الضخمة التي تأتي من اللوبيات، وفي مقدمتها AIPAC. غير أن القيادات التقليدية المستفيدة من هذه الأموال كانت ترفض تلك المطالب في كل مرة. وفي اجتماع اللجنة الوطنية الأخير لم يتغير شيء في هذا الملف.



في الاجتماع نفسه، رُفض المقترح الذي قدمه المندوبون ويدعو إلى فرض حظر سلاح على إسرائيل. لكن مقترحاً آخر قدّمه رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية كين مارتن، تضمن تأكيد موقف الحزب الحالي والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإلى إفراج حركة حماس عن الأسرى الإسرائيليين، وإلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، حظي بالقبول.


غير أن المجموعات الموالية لإسرائيل وصفت مقترح مارتن بأنه دعم ضعيف لإسرائيل، بينما رأى المندوبون المؤيدون لحظر السلاح أن المقترح يفتقر إلى مضمون يردع إسرائيل عن ارتكاب الإبادة الجماعية. وفي النهاية سحب مارتن مقترحه محاولاً التوصل إلى حل وسط، وأعلن أنه سيشكل فريق عمل يضم كل الأطراف لمناقشة الخلافات الداخلية.


لكن تبريره بأن الأمر مجرد "خلاف يمكن حله بالحوار" يخفي عمق الأزمة داخل الحزب الديمقراطي بشأن إسرائيل. فقد أوضحت أليسون مينرلي، صاحبة المقترح الذي يدعو إلى حظر السلاح، قائلة: "فقط 7% من الديمقراطيين يؤيدون الموقف الحالي للحزب من هذا الصراع والأزمة"، مشيرة إلى أن القيادة الحزبية تتجاهل إرادة الناخبين.


أما الأوساط الصهيونية والمحافظون الجدد فاعتبروا أن موقف مارتن يبيّن إلى أي حد ابتعدت مؤسسات الحزب عن مواقفها التقليدية المؤيدة لإسرائيل. وذهب بعضهم إلى وصف ما جرى في الاجتماع الصيفي للجنة الوطنية الديمقراطية بأنه "آخر مقاومة للديمقراطيين الموالين لإسرائيل".

#الحزب الديمقراطي
#الانقسام الداخلي
#اللوبي الإسرائيلي
#تشاك شومر
#هاكيم جيفريز
#الأغلبية الديمقراطية
#حظر السلاح على إسرائيل