وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: - سوريا لديها حكومة وطنية لا تعترف بـ "واي بي جي" وستستعيد سيادتها ووحدة ترابها ـ أبلغنا إسرائيل بضرورة الابتعاد عن استفزازاتها باحتلال أراضٍ في الجولان السوري
أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، استئناف سفارة بلاده في العاصمة السورية دمشق عملها اعتبارا من السبت.
جاء ذلك في مقابلة مع قناة "إن تي في" التركية، الجمعة، بشأن التطورات في سوريا.
وأعلن وزير الخارجية التركي، أنه كلّف برهان كور أغلو، بأن يكون القائم بالأعمال المؤقت للسفارة التركية في دمشق، وأنه توجه مع فريقه اليوم (الجمعة) إلى العاصمة السورية.
وفي تعليقه على الأيام التي شهدت انهيار حكم بشار الأسد في سوريا قال فيدان: "أفسحنا المجال أمام ضمان انتهاء العملية دون إراقة دماء وبأدنى الخسائر البشرية، من خلال مواصلة المفاوضات مع لاعبين مهمين (روسيا وإيران)".
وأشاد في الوقت نفسه بالشجاعة الفائقة والعزيمة التي اتسمت بها العملية العسكرية التي نفذتها فصائل المعارضة السورية ضد الرئيس المخلوع بشار الأسد.
- تحذير لإسرائيل
وأشار الوزير التركي إلى أنهم أبلغوا إسرائيل بضرورة الابتعاد عن استفزازاتها باحتلال أراضٍ في الجولان السوري، وخطورة هذه الاستراتيجية.
ولفت إلى أن إسرائيل طورت استراتيجية تهدف إلى تدمير القدرات والإمكانات التي تمتلكها الإدارة السورية الجديدة.
فيدان، حذّر إسرائيل قائلاً: "أعتقد أن هذه الاستراتيجية خطيرة للغاية، وقد تؤدي إلى استفزازات كبيرة. يبدو أنهم (الإسرائيليون) يتجاهلون هذا الخطر، فالأمور قد لا تسير بسلاسة كما يظنون".
وأضاف: "من أجل هذا أبلغناهم بوضوح وقلنا لهم، توقفوا عن الاستفزازات، وتوقفوا عن قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة السورية".
وأشار إلى أن إسرائيل تريد فتح مجال في سوريا لشن عمليات جوية وبرية في "أي وقت ترغب به"، مبينا أنها "خطة عسكرية إسرائيلية".
من جهة أخرى، قال فيدان: "سوريا لديها حكومة وطنية لا تعترف بـ(واي بي جي) ولا غيره من القوى، وستستعيد سيادتها ووحدة ترابها".
وأوضح أنّه "لا أحد سيقبل أن يستخرج إرهابيو بي كي كي، القادمين من تركيا والعراق وإيران وأوروبا، النفط (في سوريا) وبيعه للعالم بواسطة مهربين عبر شمال العراق وتحقيق دخل من ذلك".
وأشار إلى أنّ هيئة تحرير الشام، تمكنت من قبل من إدارة شؤون 5 ملايين سوري في مناطق سيطرتها.
وقال: "في إدلب فقط، كان يوجد 4 ملايين من إخوتنا السوريين. واكتسبوا في السنوات الأربع والخمس الماضية في تقديم الخدمات الأساسية والبلدية والتعليم والمواصلات وغيرها".
وأكد وزير الخارجية التركي، ثقته في قدرة الإدارة السورية وشعبها على تهيئة الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين.
وأردف: "الجميع يرغب بالعودة إلى دياره، ومع تحسن الأوضاع هناك، ومع شعور الناس باستمرار هذا التحسن، أؤمن بأن عدد العائدين سيزداد بالتأكيد".
- دعم الإدارة الجديدة في دمشق
الوزير التركي أوضح أن هدفهم في المرحلة الجديدة بسوريا هو "إقناع المجتمع الدولي والجهات الإقليمية الفاعلة بحماية الشعب السوري ودعم الإدارة الجديدة في دمشق، والتعاون من أجل إعادة الاستقرار إلى سوريا مجددا".
