يني شفق

انقسام داخل معسكر ترامب.. من الرابح، ومن الخاسر؟

04:0415/06/2025, الأحد
تحديث: 16/06/2025, الإثنين
عبدالله مراد أوغلو

يشهد معسكر "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا" الذي يتزعمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انقسامًا حادًا بشأن الدعم غير المشروط لإسرائيل. يتمثل هذا الانقسام في تيارين متضادين: الأول يدعو إلى خوض حرب إلى جانب إسرائيل ضد إيران، والثاني يفضّل اتباع المسار الدبلوماسي. وبينما يبدو هذا الانقسام واضحًا، فإن موقف ترامب لا يزال غامضًا، إذ يتأرجح في مواقفه ويبعث برسائل متناقضة في كل مرحلة. منذ سنوات، يوجه ترامب انتقادات شديدة اللهجة إلى المحافظين الجدد الذين، بحسبه، زجّوا السياسة الخارجية الأمريكية في دوامة "الحروب

يشهد معسكر "اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا" الذي يتزعمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انقسامًا حادًا بشأن الدعم غير المشروط لإسرائيل. يتمثل هذا الانقسام في تيارين متضادين: الأول يدعو إلى خوض حرب إلى جانب إسرائيل ضد إيران، والثاني يفضّل اتباع المسار الدبلوماسي. وبينما يبدو هذا الانقسام واضحًا، فإن موقف ترامب لا يزال غامضًا، إذ يتأرجح في مواقفه ويبعث برسائل متناقضة في كل مرحلة.

منذ سنوات، يوجه ترامب انتقادات شديدة اللهجة إلى المحافظين الجدد الذين، بحسبه، زجّوا السياسة الخارجية الأمريكية في دوامة "الحروب اللانهائية". وتجددت هذه الانتقادات في خطابه الأخير بالعاصمة السعودية الرياض، ما أعطى انطباعًا بأن ترامب يعتزم إعادة صياغة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على أساس مبدأ "أمريكا أولًا" بدلًا من جعلها متمحورة حول إسرائيل. وقد عززت هذا الانطباع خطوات مثل استئناف المفاوضات النووية مع إيران، والسعي نحو وقف إطلاق النار مع الحوثيين، وتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا بشروط.


في المقابل، تعارض النخبة السياسية المؤيدة للحرب داخل الحزبين الأمريكيين أي مفاوضات مع روسيا أو إيران. وقد لعبت وسائل الإعلام التابعة لروبرت مردوخ، وعلى رأسها "نيويورك بوست" و"فوكس نيوز"، دورًا محوريًا في عرقلة تلك المساعي، من خلال شنّ حملات مكثفة ضد أي جهة لا تضع مصالح إسرائيل على رأس أولوياتها.


من بين الشخصيات التي استهدفتها هذه الحملة كان تاكر كارلسون، الإعلامي السابق في "فوكس نيوز" وأحد أبرز المؤثرين في قاعدة ترامب الشعبية. وقد برز كارلسون بمعارضته الواضحة لمحاولات الزجّ بأمريكا في حرب تخدم مصالح إسرائيل، واتخذ موقفًا مشابهًا فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.


ويُعد كل من مارك ليفين وتاكر كارلسون من الشخصيات المقربة من ترامب، إلا أن مواقفهما متعارضة تمامًا. ففي حين يسعى ليفين لإقناع ترامب بدعم ضربة عسكرية إسرائيلية ضد إيران، يبذل كارلسون جهودًا مضادة للحيلولة دون ذلك. ويقف خلف ليفين عدد من المليارديرات الصهاينة، مثل آيك بيرلموتر ومريم أديلسون، وهم من أكبر ممولي حملة ترامب الانتخابية.


كارلسون، المعروف أيضًا بقربه من نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، فضح محاولات ليفين للتأثير على ترامب. ففي 4 حزيران/يونيو، اجتمع ليفين مع ترامب على مأدبة غداء خاصة، وفي اليوم التالي كشف كارلسون، عبر حسابه على منصة "إكس"، أن ليفين كان يحاول إقناع ترامب بأن إيران على وشك امتلاك سلاح نووي خلال أيام معدودة.


