- خرج من سجون نظام الأسد فاقدا للذاكرة عقب اعتقال دام 40 عاما - اعتقد أنه مواطن أردني يدعى أسامة البطاينة اختفى في سوريا عام 1986 - عاد إلى الأردن وسط فرحة عائلة البطاينة بتحريره - عقب إجراء تحليل الحمض النووي اكتشف أنه ليس من العائلة - ما زال البحث جاريا لجمعه بعائلته الحقيقية مع تلقيه العلاج نتيجة التعذيب
عقب فرحة عائلة البطاينة الأردنية بعودة نجلها من سجون نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد رغم فقدانه الذاكرة بسبب ما تعرض له من تعذيب إلا أن الفرحة لم تكتمل حيث اتضح أنه ليس ابنها بعد إجراء فحوصات الحمض النووي "DNA".
وكانت قصة هذا الشخص انتشرت في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كلنار في الهشيم بعد الساعات الأولى من اقتحام قوات المعارضة السورية لسجن "صيدنايا" قرب العاصمة دمشق.
فاقد للذاكرة
وتداول ناشطون سوريون مقطعا مصورا لشخص يجلس في ساحة المجلس الأموي بحالة يرثى لها.
ذلك الشخص بحسب ما ظهر من المحيطين به هو أردني فاقد للذاكرة ومعتقل من 40 عاما، لا يذكر من حياته التي دمرتها أساليب التعذيب لنظام الأسد إلا كلمة إربد وهي محافظة شمال المملكة، وجمال عبد الناصر رئيس مصر (1967- 1970).
تلك المعطيات دفعت بالكثيرين إلى التخمين بأنه مواطن اختفى في سوريا عام 1986 من عائلة البطاينة، وهو ما أكدته وزارة الخارجية في تصريحاتها عندما قالت على لسان متحدثها سفيان القضاة بأن "المواطن هو أسامة بشير حسن البطاينة، من مواليد محافظة إربد (شمال) 1968".
والثلاثاء، أعلن متحدث وزارة الخارجية الأردنية سفيان القضاة، استعادة مواطن "فاقد للذاكرة" اعتقله النظام السوري المنهار قبل 38 عاما بلا تهمة.
وقال القضاة للأناضول: "بعد أن ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بقصته، تواصلنا بالأمس (الاثنين) مع والده وأخذنا كل المعلومات اللازمة".
وأضاف: "بحمد الله وصل السجين أسامه البطاينة إلى معبر جابر الحدودي (مع سوريا)، وقد أبلغت والده بذلك صباح اليوم (الثلاثاء) مبكرا بالهاتف"، مبينا أن رجال الأمن العام سلموه إلى والده.
شخص مختلف
أضاع جبروت نظام بشار الأسد وقسوة تعذيبه أمل عائلة البطاينة بعيش ما تبقى من أيام العمر بصحبة ابنهم المفرج عنه من سجون الذل والقهر، فبعد أن ذرفوا دموع الحنين والاشتياق ولوعة العناق، أظهر الفحوصات الطبية عكس ذلك.
والأربعاء، نشر وزير العمل الأردني الأسبق نضال البطاينة على حسابه في فيسبوك، بأن الشخص المذكور ليس أسامة بشير البطاينة.
وقال: "نتيجة مطابقة ال DNA للشخص الذي تم تداول مقاطع فيديو له - بعد تحريره من سجن صيدنايا بدمشق - على أنه ابننا أسامة بشير البطاينة، مع العينات التي تم أخذها من السيد بشير البطاينة وعدد من أفراد أسرته، قد أظهرت عدم التطابق، وعليه فإن الشخص ليس أسامة البطاينة قطعا".
ورغم ذلك إلا أن نضال البطاينة قال: "سوف نكمل علاج وتأهيل الشخص (الذي اعتقد أنه من العائلة)"، مشيرا إلى أن "عمليات البحث عن أهله مستمرة وسيكون بينهم بعون الله بالتنسيق مع الجهات الرسمية المختصة في أردن المؤسسات".
تلك المعلومة ضيعت فرحة عاشها والد المفقود المقصود، ليعاود العيش على أمل اللقاء بابنه أسامة الذي ما زال يكتنفه مصير مجهول كغيره من آلاف المعتقلين في سجون نظام الأسد.
ويبقى الشخص المفرج عنه كغيره من الذين تم تحريرهم من سجون نظام الأسد شاهد حي على حجم وحشية النظام المخلوع، الذي لم يفرق بين جنسيات المعتقلين وأعمارهم، بل كان كل هدفه التعذيب والتنكيل بغية الحفاظ على كرسي أطاح به التوق للحرية.
وكشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن أسماء 236 معتقلا أردنيا في السجون السورية، معظمهم في سجن صيدنايا، كانوا في السابق ضمن قائمة المفقودين.
سجن صيدنايا
ويُعرف سجن صيدنايا العسكري بأنه المكان الذي كان يحتجز ويعذب فيه المتظاهرون المناهضون للنظام بعد اعتقالهم.
وبحسب بيانات جمعتها الأناضول من مصادر مفتوحة بشأن التعذيب والإعدامات التي شهدتها صيدنايا، فإن هناك مركزين للاعتقال في حرم السجن، هما "المبنى الأبيض" و"المبنى الأحمر".
وتظهر تقارير منظمات دولية أن نظام الأسد نفذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء من خلال "الإعدام الجماعي" في صيدنايا.
وتعمد إبقاء معتقليه في ظروف غير إنسانية، وحرمانهم بصورة منهجية من الغذاء والماء والدواء.
وفجر 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، دخلت فصائل المعارضة السورية العاصمة دمشق وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وحكم بشار الأسد سوريا لمدة 24 عاما منذ يوليو/ تموز 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد (1970-2000)، وفر من البلاد هو وعائلته إلى روسيا التي أعلنت منحهم اللجوء لما اعتبرتها "أسبابا إنسانية".