وأكد ضرورة عدم تحوّل سوريا إلى ساحة للصراع على السلطة والنفوذ مجددا، مبينا أن تركيا تتصرف بحساسية بالغة في هذا الخصوص.
ووصف فيدان الملف السوري بأنه "معقدة ومتعددة الجوانب"، لافتا إلى أن تركيا حاولت إدارة هذه الأزمة مع شركائها الدوليين والمحليين من خلال تطوير كافة "الأدوات الفعالة".
وأفاد بأن نية وسياسة تركيا بخصوص الشأن السوري كانت تتركز على نقطة واحدة دوما، وهي "ضمان رفاهية ورخاء الشعب السوري".
في الوقت نفسه، شعرت تركيا – بحسب فيدان – في بعض الأحيان بـ "التشاؤم" ولو للحظات، مستشهدا على ذلك بسقوط حلب في قبضة النظام عام 2016، وتعرض بعض المناطق السورية للحصار من قبل قوات الأسد.
وأشار إلى تواصل تركيا الدائم بشأن الملف السوري مع أطراف أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة وإيران.
- الجيش الوطني السوري
وبالحديث عن الجيش الوطني السوري، أشاد فيدان بقدرة شعب سوريا على تنظيم نفسه، مستشهدا على كلامه ببدايات اندلاع الأحداث وتأسيس السوريين لـ "الجيش السوري الحر" الذي كان نواة الجيش الوطني السوري.
وأضاف أن السنوات التالية لاندلاع الأحداث السورية، شهدت تغييرات في استراتيجية الولايات المتحدة ومعها بعض الأطراف الإقليمية والأوروبية، فيما يتعلق بالملف السوري، وتمثل ذلك في التركيز على مكافحة تنظيم "داعش" بدلا من دعم المعارضة السورية.
وأوضح فيدان أن هذا التغير في استراتيجية واشنطن والأطراف التي كانت تتحرك معها، أسفر عن "مشاكل جيو استراتيجية لا يمكن تخيلها بالنسبة لهم، وقد امتدت آثارها إلى مناطق أخرى".
وأكد أن أنقرة حذرت تلك الدول والأطراف حينها من ردود الفعل الروسية على الخطوات التي يخطونها، وانتشار تداعيات ذلك على مناطق أخرى "وهذا ما حصل بالتحديد".
كذلك، أفاد فيدان أن تركيا كانت تتواصل مع المعارضة السورية في البدايات، من خلال جهاز الاستخبارات.
وأوضح أن "أعوان الإمبريالية داخل تركيا وتنظيم غولن الإرهابي، كانوا يدركون هذا، لذا حاولوا تصوير شاحنات المساعدات التي أرسلتها الاستخبارات التركية لتركمان سوريا، على أنها أسلحة مقدمة لتنظيم داعش".
وشدد على أن القضية السورية ليست مجرد مسألة تُحسم في الساحة السورية فقط، بل "يتم خوض نضال فعلي وسياسي بشأنها داخل تركيا أيضا".
- "تركيا كانت ترى بداية سقوط نظام الأسد"
وقال الوزير فيدان إن أنقرة كانت ترى بدء مرحلة سقوط نظام الأسد حتى قبل تصاعد الأوضاع مؤخرا.
وأضاف أن تركيا ونظرا لرغبتها في رؤية سوريا تتمتع بسيادة وسلامة أراضيها، وتؤسس مستقبلا مشرقا لشعبها، لجأت إلى مد يدها لدمشق خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجه مرات عدة دعوات حوار لرئيس النظام المخلوع، لإيجاد حل للأزمة السورية، فيما أكد المسؤولون الأتراك مرارا على ذلك خلال لقاءاتهم مع نظرائهم الروس والإيرانيين.
ولفت إلى أن النظام "لم يكن في وضع يسمح له برؤية عيوبه، وكانت دوافعه لمواصلة الحرب عالية".
