فوجئ الفلسطينيون بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، بمشاهد الدمار الواسع الذي خلفه الجيش الإسرائيلي عقب انسحابه منه بعد توغل بري دام لساعات.
وفي ساعات متأخرة من مساء الخميس، توغل الجيش الإسرائيلي بشكل محدود بمخيم النصيرات المكتظ بالنازحين ويؤوي مئات الآلاف منهم، دون سابق إنذار، وفق ما أفاد به شهود عيان للأناضول.
وسبق هذا التوغل، قصف جوي ومدفعي مكثف لمناطق مختلفة من المخيم وسط إطلاق نار من الطائرات المسيرة من نوع "كواد كابتر".
ورصدت عدسة الأناضول، دمارا واسعا طال البنى التحتية في المخيم ومنازل وممتلكات المواطنين.
كما وثقت آثار التجريف الذي أجراه الجيش الإسرائيلي بشوارع وطرقات المخيم ما أعاق عملية الحركة خاصة لنقل جثامين الشهداء.
وعثر الفلسطينيون، أثناء تفقدهم للأضرار التي طالت ممتلكاتهم، على مخلفات عسكرية وغذائية للجيش الإسرائيلي.
كما أنشأ الجيش خلال ساعات توغله سواتر رميلة في الطرقات وداخل بعض المنازل التي استخدمها لأغراض عسكرية وإطلاق النيران، وفق مراسل الأناضول.
وأسفرت العملية العسكرية عن سقوط قتلى وجرحى بصفوف المدنيين الفلسطينيين فيما لم يصدر معلومات رسمية عن أعدادهم.
** دون إنذار
قال فلسطينيون في مخيم النصيرات، إن الجيش الإسرائيلي توغل في المخيم دون إنذار بالإخلاء.
وتابعوا، في حوارات منفصلة للأناضول، إنهم لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم والنجاة بأرواحهم.
وأفادوا بأن الجيش كان يستهدف عبر طائرات كواد كابتر وبالقصف أي حركة داخل المنازل وفي الشوارع.
وكما أشاروا إلى أن الجيش قصف بشكل عشوائي منازل المواطنين المأهولة بالسكان.
ووصفوا الليلة الماضية بـ"المخيفة والكارثية" خاصة وأن التوغل حدث دون إنذار.
وفي مشهد قاسٍ، وثقت عدسة الأناضول صور نقل جثمان أحد القتلى على عربة تجرها حمار وذلك لعدم توفر بديل آخر.
وبالعادة، يبدأ الجيش الإسرائيلي عمليات التوغل البرية بقصف جوي ومدفعي مكثف ليتبعها بعد ساعات بنشر بيان أو إلقاء منشورات على المنطقة التي يتوغل بها يطالب سكانها بالإخلاء القسري.
ويتواصل القصف العنيف والمكثف على مخيم النصيرات وسط القطاع رغم انسحاب الجيش.
ويأتي ذلك في ظل تحليق الطائرات الإسرائيلية المسيرة على ارتفاعات منخفضة.
** أوضاع صعبة
أحد شهود العيان، يقول للأناضول، إن العملية العسكرية للجيش بدأت مصحوبة بغطاء ناري كثيف.
وأفاد بأن الجيش قتل على مقربة من منزله فلسطينيين اثنين حيث لم يتمكن من إسعافهما بسبب خطورة الأوضاع وهذا بدوره ما أعاق أيضا وصول مركبات الإسعاف التي وصلت بعد ساعتين، وفق قوله.
وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي تسبب باحتراق محل تجاري قريب من مكان سكنه.
** قصف منزل مأهول
بدوره، يقول الفلسطيني أحمد حمدان إن الجيش الإسرائيلي استهدف منزل عائلته بالمخيم والذي كان يضم والده ووالدته وشقيقته.
وتابع للأناضول، إن مع بداية التوغل هرع لجلب سيارة إسعاف كي تساعده في إجلاء والده الذي يعجز عن الحركة من منزله.
وأشار إلى أن الإسعاف رفض الاستجابة لخطورة الأوضاع حيث "تم استهداف مركبة تتبع لهم في المخيم"، وفق قوله.
وأثناء ذلك، توجه لمواساة عائلة فقدت أحد أفرادها جراء القصف الإسرائيلي والمشاركة في دفنه، وفق قوله.
وتابع: "تلقيت بعد ذلك اتصال أنه تم استهداف منزلي وبداخله والدي ووالدتي وشقيقتي".
ولم يتمكن حمدان من انتشال أفراد عائلته من تحت أنقاض المنزل المدمر إلا مع ساعات الصباح عقب الانسحاب الإسرائيلي فيما ما زالت أعمال البحث جارية عن شقيقته "سماح".
من جانبه، قال إياد حمدان، أحد أقارب القتلى، إن "المنزل يضم مدنيين فقط ولا يوجد فيه أي شبهة لأي نشاط عسكري".
وأضاف للأناضول "لم يتم إنذار السكان كما لم يتم إنذار المخيم بالإخلاء".
وطالب العالم بالتحرك ووقف حرب الإبادة الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين.
ومساء الخميس، وثقت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على مواقع التواصل إطلاق نيران مكثف في النصيرات ما أعاق حركة مركبات الإسعاف والمواطنين.
وعلى منصة "فيس بوك"، قالت الفلسطينية مريم قوش على صفحتها "نحن في مخيم النصيرات، نعيش الآن أهوال القيامة كلها".
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.