قال وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام، الجمعة، إن الخسائر التي طالت القطاعات الأساسية بكافة الأراضي اللبنانية جراء العدوان الإسرائيلي تراوح بين 15 إلى 20 مليار دولار، وفق التقديرات الأولية.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع سلام، بعد بدء سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله" فجر الأربعاء، أنهى قصفا متبادلا بدأ في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ثم تحول إلى حرب واسعة في الشهرين الأخيرين.
ومنذ وقف القتال يتدفق النازحون بكثافة من أماكن متفرقة في لبنان عائدين إلى منازلهم في الجنوب، بعد أن تسبب عدوان إسرائيل في نزوح نحو مليون و400 ألف شخص في أرجاء البلاد.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 3 آلاف و961 قتيلا و16 ألفا و520 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفق بيانات رسمية.
وأوضح سلام أن التقديرات اللبنانية قبل توسع العدوان الإسرائيلي في 17 سبتمبر الماضي كانت تشير إلى خسائر بنحو 10 مليارات دولار بالقطاعات الأساسية وخاصة السياحية والزراعية.
وبعد تصعيد العدوان الإسرائيلي، قال سلام إن حوالي 500 ألف لبناني فقدوا أعمالهم نتيجة نزوح نحو مليون ونصف مواطن، علاوة على تدمير بنى تحتية ومؤسسات تجارية كثيرة وشلل كامل في القطاع السياحي.
ووفق تقديرات أولية، ذكر الوزير أن خسائر الاقتصاد جراء العدوان الإسرائيلي راوح بين 15 إلى 20 مليار دولار، موضحا أن هذه الأرقام قد تتغير بعد وقف إطلاق النار وإجراء المسح الميداني لقرى ومدن الجنوب والبقاع (شرق) وبيروت وضاحيتها الجنوبية.
وأضاف: "خلال العدوان كانت الخسائر ترتفع كلما ارتفعت شدة القصف، ولم نستطع وقتها استكمال المسوح الميدانية، حيث كانت الخسائر تقدر بمئات ملايين الدولار يوميا جراء الدمار أو تعطيل الحركة الاقتصادية".
** إعادة الإعمار
وعن استراتيجية لبنان لإعادة إعمار المناطق المتضررة وتعزيز النمو الاقتصادي مجددا، قال: "بعد وقف إطلاق النار الأهم هو إعادة انتظام عمل الدولة التي تحتاج لتأمين 15 أو 20 مليار دولار لإعادة إعمار البلد واقتصاده وهذا يحتاج لتكاتف ودعم دولي غير مسبوق".
وذكر أنه بعد "حرب تموز 2006" كانت الأرقام والدمار أقل بكثير من الوضع الحالي، وعقدت آنذاك مؤتمرات دولية عدة حتى تدفقت الأموال إلى لبنان لإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد.
وأضاف: "اليوم الظروف مختلفة عن 2006، لأن المطلوب من المجتمع الدولي إعادة انتظام العمل المؤسسي بالبلد في والمقدمة انتخاب رئيس جمهورية وهو أمر مهم لعكس الثقة للمجتمع الدولي".
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022، فشل البرلمان اللبناني خلال عدة جلسات عقدها في انتخاب رئيس جديد جراء خلافات بين الفرقاء السياسيين.
وشدد الوزير على "أهمية انتظام العمل المؤسسي في الدولة قبل عقد مؤتمرات دولية لمساعدة لبنان وتطبيق كل القوانين الدولية وعلى رأسها 1701 والقيام بعدد من الإصلاحات الاقتصادية".
ولفت إلى ضرورة "دعم الجيش اللبناني في هذه المرحلة بالذات وخاصة أنه المطالب بتنفيذ القرار الأممي 1701 والذي من شأنه تعزيز ثقة المجتمع الدولي، إذ أنه يحتاج إلى دعم وتمويل كبير ليقوم بواجباته".
وفي 11 أغسطس/ آب 2006 تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، بعد حرب استمرت 33 يوما بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.
** دعم الجيش
وبشأن انتشار الجيش اللبناني في القرى والبلدات لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، قال سلام:" لم يمر على الاتفاق سوى ساعات ولاحظنا تحركا ملفتا وإيجابيا لانتشار الجيش في مناطق الجنوب عندما استقبله المواطنون برش الرز على آلياته فرحا بقدومه".