وتابع فيدان: "أتحدث هنا عن فترة ما بعد عام 2016، في بيئة لم تكن فيها حرب. تلك المرحلة كانت فرصة للنظام لرؤية عيوبه ونقائصه والعمل على تلافيها".
وحول أسباب عدم استجابة دمشق لدعوات أنقرة بشأن الحوار، قال فيدان إن "النظام كان ينظر إلى الشعب السوري على أنه عدو، لذا لم يرغب في الحوار مع تركيا".
كما أكد فيدان على أن النظام المخلوع لم يكن يملك في الوقت نفسه اتخاذ قراراته بنفسه.
وفي سياق الدعم الروسي والإيراني للنظام، قال الوزير التركي إن الأخير لم يحصل على الدعم المنشود من موسكو وطهران قبيل سقوطه، مما أظهر ضعف وهشاشة جيشه.
كما أشار إلى سرعة تقدم الفصائل السورية على حساب جيش النظام، وسيطرتها على حلب دون مقاومة تذكر.
وأضاف أن الروس والإيرانيون أدركوا أنهم كانوا "يستثمرون في الشخص الخاطئ، وأن الظروف الإقليمية لم تعد كما كانت من قبل"، مردفا: "كان من المهم جدا عدم دخولهم في المعادلة العسكرية بسوريا خلال الاشتباكات الأخيرة".
- المخاوف المتعلقة بـ "هيئة تحرير الشام"
وحول بعض المخاوف المتعلقة بـ "هيئة تحرير الشام"، قال فيدان إن "هذا أمر طبيعي للغاية"، مشددا على ضرورة إزالة هذه المخاوف.
وفي إطار إزالة هذه المخاوف، قال فيدان إنه تواصل مع وزراء خارجية دول عربية، مبينا أن "العالم بات متقبلا للمعايير والمحددات التي وضعتها تركيا بهذا الشأن".
وأكد أن هناك رغبة برؤية سوريا لا يوجد فيها إرهاب، ولا تحظى فيها التنظيمات الإرهابية مثل "واي بي جي/ بي كي كي" و"داعش" بالدعم، ولا تتعرض الأقليات لسوء المعاملة، بل ويتم تلبية متطلباتهم الأساسية.
"وسوريا لا يشعر أحد فيها بالحاجة للتعامل مع أسلحة الدمار الشامل، وبلد لا يشكل أي خطر وتهديد للمنطقة، وفي الوقت نفسه يتم ضمان وحدة البلاد وسلامة أراضيها"، أضاف فيدان.
وأوضح أنهم أبلغوا الإدارة الجديدة في دمشق بهذه "المخاوف"، وأنهم ينتظرون منها اتخاذ المواقف والخطوات اللازمة لإزالتها.
ودعا فيدان دول المنطقة إلى "احتضان القضية السورية معًا، على عكس قضايا أخرى، لإنهائها بشكل بناء، وبطريقة جيدة وبنهاية سعيدة، بحيث تكون جميع الدول لديها جهد مشترك بهذا الخصوص".
وأوضح أن روسيا بدأت بسحب عناصرها المتمركزين في مناطق واسعة بسوريا إلى قواعدها هناك، وأنه من المحتمل أن تبدأ بنقل معداتها إلى روسيا جوا بعد الآن.
وأردف: "لكن لاحقا كيف سيتطور الأمر سنناقش ذلك على المدى القريب والمتوسط، وسنتابعه عن كثب".
وفيما يخص الهجمات الإسرائيلية على سوريا، أكد فيدان أن نظام الأسد لم يستخدم قدراته العسكرية ضد إسرائيل أبدا.
- "واي بي جي" الإرهابي
وحول تنظيم "واي بي جي/ بي كي كي" الإرهابي، قال فيدان إن تركيا والولايات المتحدة كانتا في موقفين متعارضين تماما بخصوص التنظيم.
وأضاف: "هذه قضية وجودية تتعلق بأمننا القومي، لذلك نحن دولة أخذت هذه القضية بأعلى قدر ممكن من الجدية".
