انتقد الكاتب والصحفي اليمني البريطاني أنور العنسي بشدة الطريقة التي تعامل بها الإعلام الغربي مع العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، واصفًا إياه بأنه كشف بشكل فج عن سلبيات عميقة كانت موجودة مسبقًا، لكنها ظهرت بوضوح خلال هذه الأحداث.
جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول في إسطنبول، تناول فيها العنسي تحليله لأداء الإعلام الغربي في تغطية المجازر الإسرائيلية المستمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مستندًا إلى خبرته الطويلة في العمل بالإعلام البريطاني.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
ازدواجية معايير
العنسي تطرق إلى تحيز الإعلام الغربي وازدواجية معاييره بالقول "لا أرى أن الإعلام في الغرب مثالي أو محايد كما يحاول أن يدعي دائما، فقط لاحظنا تحيزا في تغطيته".
وأضاف "مثلا لما جرى في غزة أو لبنان كان منحازا بشكل فاضح وواضح إلى جانب إسرائيل تحت شعار أنها تدافع عن نفسها، ولا يتحدث بنفس الطريقة عن حق الفلسطينيين واللبنانيين في الدفاع عن أنفسهم".
وأكد "هناك طبعا مؤيدون كثر في الإعلام الغربي لإسرائيل وليس في بريطانيا فقط، لكن في معظم دول أوروبا والولايات المتحدة على وجه التحديد، لدي الكثير من الملاحظات والتحفظات على ما شاهدته وتابعته كصحفي وكمراقب".
وأوضح "لا يتسع المجال لذكرها كاملا ولكن أستطيع أن أقول بضمير مطمئن وصريح العبارة أن الإعلام الغربي لم يكن محايدا حتى وإن حاول الادعاء بذلك".
قيود على الصحفيين
وفيما يخص القيود المفروضة على الصحفيين قال الكاتب "كانت هناك قيود فرضت من قبل بعض المؤسسات الإعلامية الغربية وليس كلها وطلبت من الصحفيين بالذات وبقية الموظفين لديها سواء كانوا عربا مسلمين أو يهودا ضبط النفس وعدم محاولة استفزاز بعضهما البعض".
وأردف "عملت ذلك من أجل أن تتمكن هذه المؤسسات من أداء رسالتها يعني في الحدود التي تراها جيدة وفيها متابعة، لكن مع ذلك كانت تحدث أحيانا مماحكات بين الزملاء العرب والمسلمين من جانب، واليهود وغير اليهود المؤيدين لإسرائيل من جانب آخر".
ومع ذلك، أشار إلى أن التحيز أحيانًا كان يؤثر على التغطية، ويحد من قدرة الصحفيين على التعبير بشكل مهني ومتوازن.
وأشار إلى أن هذه القيود "كشفت عن جوانب سلبية عديدة في الإعلام الغربي كانت موجودة منذ زمن، لكنها ظهرت بشكل فج ومكشوف خلال حرب غزة ولبنان".
ولفت أن تحيز وسائل الإعلام تلك "كان يؤثر على التغطية، وعلى طريقة استقاء المعلومة والتعبير عنها بشكل مهني واحترافي ينسجم مع المبادئ التي تقول هذه المؤسسات أنها تلتزم بها".
وشدد "أعود وأقول الحرب التي جرت في غزة كشفت عن جوانب سلبية عديدة في الإعلام الغربي كانت موجودة منذ زمن، لكنها ظهرت بشكل فج ومكشوف خلال حرب غزة ولبنان".
قيود على الإعلام
وعن القيود المفروضة على الإعلام أوضح العنسي "الإعلام الغربي ولا أتكلم عن كل الإعلام، أنا أتكلم عن الإعلام الذي تعاملت معه، يعاني من قيود على الحركة".
وأكمل "في حالات الحروب أو حتى غير الحروب لا يتاح للصحافة أن تصل إلى مسرح الجريمة إلا بعد أن يكون قد تم تنظيفه، هذا إن سمحت، ولكنها في الغالب لا تسمح".
وأوضح "رأيت مثلا كيف أقدمت إسرائيل على إغلاق مكاتب قناة الجزيرة واستهداف الطواقم الصحفية في غزة وفي جنوب لبنان، وفي رأيي أن ردة فعل هذه المؤسسات الغربية على ما كنا نشاهده من فظائع، وحتى من استهداف الصحفيين والمسعفين ورجال الإغاثة لم تكن متناسبة مع ما يحدث".
وفي مايو / أيار الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على منصة إكس، إن حكومته قررت بالإجماع إغلاق مكاتب الجزيرة التي وصفها بقناة التحريض، وهو ما أثار انتقادات واسعة من مؤسسات أممية وحقوقية.
كما أدت الاستهدافات الإسرائيلية المباشرة ضد الصحفيين في غزة ولبنان إلى مقتل ما لا يقل عن 195 صحفيا، منهم 190 في غزة لوحدها.
تقليد أعمى
وانتقد العنسي بعض المؤسسات الإعلامية العربية، واصفًا إياها بأنها تقلد الإعلام الغربي بشكل أعمى ودون دراسة واعية، مشيرًا إلى أن ذلك يؤدي أحيانًا إلى تطرف في الطرح ومبالغة في الاتهامية.
وختم بالقول "كصحفي أو كمراقب عربي أستفيد من التباين الذي يحدث بين وسائل الإعلام الغربية، ووسائل الإعلام الممولة من روسيا أو من إيران أو من الصين أو غيرها، لأنها تعمل نوع من التوازن مع الرواية الغربية".