وأشار كارلسون إلى عدم وجود أي معلومات استخباراتية موثوقة تؤكد امتلاك إيران لبرنامج نووي عسكري، مؤكدًا أن ليفين ومن يقفون خلفه يسعون فقط إلى دفع الولايات المتحدة نحو حرب مع إيران. وكتب: "هؤلاء لا يعرفون حدودًا... إنهم أشخاص مخيفون. صلّوا كي يتجاهلهم دونالد ترامب".


وفي 11 حزيران/يونيو، استهدف ليفين، في برنامجه الإذاعي، كلًا من مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد وتاكر كارلسون، داعيًا إلى تجاهل التقارير الاستخباراتية التي تؤكد عدم وجود أدلة على سعي إيران لامتلاك سلاح نووي. كما ألمح إلى أن تفاصيل لقائه بترامب قد سُربت من مكتب نائب الرئيس.


ومع تطور الأحداث وبدء إسرائيل شن غارات جوية ضد إيران، حذر كارلسون في مقال نشره بعنوان "قد يكون هذا آخر نشرة قبل الحرب"، منتقدًا ترامب ومؤكدًا أن السياسيين الذين يرفعون شعار "أمريكا أولًا" لن يستطيعوا الآن التنصل من مسؤوليتهم، مضيفًا: "بلادنا تغرق في مستنقع عميق".


وفي المحصلة، بدا أن كفة "فريق ليفين" هي التي رجحت. فقد ظهر ليفين على شاشة "فوكس نيوز"، في برنامج شون هانيتي، صارخًا بفرح: "الحمد لله أن دونالد ترامب هو رئيس الولايات المتحدة، والحمد لله أن بنيامين نتنياهو هو رئيس وزراء إسرائيل".


في المقابل، أكد كارلسون عبر منشور على "إكس" أن الانقسام الحقيقي ليس بين من يدعمون إسرائيل ومن يدعمون إيران أو الفلسطينيين، بل بين من يحرّضون على العنف دون وازع، ومن يسعون إلى منعه — أي بين دعاة الحرب وصنّاع السلام. وقال إنه اتصل بترامب محذرًا من أن كل من يطالب بتدخل عسكري أمريكي مباشر في الحرب مع إيران هو من دعاة الحرب، وذكر بالأسماء مارك ليفين، شون هانيتي، روبرت مردوخ، آيك بيرلموتر، ومريم أديلسون، مختتمًا بالقول: "سيأتي يوم يُحاسب فيه هؤلاء، لكن من الضروري أن تعرفوا أسماءهم".


في النهاية، يبدو أن ترامب يلعب لعبة محفوفة بالمخاطر قد تجرّ المنطقة إلى حرب مدمّرة. وكما هو الحال دائمًا، فإن الرابح الوحيد هو "بيت القمار". أما المواطن الأمريكي العادي، الذي علّق آمالًا على وعود ترامب بإنهاء "الحروب اللانهائية"، فلن يكون أمامه سوى أن يرى ضرائبه وأبناءه يُستخدمون وقودًا في حروب تخوضها إسرائيل.

#ترامب
#موقف ترامب من إسرائيل
#إسرائيل
#البيت الأبيض
#الشرق الأوسط
#الحرب الإيرانية الإسرائيلية
التعليقات

مرحبًا، تشكل التعليقات التي تشاركها على موقعنا مصدرًا قيمًا للمستخدمين الآخرين. يرجى احترام المستخدمين الآخرين والآراء المختلفة. تجنب استخدام لغة نابية أو مسيئة أو مهينة أو عنصرية.

لا توجد تعليقات حتى الآن

كن أول من يترك تعليقًا.

انقر هنا لتلقي أهم الأخبار في اليوم عبر البريد الإلكتروني. اشترك هنا.

بعد إنشاء العضوية تكون قد وافقت على تلقي الإشعارات من مواقع مجموعة ألبيرق الإعلامية وعلى شروط الاستخدام وسياسة الخصوصية