اعتبر الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، مساء الجمعة، أن حزبه حقق نصرا بالمواجهة الأخيرة مع إسرائيل يفوق ما تحقق في حرب تموز 2006، مؤكدا أن اتفاق وقف إطلاق النار تحقق من موقع قوة وتم تحت سقف السيادة اللبنانية.
جاء ذلك في كلمة مصورة تعد الأولى لقاسم منذ سريان وقف إطلاق النار مع إسرائيل فجر الأربعاء الماضي، شدد خلالها كذلك على أن حزبه سينسق بشكل عال مع الجيش اللبناني لتنفيذ الاتفاق، وسيواصل دعمه لفلسطين بطرق وأشكال مختلفة.
وقال قاسم في كلمته التي تابعها مراسل الأناضول، إن "العدوان (الإسرائيلي) الذي أخذ شكل الحرب الشاملة على لبنان بدأ منذ 64 يوما (أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي)، ووضع العدو أهدافا له هي: إبادة حزب الله، وإعادة سكان الشمال (الذين نزحوا بعد الاشتباكات مع حزب الله في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023)، وبناء شرق أوسط جديد".
وأضاف: "توقع الإسرائيلي أن ينجز أهدافه خلال وقت قصير بعد ضرب منظومة القيادة وإمكانات كانت موجودة لدينا جراء تفجيرات أجهزة الاتصال البيجر".
وشهد لبنان يومي 17 و18 سبتمبر الماضي موجتين من التفجيرات المتزامنة استهدفت الآلاف من أجهزة الاتصال المحمولة، وأبرزها "البيجر" التي يستخدمها عناصر "حزب الله" وجهات أخرى، ما أسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى.
واعتبر قاسم أن "حزب الله استطاع الوقوف صامدا على الجبهة (بعد تلك التفجيرات)، وبدأ ضرب الجبهة الداخلية للعدو، ما جعله في حالة دفاعية مهمة".
وتابع: "صمود المقاومين الأسطوري أذهل العالم، وأرعب الإسرائيلي، وأدخل اليأس عند العدو".
وذكر قاسم كذلك أن "العدو الإسرائيلي راهن على الفتنة الداخلية مع المضيفين (الحاضنة الشعبية للحزب)، وهذه المراهنة كانت فاشلة بسبب التعاون بين الطوائف والقوى" في لبنان.
ولفت إلى أنه خلال هذه الحرب "بات هناك مئات آلاف النازحين من الشمال (الإسرائيلي) بدل الـ70 ألف نازح"، الذين كانت تتحدث عنهم تل أبيب قبل الحرب.
وبناءً على ما سبق، قال قاسم: "نعلن أننا أمام انتصار كبير في معركة أولي البأس (الاسم الذي أطلقه "حزب الله" على الحرب مع إسرائيل)".
وأضاف: "هذا الانتصار يفوق الانتصار الذي تحقق في حرب (يوليو) تموز عام 2006، بسبب طول مدة المعركة، وشراستها، والتضحيات المبذولة خلالها".
وأردف موضحا أسباب إعلانه الانتصار: "انتصرنا لأننا منعنا الكيان الصهيوني من إنهاء وإضعاف المقاومة وتدمير حزب الله".
واعتبر أن "الهزيمة تحيط بالعدو الإسرائيلي من كل جانب".
** برنامج إجراءات تنفيذية
وبخصوص اتفاق وقف النار، قال قاسم إنه "ليس معاهدة، وليس اتفاقا جديدا يتطلب توقيعا من دول، بل عبارة عن برنامج إجراءات تنفيذية للقرار 1701".
وأوضح أن الاتفاق "يؤكد على خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلها، على أن ينتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني".
ويدعو القرار 1701 الصادر في 11 أغسطس/ آب 2006 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، آنذاك، وإنشاء منطقة خالية من السلاح والمسلحين بين الخط الأزرق (الفاصل بين الحدود) ونهر الليطاني جنوب لبنان، باستثناء القوات التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل".
وأكد قاسم أن حزبه "لم يرد الحرب من البداية، ولكن نتيجتها بإيقافها أردناها من موقع قوّتنا وتحت النار".
كما شدد على أن اتفاق وقف النار "تم تحت سقف السيادة اللبنانية، ووافقنا عليه ونحن في الميدان، ورؤوسنا مرفوعة بحقنا في الدفاع".
وبشأن تعامل حزبه مع الاتفاق، أكد قاسم أن "التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى ليتم تنفيذ الاتفاق".
وأضاف: "نظرتنا للجيش اللبناني هي أنه جيش وطني قيادة وأفرادا، وسينتشر (في الجنوب) في وطنه ووطننا".
** دعمنا لفلسطين لن يتوقف
وفي رده على ما تقوله إسرائيل بشأن تمكنها عبر الاتفاق الحالي من فصل دعم وإسناد "حزب الله" لغزة، قال قاسم متعهدا: "دعمنا لفلسطين لن يتوقف وسيكون بأشكال وطرق مختلفة"، دون تقديم تفاصيل في هذا الخصوص.
وفجر الأربعاء، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" أنهى قصفا متبادلا بدأ في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ثم تحول إلى حرب واسعة في الشهرين الأخيرين.
ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل "حزب الله"، وفق وثيقة حصلت عليها الأناضول من رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، انسحاب إسرائيل تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش والأمن اللبنانية على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.
وسيكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في جنوب لبنان، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، وإنشاء لجنة للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.
وحتى الساعة، لا تتوفر تفاصيل رسمية بشأن آليات تنفيذ بنود الاتفاق التي ستعمل واشنطن وباريس على ضمان الوفاء بها.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 3 آلاف و961 قتيلا و16 ألفا و520 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق بيانات رسمية لبنانية.