وأردف "لقد استخدمنا الأدوات العملياتية في الميدان والأدوات الدبلوماسية على الطاولة بكل جدية. والآن لا يزال موقفنا كما هو دون أي تغيير".
وأشار إلى أن المعارضة السورية تقاتل النظام منذ سنوات طويلة، وتعرضت لظلم وخسائر لا تصدق، إلا أنها استعادت سوريا الآن، وبطبيعة الحال، سوف يتخذون الخطوات اللازمة لضمان سلامة البلاد.
وأضاف: "نعتقد أن تنظيم واي بي جي لن يكون قادرا بعد الآن على إيجاد أرضية كبيرة في سوريا نتيجة للخطوات التي ستتخذها الإدارة في دمشق لضمان سلامتها الوطنية والإقليمية".
وأكد أن القضاء على تنظيم "واي بي جي" الإرهابي هو هدف استراتيجي بالنسبة لأنقرة، قائلا: "بعبارة أخرى، إما أن يحل نفسه أو يتم القضاء عليه".
وأوضح: "بالطبع، هناك محددات معينة، وأعتقد أنه سيكون من المفيد التعبير عنها. أولا، رغم أن وسائلنا وإمكانياتنا قادرة على القضاء على التنظيم، فإننا سننتظر أولاً الخطوات التي سيتخذها الأشقاء في سوريا للقضاء على هذا التهديد من خلال اتخاذ خطوات تضمن سلامة أراضيهم ووحدتهم الوطنية".
وأضاف "من ناحية أخرى، بينما يتم القضاء على تنظيم واي بي جي، ينبغي ألا يتعرض الأكراد الذين يعيشون في المدن العريقة في المنطقة منذ قرون طويلة للأذى، لأن القمع الذي مارسه التنظيم ضد العرب والأكراد واضح دائما، حيث يفرض سيطرته عليهم بإبقائهم تحت الضغط".
وشدد في المقام الأول على ضرورة أن يغادر مسلحو التنظيم الإرهابي غير السوريين الأراضي السورية في أقرب وقت.
وأردف: "في المرحلة الثانية، يجب على مستوى قيادة التنظيم بأكمله، بما في ذلك أولئك السوريون، مغادرة البلاد".
ولفت إلى ضرورة أن تقوم العناصر ممن لا تنتمي لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي بإلقاء السلاح والعودة إلى حياتهم الطبيعية في سوريا بالاتفاق مع الإدارة الجديدة.
وأشار إلى أن الغرب جعل من تنظيم "واي بي جي" حارسا على تنظيم "داعش" الإرهابي، لافتا إلى ضرورة أن تقوم الدول الغربية بتسلم مواطنيها المنخرطين في داعش.
وأوضح أن تنظيم "بي كي كي" يبتز الدول الغربية من خلال عناصر "داعش"، الأمر الذي أدى إلى قيام الأمريكيين والأوروبيين بالتغاضي عن التنظيم بل ومناشدة تركيا عدم تنفيذ عمليات ضد "واي بي جي"، وأضاف: "لكن في الحقيقة ما يقوم به التنظيم ليس مكافحة داعش، إنما حراسة معتقلي داعش".
وشدد على أن سوريا باتت لاعبا دوليا مستقلا، وأنها لن تعترف بتنظيم "واي بي جي" الإرهابي.
- عودة اللاجئين
وردا على سؤال حول عودة اللاجئين السوريين، أعرب فيدان عن "ثقته بالفطرة السليمة لأشقائنا السوريين والإدارة الجديدة في سوريا، بالطبع يريد الجميع العودة إلى وطنهم حيث ينتمون، ومع تحسن الظروف هناك أعتقد أن عمليات العودة ستزداد".
وأضاف "أعتقد أن أشقائنا السوريين، الذين أسسوا حياة جديدة في تركيا، سيغيرون نظام الحياة هذا تدريجيا، وليس بشكل فجائي، وسيتخذون خطوات جديدة نحو تأسيس حياة مختلفة مجددا في سوريا".
يتبع///