وأضاف: "بغير دعم الجيش وإعادة المؤسسات، لن نستطيع الوصول إلى نتيجة مع المجتمع الدولي لدعم لبنان لأنه بات يعتبر أنه حان الوقت لأن يكون لبنان سيدا حرا ومستقلا".
وتابع: "بهذه الحالة تبسط الدولة سلطة الجيش على كافة الأراضي اللبنانية ليستطيع أن يفاوض ويحاور ويجد مكانا على الطاولة في المرحلة القادمة من الصفقة التي تعقد في كل منطقة الشرق الأوسط".
والخميس، باشر الجيش اللبناني بتنفيذ مهامه بفتح الطرقات وتأمين الحواجز وتفجير الذخائر غير المنفجرة بالجنوب والبقاع (شرق) وضاحية بيروت الجنوبية، وتعزيز انتشاره جنوب نهر الليطاني.
** مرحلة أولى
وفق سلام، فإن لبنان "يحتاج بالحد الأدنى إلى مبالغ تراوح بين 3 و5 مليارات دولار في المرحلة الأولى لانطلاق خطط إعادة الإعمار خلال الربع الأول من 2025، بما في ذلك دعم الجيش وأمور الطوارئ المتعلقة بإعادة النازحين إلى قراهم ومدنهم وخلق حركة اقتصادية في البلد".
وردا على سؤال حول إمكانية الحكومة القيام بخطط إعادة الإعمار الأولية، قال: "الحكومة الحالية لا تستطيع، فهي استنفدت كل قواها السياسية وبذلت جهودا كبيرة رغم أنها حكومة تصريف أعمال لا تملك صلاحيات واسعة".
وأضاف: "رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) يقوم بجهد استثنائي لا سيما عندما يقوم بجولات خارج البلاد لفتح نافذة الدعم للبنان".
وتابع: "لدي معلومات بعدم وجود دعم كبير وأساسي لإعادة إنقاذ لبنان قبل الذهاب إلى انتخاب رئيس جمهورية وحكومة جديدة".
** خطر ماثل
وردا على فرص صمود اتفاق وقف إطلاق النار، قال إنه "يجب أن نكون حذرين وحكيمين للغاية لأن الأشهر المقبلة خطيرة وبالغة الأهمية، وإذا نجحنا في تحقيق فترة سلمية فسوف نتمكن من تجنب أي تصعيد من الجانب الإسرائيلي".
وأوضح سلام أن لبنان "عانى طوال فترة العدوان من نوايا إسرائيل وأفعالها السيئة للذهاب إلى مزيد من التصعيد وتوسيع الحرب".
وشدد على ضرورة أن "يكون لبنان أكثر حكمة، وأن نكون أكثر حرصاً على عدم إعطاء أي ذريعة لإسرائيل لخرق وقف إطلاق النار وإعادة الحرب إلى المشهد مرة أخرى".
وأضاف: "الخطر ماثل، ولهذا السبب أقول إننا لابد أن نكون حذرين للغاية، وسوف تظل هذه الفكرة قائمة إلى أن يتحقق اتفاق إقليمي ويكون لبنان جزءًا منه، وعندها سيكون لدينا سلام دائم مع المنطقة بأكملها".
** دعم تركي
وأشاد الوزير بعمق علاقات بلاده مع تركيا "سواء على المستوى الشخصي أو السياسي، فمنذ تشكيل الحكومة الحالية كنا على تواصل دائم مع الرئيس رجب طيب أردوغان والمسؤولين الأتراك".
وقال سلام: "نحن دائما على تواصل ولم نلق سوى الدعم الأخوي الكامل عندما نطلب المساعدة بكل المراحل الصعبة التي مر بها لبنان".
ولفت إلى أن "هذا التسهيل والتنسيق الدائم بين الدولتين يعكس عمق العلاقات والمحبة بين الشعب والقيادة في لبنان والشعب والقيادة بتركيا، ونعول على هذا المستوى من العلاقات في المرحلة المقبلة".
وشدد الوزير على "أهمية أن تكون تركيا شريكا أساسيا بإعادة لبنان إلى وضعه الرائد ودعم اقتصاده والتعاون المشترك بين البلدين في كل المجالات".
ومنذ 2019، تخيّم على لبنان أزمة اقتصادية ومالية وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت الى انهيار مالي وتدهور معيشي وشح في الطاقة، وتفاقمت أكثر بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.